فائدة /
الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي
يمكن التفريق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي بعدة فوارق يمكن استفادتها او تصيّدها من كلمات العلماء :
1. إن الحكم التكليفي يرتبط بأفعال الإنسان مباشرة فهذا الفعل واجب وذاك حرام وثالث مستحب او مكروه او مباح ، أما الحكم الوضعي فارتباطه بأفعال المكلفين غير مباشر كحكم الشارع بالزوجية فإنه مرتبط بالعلاقة بين شخصين لا بأفعالهما الا أن هذه العلاقة سيكون لها تأثير على أفعالهما وسيترتب عليها جملة من الأحكام تتعلق بأفعالهما من قبيل وجوب النفقة على الزوج ووجوب التمكين على الزوجة وحرمة خروجها من دون إذنه ، ولولا الحكم الوضعي بالزوجية لما وجدت هذه الأحكام المتعلقة بأفعال الزوجين .
2. إن متعلق الحكم التكليفي هو أفعال العباد كتعلق الوجوب بالصلاة والحرمة بشرب الخمر وكلاهما - الصلاة وشرب الخمر - من أفعال العباد ، أما متعلق الحكم الوضعي فليس أفعال العباد بل ذواتهم وعلاقاتهم ونحو ذلك فالحكم بالزوجية متعلقه العلاقة بين اثنين او ذاتهما بأن تعتبر أحدهما زوجاً للآخر ، وهذا الفارق تعبير آخر عن سابقه .
3. إن الحكم التكليفي مشتمل على البعث أو الزجر او التخيير أو قل هو مشتمل على الاقتضاء او التخيير ، أما الحكم الوضعي فهو غير مشتمل على بعث ولا زجر ولا تخيير بل هو إيجاد علاقة ووضع معين ، وهذا الفارق هو نتيجة للفارق الأول فلما كان الحكم التكليفي مرتبطاً بأفعال الإنسان مباشرة كان عبارة عن البعث الى تلك الأفعال او الزجر عنها او التخيير فيها ، أما الحكم الوضعي فلما لم يكن كذلك فهو ليس كذلك .
4. إن موضوع الحكم التكليفي كثيراً ما يكون هو الحكم الوضعي كالأحكام المتعلقة بالملكية والزوجية والطهارة والنجاسة ، أما الحكم الوضعي فموضوعه ما يرتبط بذوات الناس وعلاقاتهم .
5. إن الأحكام التكليفية بغالبها يترتب عليها الثواب والعقاب لذاتها وليس كذلك الأحكام الوضعية .
6. إن الأحكام التكليفية عدا الإباحة مأخوذ فيها الكلفة والمشقة بإعتبار تعلقها بأفعال الناس وما تشتمل عليه من بعث وزجر وما كان كذلك فهو متضمن للكلفة عادة ، وليس كذلك الأحكام الوضعية .
7. إن الأحكام التكليفية يعتبر فيها القدرة لأنها مرتبطة بالأفعال وما ليس بمقدور للمكلف ليس مكلفاً به وليس كذلك الأحكام الوضعية فقد يتحقق الحكم الوضعي ولو مع عدم القدرة عليه .
8. إن الأحكام التكليفية عدا الإباحة تحتاج الى الامتثال لما تشتمل عليه من بعث وزجر وليس كذلك الأحكام الوضعية .
9. الأحكام التكليفية لا خلاف في أنها مجعولة بالجعل الاستقلالي أما الأحكام الوضعية ففي كونها كذلك مطلقاً او على النقيض مطلقاً او يقال بالتفصيل بين مصاديقها خلاف تقدمت الإشارة اليه ، وأن الأقوال فيها ثلاثة : فقيل هي مجعولة كالتكليفية ، وقيل بل منتزعة ، وقيل بعضها مجعولة وبعضها منتزعة وزاد المشكيني في اصطلاحات اصوله بعضاً ثالثاً وهي الأحكام التي لا مجعولة ولا منتزعة .
10. إن موضوع الحكم التكليفي هو المكلف او قل لما كانت الأحكام التكليفية مشتملة على البعث والزجر فالمخاطب بها هو المكلف وهي خارجة عن عهدة غير المكلف كغير البالغ ، أما الأحكام الوضعية فلا تختص بالمكلفين بل تشمل غير المكلفين فالحكم بالزوجية والملكية والرقية والحرية صادق ومنطبق على غير المكلفين فغير المكلف يمكن أن يكون زوجاً ومالكاً ونحو ذلك .
11. الحكم التكليفي بما أنه زجر وبعث مختص بأفعال الإنسان ، أما الحكم الوضعي فيمكن أن يكون من موارده أفعال الحيوان كالحكم بالضمان على صاحب الدابة في مورد جنايتها .
12. الحكم التكليفي مختص بالمسلمين بناء على عدم تكليف الكفار بالفروع اما الحكم الوضعي فيشمل غيرهم فالملكية والطهارة والنجاسة والحرية والرقيّة والضمان وغيرها لا تختص بالمسلمين .
13. إن الأحكام التكليفية تسقط بالاضطرار فهي مشمولة بحديث الرفع من هذه الجهة فيسقط التكليف حال الاضطرار ، وليس كذلك الأحكام الوضعية فهي غير مرفوعة بالاضطرار فالمعاملات مثلاً صحيحة وممضاة من قبل الشارع وإن وقعت عن اضطرار .