وهو وعد إلهي بإطفاء نار الحروب التي يوقدونها ، سواء كانوا طرفاً مباشراً فيها أو حركوا لها الآخرين. وهو وعد لااستثناء فيه لأنه بلفظ: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا) .
والتاريخ البعيد والقريب يشهد بأنهم كانوا وراء إشعال عدد كبير من الفتن والحروب ، ولكن الله تعالى حقق وعده باللطف بالمسلمين والبشرية ، وأبطل كيد اليهود وأحبط خططهم ، وأطفأ نارهم .
ولعل أكبر نار وفتنة أوقدوها على المسلمين والعالم ، نار الحرب الفعلية التي حركوا لها الغرب والشرق ، وكانوا طرفاً مباشراً فيها في فلسطين ، وطرفاً غير مباشر في أكثر بلاد العالم . ولم يبق إلا أن يتحقق الوعد الإلهي بإطفائها .
ويفهم من الآية الشريفة أن عدوانهم وصراعاتهم الداخلية أحد أبواب اللطف الإلهي لإطفاء نارهم ، بقرينة ذكر إطفاء النار في الآية بعدها وكأنه متفرع عليها: (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لايُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). (المائدة:64)
أما الأحاديث الشريفة عن دورهم في عصر الظهور:
فمنها ، ما يتعلق بتجمعهم في فلسطين قبل المعركة القاضية عليهم تفسيراً لقوله تعالى: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَابِكُمْ لَفِيفاً) (سورة الاسراء:104) ، أي جئنا بكم من كل ناحية جميعاً ، كما في تفسير نور الثقلين .
ومن ذلك ، الحديث الشريف عن مجيئهم وغزوهم لعكا ، فعن النبي صلى الله عليه وآله قال: (هل سمعتم بمدينة جانب منها في البحر؟ قالوا نعم. قال لاتقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق ) . ( مستدرك الحاكم:4/476) . وعن أمير المؤمنين عليه السلام : (لأبنين بمصر منبراً، ولأنقضن دمشق حجراً حجراً ، ولأخرجن اليهود من كل كور العرب ، ولأسوقن العرب بعصاي هذه .
فقال الراوي وهو عباية الأسدي: قلت له يا أمير المؤمنين كأنك تخبر أنك تحيا بعدما تموت؟ فقال: هيهات ياعباية ذهبت غير مذهب. يفعله رجل مني ، أي المهدي عليه السلام ). (البحار:53 /60 ).
وهذا يدل على أن اليهود يتسلطون أو يتواجدون في كثير من بلاد العرب . وسوف نذكر معركة المهدي عليه السلام مع السفياني ومعهم ، في أحداث بلاد الشام وأحداث حركة الظهور .
ومنها ، حديث كشفهم للهيكل . فقد ورد في تعداد علامات الظهور عبارة: (وكشف الهيكل) ، الذي يبدو أنه كشف هيكل سليمان عليه السلام .
فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ( ولذلك آيات وعلامات: أولهن إحصار الكوفة بالرصد والقذف. وتخريق الزوايا في سكك الكوفة. وتعطيل المساجد أربعين ليلة. وكشف الهيكل وخفق رايات تهتز حول المسجد الأكبر ، القاتل والمقتول في النار) . (البحار:52/273) .
ويحتمل أن يكون الهيكل أثراً تاريخياً غير هيكل سليمان عليه السلام ، أو في محل آخر غير القدس ، حيث ورد ذكره بصيغة (كشف الهيكل) بنحو مطلق ، ولم يذكر من يكشفه .
والفقرات الأولى من الرواية تتحدث عن حالة حرب في الكوفة ، التي يرد ذكرها أحياناً بمعنى العراق ، وقد تكون هنا بمعنى مدينة الكوفة . وحصارها وقذفها واتخاذ المتاريس في زوايا شوارعها .
أما الرايات المتصارعة حول المسجد الحرام ، فهي تشير إلى صراع القبائل في الحجاز على الحكم قبيل ظهور المهدي عليه السلام ، وفيه أحاديث كثيرة