مثل كل الأزمات التي شهدها العراق، فان تشكيل الحكومة الجديدة، تأخذها الاتجاهات المتقاطعة، وتتحكم بها المصالح الفئوية، وسط تدخلات ساخنة من الجهات الاقليمية والدولية. فالعراق اليوم يواجه الحرب قرب منطقة القلب.
الحكومات الطائفية في تركيا والمنظومة العربية تعيش حالياً نشوة اللحظة المنتظرة، فهاي هي الحرب الإرهابية تفعل فعلها بتقطيع مناطق العراق، بتسميات متعددة، ثوار عشائر، تنظيم داعش، جيش النقشبندية، لكنها تلتقي بعامل مشترك واحد، إنه الرفض المتصلب لفكرة أن تكون العملية السياسية ممراً لحكم الشيعة.
بعد سقوط النظام الدكتاتوري، إستظلت الكتل السياسية الشيعية بخيمة المرجعية الدينية، وكانت حريصة على الإلتزام برأيها وتوجيهاتها، فكان المكسب الأول هو وحدة الموقف الشيعي في التفاعل مع الانتخابات البرلمانية، وتشكيل كيانهم الأكبر (الإئتلاف الوطني) الذي عكس الحجم المجتمعي للشيعة في العراق ، فتعاظمت مكانة المرجعية أكثر، وتعاظم شأن الشيعة في نفس الوقت.
لكن الممارسة السياسية، لم تبق الحال على نسقه الطبيعي، فقد خاضت الأطراف الشيعية سباق المسافات القصيرة، ودخلت في منافسات ضيقة على مكاسب مؤقتة، استنزفت جهودها وصرفت رجالها عن المهام المطلوبة منهم كقادة للعملية السياسية. والتقصير هنا يشمل كل أطرافهم وفئاتهم وكياناتهم، فقد كان تسابقاً محموماً بذهنية الفوز السريع، وكان من شأن ذلك، تفتيت وحدتهم، واضعاف قوتهم، وتحولهم من منطق المسؤولية الى منطق المكيدة.
سنفتح الجراح لو مضينا في الحديث عن الماضي، وقد يزداد الأمر سوءً، وعليه نكتفي بإشارة مباشرة الى المعنيين في الشأن السياسي من رجال الشيعة، مفادها أن المرجعية الدينية هي ضمان القوة الشيعية، وهي الأحرص على مصلحة العراق وشعبه، فلقد أطفأت اكثر من فتنة طائفية، بكلمة واحدة، وحشدت الجمهور لإنجاح العملية الانتخابية، ثم جندت المتطوعين للدفاع عن العراق الذي استباحته الجماعات الإرهابية.
رأي المرجعية أقوى من تصويت البرلمان، ومن الأمر العسكري، ومن القرار الحكومي، هذه حقيقة كتبها التاريخ في مواقف كثيرة، ومن مصلحة الوطن أن يرجع قادته الى المرجعية، يستمعون لكلمتها، ويلتزمون بتعاليمها، إنها قوة يحلم الآخرون ببعضها، وهي عند الشيعة جاهزة بكلها، أليس من المنطق ان يلجأ إليها السياسيون المختلفون، ليعرفوا كيف يحققوا الإتفاق فيما بينهم؟
//////////////
منقول من موقع صحيفة الراية