حلال على السعودية ... حرام على العراق ؟!...بقلم: عبد الواحد ناصر البحراني
بتاريخ : 05-05-2011 الساعة : 01:21 AM
لماذا يكون دخول القوات السعودية إلى البحرين و الاتهام الإعلامي السعودي لمعارضيها بالعمالة لإيران مسموحا ً في حين يكون دفاع العراق عنهم محرما ً؟
هل لأن البحرين على حدود السعودية مثلا ً و هي جزء من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي و العراق ليس كذلك؟ إذا كانت المعايير جغرافية فلماذا يتهم العراق الذي يتخوف من تغيير النظام في سوريا بأنه طائفي و أنه أسوأ من صدام حسين؟ و ماذا يغيظ أولائك الذين طبّلوا و زمّروا للخلاف العراقي السوري إذا عادت العلاقات قوية بين البلدين ؟ هل إذا هاجم العراق سوريا و أرسل أسلحة إلى درعا و بانياس و جبلة يصبح نوري المالكي سنيا ً أو محبا ً للسنة و إذا أعرب عن مخاوفه من ظهور زرقاوي جديد هناك يصير طائفيا ً؟
لماذا لا نقول عن السعودية بأنها هي من يدعم الإرهاب في المنطقة و تحرض على الطائفية من خلال ماكينتها الإعلامية و أموالها السخية للمجرمين ؟
لقد كانت السعودية تخوفنا ليلا ً و نهارا ً من التيار السلفي و تعرض لنا عبر شاشات قنواتها بطولات الكوماندوس السعودي و هو يطوق رجالات هذا التيار و يقتلهم و يعتقلهم و يستولي على أسلحتهم ثم يأتي الإعلام السعودي اليوم ليميز لنا بين أنواع من السلفية و يسخّف مخاوف الدول و الشعوب منهم. فهل تغيّر فكر السلفية بين ليلة و ضحاها و أصبحوا اليوم مجاهدين وثوّارا ً سلميين يريدون إسقاط النظام بوسائل سلمية بحتة. و إذا كان هؤلاء قد تحولوا إلى هذا النمط السلمي فلماذا بقيت قوات الناتو في أفغانستان ؟ و لماذا يخوفنا الرئيس اليمني عبد الله صالح ، حليف السعودية ، من سيطرتهم على الحكم هناك؟ ألم يستطع هؤلاء تدمير البارجة كول في خليج عدن و حاولوا اغتيال رجال دولة سعوديون و على قائمتهم كتاب و مثقفون يعتبرونهم كفارا ً أم أن هذا كان تهويلا ً إعلاميا ً كالعادة؟!
إن العراق من أكثر الدول التي تضررت من فكر السلفية الذي احتضنته السعودية و يحق للعراق كدولة و شعب أن يحاسب السعودية على كل قطرة دم سالت و سوف تسيل بفعل مخططات تحاك على أراضيها و في أروقة أجهزة مخابراتها. و لا يحق للسعودية و لا لإعلامها أن يتهم العراق بالطائفية لأن العراق لم يرسل يوما ً إرهابيين ليفجروا مدنيين فيها و لم يقطع رؤوس رعاة غنم ابرياء لاسباب طائفية و لم يطلب عقد القمة العربية من دون دولة معينة.
فالعراق الذي عانى من دول الجوار حاول أن يقول لهؤلاء بأنه يريد أن يكون معهم و لهم و ليس عليهم ، إلا أن النظرة الطائفية لبعض هذه الدول أعمت أبصارهم عن كثير من الحقائق.
و أتساءل هنا عن سر انعقاد القمة العربية في جميع الظروف التاريخية و على الرغم من جميع الخلافات العربية - العربية و في وقت وجود صدام حسين و حتى في أعقاب غزو العراق للكويت و لم ترفض اي دولة اللقاء و لم تطالب بتأجيلها ؟ فلماذا يطلب إلغاؤها عندما تكون حكومة العراق خالية من صدام و زمرته المجرمة؟ هل لأن صدّام مثلا ً كان يمثل السنة في العراق أم أن السعودية و من يتبعها كانوا يرونه كذلك؟ و هل تخلو الحكومة العراقية و برلمانها من السنة ؟ فلتعلمنا الحكومة السعودية إن كان هناك شيعة في حكومتها و إن كان لهم أصوات تسمع و تذكر غير تلك التي تطالب بالإصلاح و لتتحدث لاحقا ً عن الطائفية.
إن العراق و سوريا بلدان جاران و شقيقان و ما يجري في العراق يؤثر على ما يجري في سوريا و أي تغيير في سوريا يؤثر على العراق. فهل كانت السعودية مثلا ً تتوقع أن تعبر أمريكا عن مخاوفها و تتدخل في شؤون سوريا و يبقى العراق متفرجا ً على الحياد حتى لا يتهم بأنه طائفي؟ لقد وصل الحال ببعض من يدعون الثقافة إلى تشبيه الوضع في العراق اليوم على أنه أسوأ من صدام حسين ، متناسين ما فعله صدام بالكويتيين (السنة) و ما أطلقه على السعودية من صواريخ و كيف دافع الجيش السوري عن السعودية و ساهم في تحرير الكويت من جيش صدام الغازي.
و لماذا نذهب بعيدا ً ، الم تصرح الدبلوماسية السورية قبل أشهر قليلة بأن من حق البحرين اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة اراضيها؟ الم يصدر هذا التصريح من نظام يتهم اليوم بأنه (شيعي) أو (علوي)؟ و لمذا يتهم العراق بأنه طائفي ، ألأنه يقف مع نظام بشار الأسد (الشيعي)؟
إن جلّ هذا النقاش الذي تحاول السعودية أن تجر المنطقة إليه و يبدو أنها نجحت في ذلك هدفه شيء واحد فقط ألا و هو الالتفاف على ثورات الشعوب التي قامت على أساس الإصلاح و تحويلها إلى ثورات طائفية لا تخدم إلا مصالحها و لا تعزز إلا مكانتها كمدافعة عن حقوق طائفة ما على حساب الأخرى. لكن السعودية على ما يبدو تعود لتكرر أخطاءها التاريخية فهؤلاء الذين تدعمهم و تصنعهم سوف يكونون يوما ً ما سببا ً لزعزعة نظام حكمها و زواله . و لن تنفع عندها لا مؤتمرات ضد الإرهاب و لا برامج عن (صناعة الموت) فمن يقدم السم للآخرين لا بد و أن يموت فيه .