سنين تأكل اخرى والحال على ما هو عليه،هاهي سنوات عشر تمر،وميزانية انفجارية تأكل الاخرى،ومازال ابن البصرة وميسان والناصرية والسماوة والديوانية يقف في تقاطعات الطرق ليبيع الشاي او الكلنكس او السكائر على المارة،ومازالت النجف الاشرف وكربلاء المقدسة محرجة من زوارها القادمين من كل بقاع الارض لزيارة العتبات المقدسة التي تكفي وارداتهم لتقلب حال هاتين المحافظتين رأسا على عقب،ومازالت العاصمة بغداد خجلى من حي التنك والمجمعات العشوائية فيها،ومازال ضحايا الارهاب يجوبون الدوائر للحصول على مبلغ اتفه من التافه لعزيز قتل في مجمع لعمال البناء اوفي سوق شعبي،يعبث الارهاب الذي عجزت الاجهزة الامنية عن مواجهته في العاصمة لابل وزحف الى محافظات وسط وجنوب العراق التي كانت امنة لأسباب كثيرة ومعروفة،هذا حال محافظاتنا ولم يتغير فيها شيء يستحق الذكر.
ولعل احد اسباب ذلك هو سوء الاختيار في الانتخابات وعدم التفريق بين الانتخابات المحلية والبرلمانية،و الاستناد في الاختيار الى الرموز الدينية او السياسية،او الانتماءات المرجعية والسياسية،دون النظر الى المرشحين انفسهم وقدراتهم ومؤهلاتهم،كل ذلك ادى الى وصول(المتردية والنطيحة) الى عضوية معظم مجالس المحا فظات،وأنتجت حكومات محلية على شاكلتها،وبهذا يمكن تبرير ان بعض المحافظات كانت نسبة الانجاز فيها لاتتجاوز ال(10%)! والأكيد ان طريقة اختيار الناخب بناء على المعطيات اعلاه جعلت عضو مجلس المحافظة مدان لمرجعيته السياسية ورمزيته،لذا فإرضائها اولا ومن بعدها المحافظة وسكانها.
وبما ان هذا المسئول فاشل وغير مسئول ولا يمتلك القدرة على عمل اي شيء لذا كرس كل وقته لمرجعيته السياسية وتبرير مواقفها، واستغلال مدة عضويته ليخدم نفسه بكل السبل المشروعة وغير المشروعة وهذا سبب اخر للفساد، فهكذا اعضاء يدركون ان عضويتهم لمجلس المحافظة وتولي منصب محافظ قد لايتكرر في حالة تعرض رمزهم السياسي او الديني لأي تراجع او انتكاسة مع اي تغير سياسي في المركز، لذا كما اسلفنا يمضي فترة دورته في عملين كلاهما لايرتبط بواجبه والغرض الذي انتخب لأجله.
ومن هنا نعتقد ان شعار محافظتي اولا،يجب ان يكون حاضر في ذهنية الناخب عندما يريد اختيار مرشحه،وهكذا شعار لايستند الى قول ووعد المرشح بل يجب النظر الى وجود المقومات التي يجب توافرها لتضمن التزام المرشح بهذا الشعار وتطبيقه على ارض الواقع وأول هذه المقومات ان تكون لديه قدرات تؤهله للانجاز من الكفاءة والنزاهة والقدرة على التواصل مع الناس تضمن حصوله على عضوية مجلس محافظة،وليس رمزه السياسي او الديني، وألان مع بداية الدعاية الانتخابية والإطلاع على اسماء مرشحي الكيانات، ظهر ان بعض تلك الكيانات كان مقياسها للترشيح الولاء او الموقع السياسي في الحزب او للكيان، ولم يكن لمعيار الكفاءة والنزاهة اي حضور في التقييم، ولهذا كررت ترشيح الفاشل والفاسد في خطوة تعد في العرف الاخلاقي استغلال غير مقبول للمواطن وولاءه للوطن الذي يدفعه في بعض الاحيان الى التمسك برمز يعتقد ببساطته انه مدافع عن الدين والوطن،وعلى المواطن تقع مسئولية التمييز بين المرشحين واختيارهم لشخوصهم ومؤهلاتهم فقط...