بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
في أعقاب فتوى إمام الحرم المكي عادل الكلباني بكفر علماء الشيعة الإمامية خصص سماحة الشيخ علي آل محسن حديث الجمعة 20 جمادى الأولى سنة 1430هـ في الكلام حول الأسباب التي تدعو خصوم الشيعة إلى تكفيرهم، وفند تلك الأسباب، وبين أنها أسباب واهية لا تصلح لتكفير من يشهد الشهادتين.
وقد أجملها في الأسباب التالية:
1- الجهل بمعتقدات الشيعة:
وهذا الجهل عادة ما ينشأ عن عدم الاطلاع على كتب الشيعة، والاعتماد في معرفة عقائد الشيعة على كتب خصومهم.
2- تصيد كلمات وأحاديث من كتب الشيعة:
وإدانتهم بكل رواية وردت في كتبهم، والاحتجاج عليهم بكل قول صدر من المنتمين إلى المذهب الشيعي حتى لو كان من صغار طلبة العلم.
3- التوسع في معنى الشرك والبدعة:
وضرب الشيخ على ذلك مثالاً، وهو التوسل، وقول: (يا علي)، وبيَّن أنه نداء وليس بعبادة، كما أنه لا يقتضي إنكار ضرورة من الدين، مع أن قائله يعتقد بجوازه، ولم يتفق المسلمون على أنه مكفر، ولا سيما أنه قد رويت أحاديث تجوّزه، مثل ما رواه البخاري في الأدب المفرد: عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رِجْلُ ابن عمر، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك. فقال: يا محمد.
وبين سماحة الشيخ أنه مما يدل على مشروعية التوسل قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ)(المائدة: من الآية35)، وحصْرُ التوسل الجائز بدعاء المؤمن أو بالعمل الصالح تحكم لم يدل عليه دليل، ولهذا أفتى العلماء بجوازه، حيث نقل السبكي في كتابه (شفاء السقام) الإجماع على مشروعيته، ونسب الخلاف إلى ابن تيمية.
4- طعن الشيعة في بعض الصحابة:
وأوضح سماحته أن تقييم الصحابة مسألة يجوز فيها الاجتهاد، والخطأ فيها لا يستلزم كفراً، وأن من سبَّ مسلماً ـ صحابيا أو غيره ـ لا يكفر بذلك، لما ورد في الصحيحين عن النبي أنه قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. ثم إن الصحابة لم يكفروا من طعن فيهم، مع وضوح أن من طعن في صحابي فإنه لم ينكر ضرورياً ولم يجحد أي شريعة من شرائع الإسلام، ثم إن تكفير ساب الصحابي يقتضي تكفير كل من شتم أمير المؤمنين، وتكفير كل من قتل صحابياً بريئاً بالأولوية حتى لو كان صحابياً.
5- الطعن في عرض عائشة:
وبين أن الشيعة ينزِّهون عائشة وكل زوجات الأنبياء عن الفحش والفجور، ولم يتَّهموا عائشة بالزنا، ولم يشكوا في نزاهتها، وعلى من يرى كفر من طعن في زوجة النبي أن يتبرأ من الأحاديث الجنسية المروية عن عائشة، لأنها طعن صريح في عرض النبي، كما يلزمه أن يكفِّر كل من أثار الإفك على عائشة من الصحابة، مع أنا لا نقول بكفر أنا من طعن في عرض المحصنة البريئة ولا سيما إذا كان غافلاً عن أنه يعيب النبي، ولذلك لم يكفر النبي من طعن في عرض عائشة من الصحابة، وإنما نقول: إنه ارتكب موبقة.
6- تحريف القرآن:
وأوضح سماحته أن الشيعة لا يقولون بالتحريف، وكلمات علمائهم قديماً وحديثاً تشهد بذلك، مع أن من قال بالتحريف عن شبهة لا يكون كافراً، وأهل السنة قالوا بالتحريف، وأحاديثهم تدل على ذلك، غاية الأمر أنهم سمّوه نسخ تلاوة. وإذا كان القول بالتحريف كفراً فإنه يلزم تكفير جملة من الصحابة كابن مسعود الذي كان يؤكد على أن المعوذتين ليستا من القرآن.
ونتيجة البحث أن كل الأسباب التي يتشبث بها من يكفر الشيعة غير صحيحة، وأن المكفرين للشيعة لم تكن عندهم أسباب صحيحة، وإنما كانت غايتهم التكفير، وهذه الغاية جعلتهم يبحثون عن أسباب يتمسَّكون بها للتبرير فقط.