|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 733
|
الإنتساب : Dec 2006
|
المشاركات : 105
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العام
الأثر الاجتماعي للصبر
بتاريخ : 16-04-2007 الساعة : 11:35 PM
إن موضوع الأثر الاجتماعي للصبر، وهو ما جسدته وقائع كربلاء في أروع الصور. فالصبر كما هو معلوم نوعان، صبر عن المعصية، وصبر على الطاعة. أما الصبر عن المعصية فيعني الارتداع عن المعاصي واجتنابها امتثالا لأوامر المولى عز وجل، وأما الصبر على الطاعة، وهو الصبر الأشد فهو كسر الميل النفسي لترك الطاعة أو الإتيان بها على غير وجهها الصحيح والمفترض كالصلاة في كسل أو عدم عناية على سبيل المثال لا الحصر، وإرغامها على طاعة المولى عز وجل كما أمر.
ففي هذه الملحمة، وبالتحديد في يوم العاشر من المحرم، نجد الكثير من الصور والمشاهد البالغة الروعة التي تجسد النوعين. فعلى صعيد الصبر عن المعصية، نجد على سبيل المثال رفض العباس عليه السلام لعرض بن زياد بالانضمام إلى معسكره ومحاربة الحسين عليه السلام مقابل الجاه والسلطان، وكذلك رفض حبيب وزهير وبقية الأنصار للرحيل ليلاً بعد أن طلب منهم الحسين عليه السلام ذلك وأحلهم من التزامهم بنصرته، وهما أبرز المشاهد في مقاومة النفس الأمارة بالسوء مقابل الحصول على رضا المولى عز وجل. أما على صعيد الصبر على الطاعة، فنرى موقف الحر بن يزيد الرياحي الذي كان أميراً في قومه وقائدا على رأس جيش وهو يرمي كل تلك المكانة خلفه لا خوفا من سيف مشهر على رقبته ولا طمعا في مال أو جاه يمكن أن يحصل عليه عند التحاقه بالحسين، حيث بعد أن جعجع بالحسين ومن معه عاد وفي اللحظات الأخيرة ليلتحق بركب الشهادة مع الحسين عليه السلام. ترك المال والجاه واختار القتل والاستشهاد بين يدي أبي عبدالله الحسين. وكذلك هو موقف حبيب بن مظاهر الأسدي الذي حاول بنو عمومته ثنيه عن اللحاق بالحسين لكنه تجشم عناء السفر لما سمع الداعي يدعيه للنصرة، فامتطى جواده وتوجه نحو كربلاء ليقتل فيها تاركا خلفه زوجة وعشيرة ومالاً وسيادة. ومثيل هذه المواقف ما يعجز القلم عن سرده وعده، ولكن يأتي في مقدمتها كلها موقفان للحسين عليه السلام يجب الوقوف عندهما، الأول حين طلب من أعدائه وقف القتال لأداء الصلاة وهو يعلم ما تكنه صدورهم من الكفر ورد على سائل سأله (أو في مثل هذا الوقت نصلي؟) فأجاب عليه السلام: (أوَ كنا نقاتلهم إلا لأجل الصلاة!!). والموقف الثاني عندما توجه في جولته الأخيرة في ظهر يوم العاشر من المحرم وهو يخاطب المولى العلي القدير قائلا:
تركت الخلق طرا في هواكَ وأيتمت العيال لكي أراكَ
فلو قطعتني في الحب إرباً لما مال الفؤاد إلى سواكَ
كم هي عظيمة تلك الكلمات، وكم هو عظيم قائلها.. كلمات تنم عن إيمان عميق ورح قدسية وتوطين للنفس وكبح لرغباتها في سبيل الحصول على الرضا الأعظم من الله عز وجل.
لذا، نرى كيف أن مثل هذا الصبر وحده قد فل من عزيمة الجيش المقابل، وكيف أن هذا الصبر وحده جعل الحسين وأنصاره بواسلا أشداء يضربون بسيف الله، وكيف أن هذا الصبر وحده جعل حتى قتلة الحسين وأنصاره يبكون على ما اقترفت أيديهم. والأهم من كل ذلك، نرى كيف أن هذا الصبر كان وقود تأجيج الثورة ضد الفساد اليزيدي، ودك عرش الظلم والطغيان وإعلاء كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بعد أن كاد يزيد أن يفلح في طمسها. هذا الصبر، كان المنار الذي تستقي منه زينب عليها السلام قوتها بعد أن هدَّ قواها ما رأت أمام عينيها من مشاهد قتل وسفك للدماء وحمل للرؤوس ورض لصدور أحبتها، لتضيفه إلى صبرها العظيم الذي لم يشهد التأريخ لا قبل كربلاء ولا بعدها مثله، فتقف أمام يزيد وجلاوزته وتقول: "كد كيدك واسع سعيك، فوالله لن تمحو ذكرنا".
رحم الله حسينا، ومن استشهد مع الحسين ومن أجله، ورحم الله من أحب حسيناً ونصره.. ورحمنا الله بحب الحسين سبط النبي الأكرم، عليه وآله الميامين وأصحابه الأخيار المنتجبين أفضل الصلاة وأزكى السلام..
|
|
|
|
|