ستون عاما كان علي بن أبي طالب عليه السلام، يُلعن على منابر أهل السنة !
بتاريخ : 20-03-2011 الساعة : 07:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدع معاوية بن أبي سفيان لعنه الله سنة، جعلها من الأعمال اليومية التي يقوم بها السني، وليعذرنا أخواننا أهل السنة على العنوان، فإني أعلم بأنه يجرح مشاعرهم، فهم يحبون أمير المؤمنين عليه السلام، لكن طالما أنهم لا يزالون يترضون على معاوية، ويعدونه من الصحابة الذين لا يحق لأحد أن يناقش في عدالتهم ووثاقتهم فإني أرى ان نسبة ذلك إليهم لا تشكل ظلماً لهم، اللهم إلا أن يتغير موقفهم من معاوية بشكل مفاجئ فحينئذ سأقدم اعتذاري علنا لهم
تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة سنة 48 هـ قال الذهبي في ترجمة معاوية: وبايعه أهل الشام بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين.
سير أعلام النبلاء ج 3 ص 137
ومن ذلك الحين ابتدأت تلك السنة الأموية، ففي مسند أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عاصم قال حصين أخبرنا عن هلال ابن يساف عن عبد الله بن ظالم المازنى قال:
لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة، قال: فاقام خطباء يقعون في علي قال وأنا إلى جنب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: فغضب فقام فاخذ بيدى فتبعته فقال: ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم لنفسه الذى يأمر بلعن رجل من أهل الجنة فاشهد على التسعة انهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم آثم... الحديث
مسند احمد ج 1 ص 189
وقال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز (يعنى ابن ابى حازم) عن ابى حازم عن سهل بن سعد قال: اسْتُعْمِلَ على المدينة رجل من آل مروان، قال: فدعا سهل بن سعد فأمره ان يشتم علياً، قال: فأبى سهل، فقال له: أما إذ أبيت فقل: لعن الله أبا التراب، فقال سهل: ما كان لعلى اسم احب إليه من ابى التراب وان كان ليفرح إذا دعى بها... الحديث
صحيح مسلم ج 7 ص 123
وقال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية عن موسى بن مسلم عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد قال: قدم معاوية في بعض حجاته فأتاه سعد فذكروا عليا فنال منه معاوية فغضب سعد فقال: [تقول هذا الرجل] سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "له ثلاث خصال لان تكون لي خصلة منها أحب إلي من الدنيا وما فيها... الحديث
المصنف ج 7 ص 496
واستمرت تلك السنة الأموية إلى أن تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة بعد وفاة سليمان سنة 99 هـ ، والفترة من تولي معاوية الخلافة سنة 48 هـ كما تقدم إلى تولي عمر بن عبد العزيز سنة 99 هـ تبلغ 61 سنة
قال ابن عساكر: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ إذنا وأبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء مشافهة قالا أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو عروبة حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا خالد بن يزيد عن معاوية قال:
كان لا يقوم أحد من بني أمية إلا سب علياً فلم يسبه عمر فقال كثير عزة:
وليت فلم تشتم عليا ولم تخف * بريا ولم تقنع سجية مجرم
وقلت فصدقت الذي قلت بالذي * فعلت فأضحى راضيا كل مسلم
تاريخ مدينة دمشق ج 50 ص 96
وقال الذهبي: ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن لوط بن يحيى قال: كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلا رضي الله عنه، فلما ولي هو أمسك عن ذلك، فقال كثير عزة الخزاعي:
وليت فلم تشتم عليا ولم تخف * بريا، ولم تتبع مقالة مجرم
تكلمت بالحق المبين وإنما * تبين آيات الهدى بالتكلم
فصدقت معروف الذي قلت بالذي * فعلت فأضحى راضيا كل مسلم
سير أعلام النبلاء ج 5 ص 147
مع ان عمر بن العزيز قد كان ينال من أمير المؤمنين عليه السلام، لأنه نشأ في تلك البيئة المملؤة ببغض أبي الحسن عليه السلام، والذي لفت انتباه إلى ذلك هو عبيدالله بن عبدالله، قال الذهبي: وكان عمر بن عبد العزيز يختلف إلى عبيدالله بن عبدالله، يسمع منه العلم، فبلغ عبيدالله أن عمر يتنقص عليا، فأقبل عليه، فقال: متى بلغك أن الله تعالى سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم، قال: فعرف ما أراد، فقال: معذرة إلى الله وإليك، لاأعود. فما سمع عمر بعدها ذاكرا علياً رضي الله عنه إلا بخير. سير أعلام النبلاء ج 5 ص 117
ومن المناسب نقل هذه الحكاية التي ذكرها الذهبي، قال: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، سمع عمير بن هانئ يقول: دخلت على عمر بن عبد العزيز فقال لي: كيف تقول في رجل رأى سلسلة دليت من السماء، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعلق بها، فصعد، ثم جاء أبو بكر فتعلق بها فصعد، ثم جاء عمر، فتعلق بها فصعد، ثم جاء عثمان فتعلق بها، فانقطعت، فلم يزل حتى وصل ثم صعد، ثم جاء الذي رأى هذه الرؤيا فتعلق بها فصعد، فكان خامسهم. قال عمير: فقلت في نفسي هو هو، ولكنه كنى عن نفسه.
قال الذهبي: قلت: يحتمل أن يكون الرجل عليا، وما أمكن الرأي يفصح به لظهور النصب إذ ذاك. سير أعلام النبلاء ج 5 ص 139
سبحان الله !
الرجل آنذاك لا يجرأ أن يصرح برؤيا يراها في المنام تتعلق بأمير المؤمنين عليه السلام، فليت شعري كيف كانوا يحدثون بالأحاديث الواردة في فضائله عليه السلام ؟؟؟
وممن كان يجاهر بلعن أمير المؤمنين عليه السلام: الناصبي حريز بن عثمان لعنه الله
وهو من الرواة الثقات، وقد روى له الجماعة سوى مسلم، كما قال المزي في تهذيب الكمال 5 ص 580 وقال أبو عبيد الآجري، عن أبي داود : سألت أحمد بن حنبل، عن حريز، فقال: ثقة، ثقة، ثقة.
تهذيب الكمال ج 5 ص 572
قال المزي: وقال أحمد بن سعيد الدارمي، عن أحمد بن سليمان المروزي: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه.
وقال محمد بن عمرو العقيلي: حدثنا محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس، قال: حدثنا يحيى بن المغيرة قال: ذكر جرير أن حريزا كان يشتم عليا على المنابر.
واختم البحث بما كتبه العلامة الشيخ الأميني رحمه الله تعالى، قال:
فتسنى له (أي لمعاوية) لعن أمير المؤمنين عليه السلام وسبه في أعقاب الصلوات في الجمعة والجماعات وعلى صهوات المنابر في شرق الأرض وغربها حتى في مهبط وحي الله (المدينة المنورة).
قال الحموي في معجم البلدان 5 ص 38: لعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على منابر الشرق والغرب ولم يلعن على منبر سجستان إلا مرة وامتنعوا على بني أمية حتى زادوا في عهدهم: وأن لا يلعن على منبرهم أحد. وأي شرف أعظم من امتناعهم من لعن أخي رسول الله صلى الله عليه وآله على منبرهم وهو يلعن على منابر الحرمين مكة والمدينة. ا ه.
لما مات الحسن بن علي عليهما السلام حج معاوية فدخل المدينة وأراد أن يلعن عليا على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل له: إن ههنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه ذكر له ذلك فقال: إن فعلت لأخرجن من المسجد ثم لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد فلما مات لعنه على المنبر وكتب إلى عماله: أن يلعنوه على المنابر. ففعلوا.
فكتبت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله إلى معاوية: إنكم تعلنون الله ورسوله على منابركم وذلك إنكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها .
قال الجاحظ في كتاب الرد على الإمامية: إن معاوية كان يقول في آخر خطبته: أللهم إن أبا تراب ألحد في دينك. وصد عن سبيك، فالعنه لعنا وبيلا، وعذبه عذابا أليما. وكتب ذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر إلى أيام عمر بن عبد العزيز.
وإن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين ؟ إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن هذا الرجل. فقال: لا والله حتى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلا. وذكره ابن أبي الحديد في شرحه 1 ص 356.
قال الزمخشري في ربيع الأبرار على ما يعلق بالخاطر، والحافظ السيوطي: إنه كان في أيام بني أمية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنه لهم معاوية من ذلك. وفي ذلك يقول العلامة الشيخ أحمد الحفظي الشافعي في أرجوزته:
وقد حكى الشيخ السيوطي: إنه * قد كان فيما جعلوه سنه
سبعون ألف منبر وعشره * من فوقهن يلعنون حيدره
وهذه في جنبها العظائم * تصغر بل توجه اللوائم
فهل ترى من سنها يعادى ؟ * أم لا وهل يستر أو يهادى ؟ ؟
أو عالم يقول: عنه نسكت ؟ * أجب فإني للجواب منصت
وليت شعري هل يقال: اجتهدا * كقولهم في بغيه أم ألحدا ؟
أليس ذا يؤذيه أم لا ؟ فاسمعن * إن الذي يؤذيه من ومن ومن ؟ ؟ ؟
بل جاء في حديث أم سلمة *: هل فيكم الله يسب مه لمه ؟
عاون أخا العرفان بالجواب * وعاد من عادى أبا تراب
وكان أمير المؤمنين يخبر بذلك كله ويقول: أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم بسبي والبرائة مني. ( نهج البلاغة ).
الغدير ج 2 ص 101
منقول