تعيش الكثير من الأوساط المتابعة للوضع في سوريا تساؤلات حول الضخ الإعلامي الذي تبثه قناتي الجزيرة والعربية ويحلله اللواء المنافق صفوت الزيات ويصاحب ذلك ما تتابعه هذه الأوساط من مراوحة للوقائع العسكرية في حلب ودمشق وفقا لما ينشر في التلفزوين السوري وما يعرفه الناس عن عدم حدوث عمليات نوعية في حلب ودمشق منذ شهرين ودير الزور على الأقل و تصاعد هجمات المسلحين في الحسكة والقامشلي حتى وصل التساؤل لدى البعض عما إذا كان الجيش العربي السوري قد إستنفد قدراته العسكرية بوجه المسلحين وبدأ التغير في الموازين لغير صالحه حتى بات يعتمد على قصف المدفعية وإستخدام سلاح الجو فيما بدأت تظهر مع صور المجموعات المسلحة اسلحة ثقيلة وخصوصا المدفعية والدبابات ودخل إستخدام قذائف الهاون العشوائية ليربك العاصمة دمشق ؟
المشهد الإستراتيجي :
- ينطلق التجاذب الدولي وخصوصا الروسي الأميركي منذ لقاؤ بوتين - أوباما قبل ثلاثة شهور من التوافق على مبدأ أن سوريا ستقرر مستقبل توازنات آسيا وأن التفاوض سيقرر شكل هذه التوازنات وأن التفاوض سيجري من موقع ما لدى كل من الطرفين من مصادر قوة وأنه لا يجوز تجاوز الخطوط الحمراء المتفق عليها في تقوية موقع كل فريق بوجه الآخر وبالتالي يدورالتجاذب حول إتجاهين لم يحسما بعد : الأول هو مدى إعتبار المزيد من التورط التركي في الأزمة السورية عسكريا مسموحا ام تعطيلا للتفاوض وإختراقا للخطوط الحمر ؟ والثاني ما إذا كان السير بتسليح مجموعات المعارضة تسليحا نوعيا يقع في إطار المسموح ام الممنوع ؟
- مستقبل الإطار السياسي لغرب آسيا كقوة جذب على مستوى المنطقة ضمن محور التفاهم الروسي الصيني يتجه لإطلاق رؤيا سورية لصيغة إتحاد فدرالي بين سوريا والعراق تكون قوة دفع لوحدة فدرالية لبلاد الشام ونواة لإتحاد دول غربي آسيا يضم إلى بلاد الشام تركيا جديدة ما بعد اردوغان وإيران قوية إقتصاديا وعسكريا ومن ضمن الإتحاد تحولين كبيرين : - أحدهما تقديم حل سلمي للمسالة الكردية تنطلق من الإعتراف بحق الأكراد بخصوصية ثقافية وسياسية تحت سقف الوحدة الوطنية لدول الإتحاد - الثاني ربط البحر المتوسط بالغاز والنفط من إيران والعراق عبر سوريا وربط البحر الأحمر بأنابيب الغاز الروسية عبر تركيا وسوريا والأردن، ومستقبل تركيا هنا يشكل محور جذب كبير بين روسيا وأميركا ومستقبل خطوط نقل النفط والغاز ونصيب الأميركيين منها و الأكثر خطورة مستقبل امن إسرائيل مع صعود قوة إقليمية كبرى بحجم هذا الإتحاد ؟
المشهد الميداني:
- على إيقاع هذه العناصر الإستراتيجية دارت حرب غزة لإختبار مستقبل قدرة إسرائيل في حسم موقع غزة من هذا الإتحاد القادم أونقلها نهائيا إلى حضن محور ترعاه واشنطن .
- على إيقاع هذه العناصر إنعقد إئتلاف الدوحة ودارت الإعترافات به من دول الغرب .
- خروج الإسلاميين كقوة عسكرية في ميادين القتال السورية عن إئتلاف الدوحة وظهور مشروعهم الطالباني عطل خيارات التسليح النوعي .
- بروز القدرة الصاروخية النوعية في غزة بيد الجهاد وليس حماس حجز لإيران مقعدا في غزة ظهرته صورة رمضان شلح جانب خالد مشعل في المفاوضات وإعلان الهدنة .
- محاولات الحسم العسكري التركي في في الحسكة و إدلب لشطب الدور الكردي بصورة خاصة و بتدخل عسكري مباشر من جهة و السعي لحشد الباتريوت على الحدود من جهة مقابلة جاءا إستباقا لتجميع الأوراق .
إطار زمني وموضوعي :
- المدى الزمني المتاح لإختبار الخيارات يضيق فكل عناصر التصعيد محكومة بموعد تسلم وزير خارجية ووزير دفاع جديدين في إدارة الرئيس الأميركي لولايته الثانية مطلع العام والطبيعي أن تستنفد مناخات التصعيد مع رحيل عنوانيها ليتسلم الجديد عنوان التفاوض .
- التفاوض بين إيران والغرب كان أحد نقاط التجاذب وجرى تجاوزه وحسم التفاهم على عودة الغرب إلى مائدة المفاوضات .
- حسم التمهل نشر الباتريوت بإعتباره تهديدا لأمن روسيا وعودة من الباب الخلفي للعبة نشر الدرع الصاروخي بوجهها .
- حسم التمهل بتسليح المعارضة بظهور فشل ائتلاف بالدوحة بامساك الميدان العسكري وظهور التطرف عنوانا مستقلا وقادرا .
الإدارة السورية :
- عدم الزج بالقدرات العسكرية النوعية من المشاة والمدرعات في المواجهات طالما أن ساعة المعركة الكبرى مؤجلة لتبلور المشهد النهائي .
- تبديد وإبادة اكير عدد من مجموعات المسلحين بالإعتماد على الصد الناري والإشتباك النوعي الموضعي .
- تركيز المعركة على الإمتدادات العسكرية لإئتلاف الدوحة لإسقاطه كمشروع سياسي عسكري وجعل قوى التطرف عبئا على مشغليها و قوة يستدعي الخلاص منها تفويضا للدولة السورية لمكافحة افرهاب .
- إطلاق يد المجموعات الكردية المسلحة لمواجهة مباشرة مع الميليشيات التركية في الحسكة والقامشلي وريف إدلب وحلب لكسر مشروع الحزام الأمني التركي الفاضل بين أكراد سوريا وأكراد تركيا
- في سياق التحضير لمائدة التفاوض ومن يحضرها نجحت سوريا بحجز مقعد إيران عبر إستضافة مؤتمر الحوار السوري .
المشهد الراهن :
- المعارضة التي ترعاها واشنطن وتوابعها صارت خارج المعركة العسكرية والأكراد حسموا تقريبا وضع الحسكة والقامشلي .
- كل الدعم اللوجستي والسياسي والمالي والعسكري التركي لم يغير شيئا في ميادين جغرافيا القتال وإستنفد قواه .
- يوميا يسقط للمجموعات المسلحة ما يتراوح بين 400-500 قتيل في المواجهات والعمليات النوعية وخصوصا الإستهداف المركز بالنار .
- شهران فاصلان لإقلاع عربة التفاوض والكلمة العليا لمن يكون الأقوى والدولة السورية لم تستنزف 10% من قدراتها بعد ولم تتورط في أي إحتكاكات جانبية عبر الحدود تبدد قدراتها العسكرية التي تنتظر اللحظة الفاصلة لتخرج عشرات آلاف الجنود ومدرعاتهم تحت وابل النار من البر والجو والبحر ونشهد المظليين و قوات النخبة تحسم وتنظف جيوب منهكة يتموضع فيها من بقي ولم يهرب من الاف المسلحين .
شهران قاسيان والنصر لسوريا .