و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك أخبر سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمها في مقدوره كالشيء الذي يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته و هذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا لأنا نقول هذا في قبضة فلان و في يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه و إن لم يقبض عليه و كذا قوله «
و السماوات مطويات بيمينه» أي يطويها بقدرته كما يطوي الواحد منا الشيء المقدور له طيه بيمينه و ذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار و التحقيق للملك كما قال أو ما ملكت أيمانكم أي ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال و سائر الجسد و قيل معناه أنه محفوظات مصونات بقوته و اليمين القوة كما في قول الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
اما: الميزان في تفسير القرآن
قوله: «
و السموات مطويات بيمينه» يمين الشيء يده اليمنى و جانبه القوي و يكنى بها عن القدرة، و يستفاد من السياق أن محصل الجملتين أعني قوله: «
و الأرض جميعا قبضته يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه» تقطع الأسباب الأرضية و السماوية و سقوطها و ظهور أن لا مؤثر في الوجود إلا الله سبحانه.
أطلعوا يا مسلمون على أقوال أئمة الهدى ومصابيح الدجى من آل محمد صلى الله عليه وآله
في كيفية تنزيه الله تعالى عن التجسيم والتشبيه
مقاطع من خطب و ادعية أئمة الهدى عليهم السلام
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي، عن عبدالله بن قيس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: (بل يداه مبسوطتان) فقلت: له يدان هكذا، وأشرت بيدي إلى يده، فقال: لا، لو كان هكذا لكان مخلوقا
أول الدين معرفته, وكمال معرفته التصديق به, وكمال التصديق به توحيده, وكمال توحيده الاخلاص له, وكمال الاخلاص له نفى الصفات عنه
قال باب مدينة علم رسول الله امام المتقين وقائد الغر المحجلين ويعسوب الدين علي بن أ بي طالب عليه السلام: الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون, ولا يحصي نُعماءه العادّون, ولا يؤدّي حقّهُ المجتهدون , الذي لا يُدركهُ بُعد الهممْ, ولا ينالهُ غوصُ الفطنْ, الذي ليس لصفته حدّ محدود ولا نعتُ موجود ولا وقتُ معدودْ ولا أجلُ ممدودْ فمنْ وصف الله سبحانه فقدْ قرنه, ومن قرنه فقد ثنّاه ومنْ ثنّاه فقدْ جزّأه , ومن جزّأه فقد جهله, ومن جهله فقد أشار اليه , ومن أشار اليه فقد حدّهُ, ومن حدّهُ فقد عدّهُ , ومن قال فيم فقد ضمّنهُ, ومن قال علام فقد أخلى منه كائن لا عن حدث, موجود لا عن عدم , فاعل لا بمعنى الحركات والآله بصير اذ لا منظور اليه من خلقه
- عن محمد ابن زيد، قال: جئت إلى الرضا عليه السلام أسأله عن التوحيد، فأملي علي: الحمد لله فاطر الاشياء إنشاء ومبتدعها ابتداء بقدرته وحكمته، لامن شئ فيبطل الاختراع، ولا لعلة فلا يصح الابتداع، خلق ماشاء كيف شاء، متوحدا بذلك لاظهار حكمته وحقيقة ربوبيته، لاتضبطه العقول، ولاتبلغه الاوهام، ولاتدركه الابصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلت دونه الابصار، وضل فيه تصاريف - الصفات، احتجب بغير حجاب محجوب. واستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال
- عن الامام الصادق عليه السلام قال: لاجسم ولاصورة، وهو مجسم الاجسام، ومصور الصور، لم يتجزء، ولم يتناه. ولم يتزايد، ولم يتناقص، لو كان كما يقول لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق، ولابين المنشئ والمنشأ، لكن هو المنشئ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه إذ كان لايشبهه شئ ولايشبه هو شيئا سبحان من لايُحد، ولايوصف، ليس كمثله شئ وهو السميع العليم
ومن خطبة لعلي بن ابي طالب عليه السلام
يذكر فيها ابتداءَ خلق السماءِ والاََرض،
الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ. فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ،وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَأَرْضِهِأَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْديقُ بِهِ، وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الاِِْخْلاصُلَهُ، وَكَمَالُ الاِِْخْلاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيْرُ المَوْصُوفِ، وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ، فَمَنْ وَصَفَ اللهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ،وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ، وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، [وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أشَارَ إِلَيْهِ،] وَمَنْ أشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ قَالَ: «فِيمَ» فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَمَنْ قَالَ: «عَلاَمَ؟» فَقَدْ أَخْلَى مِنُهُ. كائِنٌ لاَ عَنْ حَدَثٍ مَوْجُودٌ لاَ عَنْ عَدَمٍ، مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لاَ بِمُقَارَنَةٍ، وَغَيْرُ كُلِّ شيءٍ لا بِمُزَايَلَةٍ فَاعِلٌ لا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَالاَْلةِ، بَصِيرٌ إذْ لاَ مَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ، مُتَوَحِّدٌ إذْ لاَ سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بهِ وَلاَ يَسْتوْحِشُ لِفَقْدِهِ.
بحث أخوكم أبو دعاء
تحياتي