|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني 6-3
بتاريخ : 18-05-2014 الساعة : 02:47 PM
المؤمن مبتلى في الدنيا بشكل خاص
هناك آية في القرآن تقول: (وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُون)[الزخرف/33] يعني لو لا مخافة أن يكفر الناس جميعا ولا يبقى منهم مؤمن، لجعلنا حياة الكافرين حياة فخمة جدا. ولكن خفّف الله علينا وغيّر قانون العالم وجعل الكبد والمعاناة لكل الناس دون أن يختص به المؤمنين دون الكافرين.
وفي هذا المجال هناك رواية عن الإمام الصادق(ع) يقول: «لَوْ لَا إِلْحَاحُ هَذِهِ الشِّيعَةِ عَلَى اللَّهِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ لَنَقَلَهُمْ مِنَ الْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا إِلَى مَا هُوَ أَضْيَقُ مِنْهَا»[الكافي/ج2/ص264]. وقد روي «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ فَقَالَ اسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ فَقَالَ اسْتَعِدَّ لِلْبَلَاء»[مجموعة ورام/ج1/ص223] ويقول أحد الرواة سألت الإمام الصادق(ع): «أَ يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ بِالْجُذَامِ وَ الْبَرَصِ وَ أَشْبَاهِ هَذَا؟ قَالَ:وَ هَلْ كُتِبَ الْبَلَاءُ إِلَّا عَلَى الْمُؤْمِنِ»[الكافي/ج2/ص258] يبدو أنّ هؤلاء الرواة كانوا يعانون من نفس مشكلتنا، فلعلهم لم ينظروا إلى الدنيا برؤية صائبة ولم يرونها كدار مخالف لأهوائنا. إن مجمل هذه الروايات تفرض على الإنسان المؤمن أن ينظّم حياته على أساس مخالفة الهوى.
واسمحوا لي أن أنقل لكم هذه الرواية أيضا عن رسول الله(ص): «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ لَيَطْلُبُ الْإِمَارَةَ وَ التِّجَارَةَ» یعني يطلب شأنا من شؤون الدنيا ويطمح إليه «حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا كَانَ يَهْوَى» یعني يبرمج ويخطط ويعمل ويشتغل حتى إذا اقترب إلى هدفه «بَعَثَ اللَّهُ مَلَكاً وَ قَالَ لَهُ عُقْ عَبْدِي وَ صُدَّهُ عَنْ أَمْرٍ لَوِ اسْتَمْكَنَ مِنْهُ أَدْخَلَهُ النَّارَ» إذ كان هذا المؤمن يخطط لشيء بضرره «فَيُقْبِلُ الْمَلَكُ فَيَصُدُّهُ بِلُطْفِ اللَّهِ» يأتي الملك ويخرب شغله واللطيف أن هذا التخريب جاء بلطف الله. «فَيُصْبِحُ وَ هُوَ يَقُولُ لَقَدْ دُهِيتُ وَ مَنْ دَهَانِي فَعَلَ اللَّهُ بِهِ...» [التمحيص/ص56] فيبدأ بالبحث عن المقصّر.
لا تلهِ نفسك بالبحث عن المقصّر
إحدى مشاكلنا الناشئة من رؤيتنا الخاطئة عن الحياة هي أن بمجرد أن واجهنا مشكلة في حياتنا، نفتّش عن المقصّر. نعم في المسائل الاجتماعية والقضايا العامّة المرتبطة بكيان الأمة مثلا، لابدّ أن نبحث عن المقصّر أو العدو ومن هنا نرفع شعار «الموت لأمريكا» و لهذا السبب طال ما هتفنا «الموت لصدّام». ولكن حتى في هذه القضايا الاجتماعيّة لابدّ أن ننظر إلى ما وراء هذه الظواهر، كما قال الإمام الخميني(ره): كانت الحرب (يقصد الحرب المفروضة الذي شنّها صدام على الجمهورية الإسلامية) من الألطاف الإلهية الخفية. إذ يعتبر أولياء الله أن البلاء من ألطاف الله على عبده المؤمن كما قالت الرواية: «فَيَصُدُّهُ بِلُطْفِ اللَّهِ». أمّا العدو فهو مسكين شقيّ جنى على نفسه قبل أن يجني علينا، فنحاربه ونقتله، ولكن لا ننسَ الألطاف الإلهية في خضمّ هذه البلايا.
طبعا نحن مازلنا في مقدمات البحث ولم نتقدم فيه إلى الآن، فليس بوسعنا أن نستنتج دروسا كثيرة من هذه الأبحاث ولكن بقدر هذا الشيء القليل الذي طرحناه في هذه الليالي، نستطيع أن نخرج بنتيجتين جميلتين في هذه الجلسة.
إحداهما هي أن لا تبحثوا عن المقصّر والخاطئ كثيرا. فإن المقصّرين ليسوا مقصّرين كثيرا. فقد صنفتهم الروايات وليس كل المقصرين في درجة واحدة. فعلى سبيل المثال قلّ ما يوجد مدير لا يظلمه من تحته. فكن على ثقة من هذه القاعدة ولا تغضب وتقيم الدنيا ولا تقعدها بسبب سوء تصرف موظفيك وأغلاطهم في العمل. لا تصرخ عليهم فإنها من سنن الله. فإن الله هو الذي ينسيهم في بعض القضايا ليمتحن مدى صبرك وحلمك.
لا أريد أن أخوفكم ولا تصفرّ وجوهكم من ذكر هذه القواعد ولكن اعلموا أنه تقريبا، لا يمكن أن تلطف بأحد ثم ترى اللطف والمحبّة منه نفسه. يقول الإمام الصادق(ع): «مَا أَفْلَتَ الْمُؤْمِنُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ وَ لَرُبَّمَا اجْتَمَعَتِ الثَّلَاثُ عَلَيْهِ إِمَّا بُغْضُ مَنْ يَكُونُ مَعَهُ فِي الدَّارِ يُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ يُؤْذِيهِ أَوْ جَارٌ يُؤْذِيهِ أَوْ مَنْ فِي طَرِيقِهِ إِلَى حَوَائِجِهِ يُؤْذِيهِ وَ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ لَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ شَيْطَاناً يُؤْذِيهِ وَ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ مِنْ إِيمَانِهِ أُنْساً لَا يَسْتَوْحِشُ مَعَهُ إِلَى أَحَد».[الكافي/ج2/ص249] وقال عليه السلام: «أَرْبَعٌ لَا يَخْلُو مِنْهُنَّ الْمُؤْمِنُ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُؤْمِنٌ يَحْسُدُهُ وَ هُوَ أَشَدُّهُنَّ عَلَيْهِ وَ مُنَافِقٌ يَقْفُو أَثَرَهُ أَوْ عَدُوٌّ يُجَاهِدُهُ أَوْ شَيْطَانٌ يُغْوِيهِ».[الكافي/ج2/ص250].
ترى بعض الناس قد استشاط غضبا وانتفخت أوداجه. فتسأله ما الخبر. يقول: ما كنت أتوقع أن فلانا يفتن بي حسدا. فلعلّ هذا الإنسان يريد أن نرميه بطلقة لنسرع به إلى الجنة، إذ يبدو أنه لا يطيق قواعد هذه الدنيا.
هيا تسلحوا أيها الإخوة بسلاح الدعاء. اللهم! أزل من قلوبنا الحقد على من ظلمنا وآذانا. لا أدري كم أدركتم معنى هذا الدعاء. فلأترجمه بعبارات أخرى. إللهم! لا تجعلنا مدللين. اللهم لا تجعلنا منقنقين. اللهم لا تجعلنا من أهل الضجر والسأم والجزع والتحجج. فكلها هي عبارات أخرى لدعاء اللهم أزل من قلوبنا الحقد.
وهناك ترجمة عرفانية لهذا الدعاء ولا بأس أن ندعو بها، إذ نحن في ليالي شهر رمضان، فمن الأولى أن نقلل من الكلام ونكثر من الدعاء. فنقول: اللهم! أنت عظيم فاجعلنا عظاما مثلك. اللهم! أنت كريم فاجعلنا كراما مثلك. اللهم! أنت أكبر من كل شيء وأكبر من أن توصف وهذا هو أهمّ ما توصف به وعليّ أن أكرره في صلاتي بعد أذكاري وحركاتي وسكناتي. فعند لقائي بك لابدّ أن يكون تناسب بيننا وبينك، فاجعلنا كبارا يا ربّنا. وأنقذنا من الطفولة والصغر.
يتبع إن شاء الله...
|
|
|
|
|