قال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي في كتابه أن عائشة لما بلغها قتل عثمان و هي بمكة أقبلت مسرعة و هي تقول إيه ذا الإصبع لله أبوك أما إنهم وجدوا طلحة لها كفوا فلما انتهت إلى شراف استقبلها عبيد بن أبي سلمة الليثي فقالت له ما عندك قال قتل عثمان قالت ثم ما ذا قال ثم حارت بهم الأمور إلى خير محار بايعوا عليا فقالت لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن تم هذا ويحك انظر ما تقول قال هو ما قلت لك يا أم المؤمنين فولولت فقال لها ما شأنك يا أم المؤمنين
و الله ما أعرف بين لابتيها أحدا أولى بها منه و لا أحق و لا أرى له نظيرا في جميع حالاته فلما ذا تكرهين ولايته قال فما ردت عليه جوابا . قال و قد روي من طرق مختلفة أن عائشة لما بلغها قتل عثمان و هي بمكة قالت أبعده الله ذلك بما قدمت يداه و ما الله بظلام للعبيد . قال و قد روى قيس بن أبي حازم أنه حج في العام الذي قتل فيه عثمان و كان مع عائشة لما بلغها قتله فتحمل إلى المدينة قال فسمعها تقول في بعض الطريق إيه ذا الإصبع و إذا ذكرت عثمان قالت أبعده الله حتى أتاها خبر بيعة علي فقالت لوددت أن هذه وقعت على هذه ثم أمرت برد ركائبها إلى مكة فردت معها و رأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها كأنها تخاطب أحدا قتلوا ابن عفان مظلوما فقلت لها يا أم المؤمنين أ لم أسمعك آنفا تقولين أبعده الله و قد رأيتك قبل أشد الناس عليه و أقبحهم فيه قولا فقالت لقد كان ذلك و لكني نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه . قال و روي من طرق أخرى أنها قالت لما بلغها قتله أبعده الله قتله ذنبه و أقاده الله بعمله يا معشر قريش لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه أن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع فلما جاءت الأخبار ببيعة علي ع قالت تعسوا تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا . كتب طلحة و الزبير إلى عائشة و هي بمكة كتابا أن خذلي الناس عن بيعة علي و أظهري الطلب بدم عثمان و حملا الكتاب مع ابن أختها عبد الله بن الزبير فلما قرأت الكتاب كاشفت و أظهرت الطلب بدم عثمان و كانت أم سلمة رضي الله عنها بمكة في ذلك العام فلما رأت صنع عائشة قابلتها بنقيض ذلك و أظهرت موالاة علي ع و نصرته على مقتضي العداوة المركوزة في طباع الصرتين .