يدعي المخالف أن بعض أئمتنا سلام الله عليهم سمى أبناءه بأسماء الخلفاء وهذا دليل على محبتهم
وللرد على ذلك نقول :
اولا :
ليست في التسمية أي دليل قطعي على المحبة والتأييد إلا مع تصريح المسمّي بذلك ، ولا يشترط أن يكون العرف آنذاك أن يسمي الناس أبنائهم بأسماء المحبوبين ، والأسماء ليست حكراً على أحد .و لم يكن في عصر الأئمة " عليهم السلام " في التسمية لحاظ الأشخاص ولم يتبادر إلى الأذهان في التسمية الأشخاص .. فلم يكن حينئذ بأس بالتسمية ، وهذا بخلاف زماننا حيث العرف عندنا صار لحاظ الأشخاص .
ثانيا :
هل كانت هذه الأسماء (أبو بكر وعمر وعثمان) منتشرة أم إنها كانت نادرة ؟
فلنراجع كتب التاريخ ومعاجم الصحابة وتراجمهم ولنرى هل كانت هذه الأسماء حكرا على الخلفاء أم إنها مشهورة معروفة ولنذكر أسماء الصحابة ونغض النظر عن أسماء الكفار والمشركين وغيرهم .
كنية أبي بكر :
1 ـ أبو بكر بن شعوب الليثي واسمه شداد
2 ـ أبو بكر (عبد الله بن الزبير)
الصحابة الذين كان اسمهم عمر :
1 ـ عمر اليماني
2 ـ عمر بن الحكم السلمي
3 ـ عمر بن سراقة (ممن شهد بدراً)
4 ـ عمر بن سعد (أبو كبشة الانماري)
5 ـ عمر بن سفيان بن عبد الأسد (ممن هاجر إلى الحبشة)
6 ـ عمر بن عمير بن عدي الأنصاري
7 ـ عمر بن عوف النخعي
8 ـ عمر بن يزيد الكعبي
9 ـ عمر بن عمرو الليثي
10 ـ عمر بن منسوب
11 ـ عمر بن لاحق
12 ـ عمر بن مالك
13 ـ عمر بن مالك القرشي الزهري (ابن عم والد سعد بن أبي الوقاص)
14 ـ عمر بن معاوية الغاضري
15 ـ عمر الأسلمي
16 ـ عمر بن أبي سلمة (ربيب النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» أمه أم سلمة)
17 ـ عمر الخثعمي
أسماء الصحابة ممن كان اسمهم عثمان :
1 ـ عثمان بن أبي الجهم الأسلمي
2 ـ عثمان بن حكيم
3 ـ عثمان بن حميد
4 ـ عثمان بن حنيف
5 ـ عثمان بن ربيعة بن اهبان (هاجر إلى الحبشة (
6 ـ عثمان بن ربيعة الثقفي
7 ـ عثمان بن سعيد بن أحمر الأنصاري
8 ـ عثمان بن شماس المخزومي
9 ـ عثمان بن طلحة بن أبي طلحة
10 ـ عثمان بن أبي العاص
11 ـ عثمان بن عمار (والد أبي بكر(
12 ـ عثمان بن عبد غنم الفهري (هاجر إلى الحبشة (
13 ـ عثمان بن عبيد الله التميمي
14 ـ عثمان بن عثمان الثقفي
15 ـ عثمان بن عمرو (شهد بدرا(
16 ـ عثمان بن مظعون (الصحابي الجليل الذي قبّله النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» وهو ميت .(
ثالثا :
إن التسمية بمجردها لا توجد فيها أيّ دلالة على حقانية أبي بكر وعمر وعثمان بالخلافة ، ولا يمكن أن تقف قبال الأدلة العلمية من قبيل حديث الغدير وحديث المنزلة وحديث (وهو ولي كل مؤمن من بعدي) والذي أنكره ابن تيمية بشدة لعلمه بمدلوله وصححه الألباني بسهولة ومرونة .
وفي الواقع لو رجعنا إلى العرف الاجتماعي والإنساني لرأينا أن العداوات والمشاكل بين الأفراد لا تمنع من أن يسمي الإنسان أحد أولاده باسم عدوه ونده مادام هذا الاسم من الأسماء ليس حكرا لأحد في المجتمع ، وكمثال على ذلك لو عاداني شخص في وقتنا المعاصر وكان اسمه محمّد أو أحمد الخ فإن هذا لا يمنع أن اسمي أحد أولادي بهذا الاسم بعد أن فرضنا إنه منتشر .
رابعا :
اذا كانت التسمية دليل المحبة
فهل لدى الخلفاء ابناء باسم ( علي والحسين والحسن وفاطمة )
لنرى هل كانو يحبونهم
خامسا :
ما رأيكم بأن الإمام زين العابدين عليه السلام سمى أحد أولاده باسم ( عبيد الله ) وهو اسم ألد أعدائه ابن زياد ، وكذلك الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام سمى أحد أولاده بـ ( هارون ) وهو اسم عدوه هارون الرشيد .
سادسا :
هناك الكثير الكثير من أصحاب الأئمة عليهم السلام ممن كان اسمهم معاوية ويزيد ومروان . ويلفت انتباهنا هنا أن الأئمة «عليهم السلام» لم يطلبوا من أصحابهم تغيير هذه الأسماء باعتبار أن بعض مبغضي آل محمّد «صلى الله عليه وآله وسلّم» قد تسمى بهذه الأسماء ، علماً أن الروايات التي وردت عن أهل البيت «عليهم السلام» طلبت من شيعتهم أن لا يسموا أولادهم كاسم (ملك أو حكم) وذلك لمبغوضيتها لملاكات وأسباب لا تتعلق بأفراد قد تسموا بها من قبل .
سابعا :
التسمية بعثمان بن عفان :
أبا الفرج الإصفهاني نقل في مقاتل الطالبيين ص55 : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في ابنه عثمان : " إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون ".
فهنا تصريح أن التسمية لم تكن لأجل عثمان بن عفان .
ثامثا :
التسمية بعمر بن الخطاب :
أما بخصوص عمر بن أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن الذي جعل هذا الاسم لصيقا به في أوساط عامة الناس هو عمر بن الخطاب، فقد سماه باسمه عندما ولد في أيام خلافته.
قال الذهبي: عمر بن علي: ابن أبي طالب الهاشمي، يروي عن أبيه، وعنه: ابنه محمد، بقي حتى وفد على الوليد ليوليه صدقة أبيه، ومولده في أيام عمر، فعمر سماه باسمه، ونحله غلاما اسمه مورق، قال العجلي: تابعي ثقة.
سير أعلام النبلاء ج 4 ص 134
وفي الحالة المذكورة فإن الذي غير الاسم هو الخليفة، ولعمري ان هذا لمن ظلامات أمير المؤمنين عليه السلام!!!
ومن المعلوم أن موقع عمر بن الخطاب كخليفة بيده الحكم يسمح له بجعل الاسم الجديد هو المنتشر على ألسن الناس، وأما اسمه الحقيقي فلا يعلم ما هو بالضبط.
وهناك شواهد أخرى تثبت أن عمر قد غير أسماء بعض الأشخاص غير ابن أمير المؤمنين (عليه السلام).
مثلا نقل ابن حجر في فتح الباري ج2 ص374:
"وروى ابن سعد بإسناد صحيح إلى نافع قال: كان اسم كثير بن الصلت قليلا فسماه عمر كثيرا".
(وراجع أيضا الطبقات الكبرى ج5 ص14، وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص35 و36 ، وعون المعبود ج4 ص3، وتهذيب التهذيب ج8 ص375)
وذكر ابن السني:
"طحيل بن رباح أخو بلال بن رباح وقد سماه عمر خالد بن رباح". (المصنف لابن عبد الرزاق الصنعاني ج1 ص61 الهامش3)
وذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى ج6 ص76 بسنده عن محمد بن المنتشر قال:
"كان اسم أبي مسروق: الأجدع، فسماه عمر عبد الرحمن".
وكذلك يستفاد من تاريخ عمر بن الخطاب أنه غير أسماء مجموعة من الأشخاص من الذين كانوا على أسماء الأنبياء!!! وقد يكون عمر بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أحدهم.
فقد نقل ابن الأثير في أسد الغابة ج3 ص284 في ترجمة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي ما يلي:
"ونشأ عبد الرحمن في حجر عمر، وكان اسمه إبراهيم فغير عمر اسمه لما غير أسماء من تسمى بالأنبياء وسماه عبد الرحمن".
وقد نقل ابن الأثير في أسد الغابة أن هناك ثلاثة وعشرين صحابياً باسم عمر سوى عمر بن الخطاب ، ومنهم عمر بن أبي سلمة القرشي , وقد ذكر ابن الأثير في ترجمته : ربيب رسول الله لأن أمه أم سلمة زوج النبي .. وشهد مع علي (عليه السلام) الجمل ، واستعمله على البحرين ، وعلى فارس .
فلماذا لايكون هو المقصود مثلاً إذا كنتم مصرين على ضرورة الأخذ بالأمر الأول في التسمية ( أي ضرورة وجود علاقة ومحبة لصاحب الإسم ) ؟
هل هناك دليل على أن عمر بن الخطاب ، هو المقصود ؟؟
تاسعا :
التسمية بأبي بكر :
أما بخصوص أبي بكر بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلم يعلم أن هذا هو اسمه، فقد أكد الشيخ المفيد في الإرشاد ص186 أن أبوبكر كنيته، لا اسمه أما اسمه فهو محمد الأصغر.
واما بخصوص ابي بكر الخليفة الأول لم يعلم أن أبا بكر هو اسمه ، قال ابن الأثير بعد أن عنونه باسم عبدالله بن عثمان أبوبكر الصديق : وقد اختلف في اسمه ، فقيل: كان عبد الكعبة ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) عبد الله . وقيل : إن أهله سموه عبد الله . ويقال له عتيق أيضاً .
كما أن ابن الأثير نقل في باب الكنى عن الحافظ أبي مسعود أن هناك صحابياً آخر اسمه أبو بكر .
راجع : (أسد الغابة ج3 ص315 ط دار إحياء التراث – بيروت، الطبعة الأولى 1996م بتصحيح: عادل أحمد الرفاعي)
عاشرا :
ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ص194 : أن أحد أولاد الإمام الحسن عليه السلام كان اسمه عمرو ، فهل سماه تيمناً باسم عمرو بن ود ، أم عمرو بن هشام أبي جهل لعنهما الله ؟
الحادي عشر :
كثيراً من الشيعة سموا بأسماء الخلفاء اقتداء بأمير المؤمنين ، لا بعمر بن الخطاب وأبي بكر وعثمان بن عفان . ومن جملة أصحاب الأئمة الثقات :
أبو بكر الحضرمي .
وعمر بن أذينة .
وعمر بن أبي شعبة الحلبي .
وعمر بن أبي زياد .
وعمر بن أبان الكلبي .
وعمر بن يزيد بياع السابري .
وعثمان بن سعيد العمري .
ومفضل بن عمر
واحمد بن عمر الحلبي
وعمر بن أبان
وعمر بن أذينه
وعمر بن عبد العزيز
وابراهيم بن عمر
وعمر بن حنظلة
وموسى بن عمر
والعباس بن عمر
بل إن في الثقات من أصحاب الأئمة من كان اسمه معاوية ويزيد مثل : معاوية بن عمار ، ومعاوية بن وهب ، ويزيد بن سليط .
ولم نسمع أن الأئمة نهوا عن التسمية بتلك الأسماء .
الثاني عشر :
قد يقال : إذن لماذا لا تسمون الآن أبناءكم باسم أبي بكر وعمر ؟
فالجواب هو : بعد مرور السنين أخذت القضية بعد سياسي. ورأينا أن أئمتنا المتأخرين صلوات الله عليهم لم يسموا أولادهم بهذه الأسماء لأنها أصبحت لها مداليل لم تكن من قبل في زمن علي والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وقد أصبح الاسم يرمز لمعنى (والمعنى هو أن الخليفة الأول والثاني والثالث على حق وخلافتهم صحيحة). وأصبحت هذه الأسماء نادرة عند الشيعة إلى أن أصبحت أندر من النادرة.
الثالث عشر :
يعتقد البعض ان الامام علي عليه السلام مثل باقي الناس اذا أُغتصب حقهم فانهم سوف يحملون من الحقد ما لا يستطيعون بعدها من التعامل مع الخصم الا بالكراهية والضغينة والتنفر من كل ما يتعلق بالخصم حتى في الاسم .
ولكن هذا غير صحيح في حق الامام عليه السلام..
فانت مثلا قد لا تطيق النظر في وجه خصمك ..لكن الامام عليه السلام قد تعامل مع اشد اعدائه بمنتهى اللين والمجادلة بالتي هي احسن.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( مروتنا اهل البيت العفو عمن ظلمنا واعطاء من حرمنا)) بحار الانوارج 74 ص141.
فنحن يجب ان لا نقارن تصرفاتنا مع تصرفاتهم.. فهم اعلى مقاماً وارفع شأناً..
وهدفهم الاول والأخير الهداية .. فهم الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
الرابع عشر :
نحن نرى في عصرنا كثيرا من المخالفين للحكام والدول يسمون أولادهم بأسماء العائلة المالكة، مراعاة لهم، أو للتقرب إليهم، أو لدفع خطرهم عنهم.. أو لأغراض أخرى كثيرة، ولا يدل شئ منها على قولهم بشرعية حكمهم، ولا شهادتهم بعدالتهم.
ويكفي أن تنظروا إلى كثرة التسمي بأسماء العوائل المالكة في الخليج والمملكة العربية السعودية، ومنهم معارضون لهذه الدول، ومنهم خارجون عليها!!
الخامس عشر :
إذا كان اتخاذ الاسم دليلا على المحبة لماذا لم يكن هذا التبادل فاشيا بين الصحابة ولماذا لم يسمي الذي يشكون فيهم الشيعة أبنائهم ب (علي) مثلا علما بأن الأمم كانت تفتخر بأبطالها فهل أحد الخلفاء الثلاثة قام بذلك؟....
ومن المعلوم أنك لو تجد تبادل التسمية فاشيا بين الصحابة أجمع لما صح ذلك دليلا على تبادل المحبة، إلا إذا كان مشفوعا بتصريح واضح أو قرينة مدللة، فأينها هنا ؟؟؟؟
أم هل يحق لنا أن نعتبر عدم التسمية باسم علي وأولاده آية البغض لعلي وآل علي؟!!!!
وأخيرا نقول :
هل نترك التاريخ والأدلة لأجل هذه الاشكالات السخيفة ؟