|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
القران الثقل الاكبر
بتاريخ : 29-12-2017 الساعة : 12:35 AM
القرآن الثقل الأكبر
إنّ البيئة المعايشة للمسلمين لم تلوَّث إلى هذا الحد الذي تلوثت به اليوم من سحب سوداء متراكمة وقطع الليل المظلم.
صحيح أننا نجد القرآن ومنذ الخطوات الأولى التي تلت تحوّل الخلافة الإسلامية إلى السلطنة الطاغوتية وقد تحوّل في الواقع إلى زائدة كمالية، وخرج بشكل رسمي وإن لم يكن ذلك بشكل اسمي عن المجال الحياتي للمسلمين، إلاّ أن ما حدث في جاهلية القرن العشرين من خلال عمل الأجهزة السياسية والإعلامية المعقدة، يعدُّ أخطر من ذلك بمراتب، وأكثر بعثاً على القلق بلا ريب.
ولكي يُعزل الإسلام عن الحياة، فإنّ أكبر وسيلة وأكثرها أثراً هي إخراج القرآن عن المجال الذهني والقلبي والعملي للأُمة الإسلامية. وهذا بالتأكيد ما عمل له المتسلطون الأجانب والعملاء الداخليون لهم، سالكين هذه السبيل عبر الاستعانة بشتى الأنماط والوسائل.
إنّ القرآن وهو (حسب تعبيره هو) الكتاب المقدس، والنور، والهدى، والفرقان بين الحق والباطل، والحياة، والميزان والشفاء، والذكر؛ لا تتم له هذه الخصال بشكلٍ عملي إلاّ إذا تمّ قبل كل شيء استيعابه فهماً، وتطبيقه عملاً.
لقد كان القرآن في عصر الحكم الإسلامي في الصدر الأول، هو القول الفصل والكلمة الأخيرة، وحتى كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يجب أن يعرض عليه. وكان حَمَلَة القرآن، يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع بعد أن كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أعطى الأمة التعليم القائل: "أشراف أُمتي، أصحاب اللّيل وحَمَلَة القرآن".
لقد كان استيعاب القرآن علماً وعملاً، يشكل قيمة واقعية. فللعثور
--------------------------------------------------------------------------------
6
--------------------------------------------------------------------------------
على حلٍّ لكل مشكلة حياتية يجب الرجوع إلى القرآن، ولقد كان القرآن ملاك قبول أيّ حديث، أو أسلوب، أو مدّعى، ومعياره. كان عليهم أن يعرفوا الحق والباطل من وجهة نظر القرآن ليشخصوا نماذجهما ومصاديقهما في ميدان الحياة.
ومنذ فقدت القوى الحاكمة على المجتمعات المسلمة القيم الإسلامية واغتربت عنها ورأت في القرآن وهو الناطق بالحق وفرقان الحق والباطل عقبة في سبيلها، بدأ السعي الحثيث لإبعاد كلام الله عن ميدان الحياة، ووُجد عقيب ذلك الفصل بين الدين والحياة الاجتماعية، والتفريق بين الدنيا والآخرة، والتقابل بين المتدينين الواقعيين وأهل الدنيا المقتدرين، وأُبعد الإسلام عن مركز إدارة مجالات الحياة الاجتماعية للمجتمعات المسلمة، ليقتصر على المساجد والمعابد والبيوت وزوايا القلوب، وهكذا وُجد الفصل بين الدين والحياة بكل ما عاد به من خسارة وعلى المدى الطويل.
ومن الطبيعي أن القرآن قبل أن يتمّ الهجوم الواسع للمتسلّطين الغربيين الصليبيّين والصهاينة وإن لم يكن موجوداً في المجال الحياتي بالمعنى الحقيقي إلاّ أنه كان يحتل مكانة في أذهان المسلمين وقلوبهم على تفاوت بينهم في ذلك غير أن الهجوم الصليبي الصهيوني في القرن التاسع عشر لم يستطع أن يتحمّل حتى هذا القدر أيضاً. إنهم لا يستطيعون أن يتحمّلوا وجود القرآن الذي يصدر بكل وضوح أمر: ﴿وأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِّنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ﴾، ويصدح بقول: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلى المُؤْمِنينَ سَبِيلاً﴾، القرآن الذي يريد للمؤمنين أن يكونوا إخوة فيما بينهم، أشداء غضاباً على
--------------------------------------------------------------------------------
7
--------------------------------------------------------------------------------
أعدائهم، مثل هذا القرآن لا يمكن أن يتحمّله المتسلطون الساعون للسيطرة على أزمّة أُمور المسلمين، ونهب كل شيء لديهم.
إنّ هؤلاء المتسلطين أدركوا بكل وضوح أن القرآن رغم هذا الحضور غير الكامل في حياة الأمة، لن يسمح لتسلُّطهم ونفوذهم أن يسلكا سبيلهما المنشودين، لذا فقد وضعوا خطة حذف القرآن بشكل كامل، وطبيعي أن لا تمتلك ولن تمتلك هذه الخطة تطبيقاً عملياً، ذلك أن اللَّه تعإلى قد وعد الأُمة الإسلامية بحفظ القرآن دائماً على أننا لا نستطيع أن نغض النظر عن نتائج ذلك السعي الواسع الأبعاد الذي تمّ من قبلهم بهذا الصدد.
ألقوا اليوم نظرة على ميدان حياة المسلمين، فأين تجدون القرآن؟ هل تجدونه في أجهزة الحكومات؟ أو في النظم الاقتصادية؟ أو في تنظيم العلاقات والمناسبات بين الناس بعضهم مع البعض الآخر؟ في المدارس والجامعات؟ في السياسة الخارجية والعلاقات بين الدول؟ في تقسيم الثروات الوطنية بين فئات الشعب؟ في أخلاقية المسؤولين في المجتمعات الإسلامية وكل فئات الشعوب التي تتأثّر بهم قليلاً أو كثيراً؟ في السلوك الفردي للحكام المسلمين؟ في العلاقات بين الرجل والمرأة؟ في الأرصدة المصرفية؟ في أنماط المعاشرة؟ في أي مكان من الحركة العامة والاجتماعية للناس؟ ولنستثنِ من كل هذه الميادين الحياتية المساجد والمآذن وأحياناً بعد البرامج التي لا تُعد شيئاً من الإذاعات رياءً وخداعاً لعامة الناس. ولكن هل جاء القرآن لهذا فقط؟ لقد كان السيد جمال قبل مئة سنة يَبكي ويُبكي لهذا الأمر، حيث عاد القرآن يقتصر على الإهداء والتزيين والتلاوة في المقابر والوضع على
--------------------------------------------------------------------------------
8
--------------------------------------------------------------------------------
الرفوف.. ولكن ماذا حدث في المئة سنة هذه؟ ترى ألا يبعث وضع القرآن لدى الأُمة الإسلامية على القلق؟
إنّ الحديث كلّه يتركز على أن القرآن، كتاب حياة الإنسان؛ إنسان اللانهاية، الإنسان المتكامل، الإنسان ذي الأبعاد، الإنسان الذي لا حدّ لتكامله، إنّ هذا الهادي والمعلم للإنسان قادر على أن يرعاه في كل العصور، وأن نظام الحياة اللائق بالإنسان، إنما يتعلّمه الإنسان من القرآن لا غير، وأن الأساليب التي يجب أن يتبعها ليرفع عن كاهله أنواع الظلم، والتفرقة والفساد، والجهل، والطغيان، والانحراف، والدناءة، والخيانة التي ابتلي بها خلال تاريخه الطويل فكانت عقبة في سبيل رشده وتعاليه، كل هذه الأساليب إنّما يمكن أن تكون عملية في ظل الهداية القرآنية والمخطط الذي طرحه الكتاب السماوي للحياة الإنسانية.
إنّ العودة إلى القرآن، هي عودة إلى الحياة التي تليق بالإنسان، وهي المهمة الملقاة على عاتق المؤمنين بالقرآن، وفي طليعتهم العارفون به، والعلماء والمبلغون الدينيُّون.
وإنّ العودة إلى القرآن، شعار لو يطرح بشكل حقيقي وجدّي، لاستطاع أن يقدِّم الفارق بين الحق والباطل. كما يجب أن لا تتحمّل الشعوب الإسلامية وجود تلك القوى التي لا تريد أن تقبل مسألة العودة إلى القرآن.
إخواني المسلمين، أخواتي المسلمات.
إننا بعد أن ابتلينا كذلك بالبعد عن القرآن وأُصبنا بآثار التآمر ضد القرآن من قبل الأعداء العالميين، قد ذقنا طعم العودة إلى القرآن.
--------------------------------------------------------------------------------
9
--------------------------------------------------------------------------------
وإن انتصار الثورة الإسلامية العظيمة في إيران، وإقامة نظام الجمهورية الإسلامية، ليعدّان من الاثار المباركة الكبرى لهذه العودة.
إنّ هذا الشعب ليشاهد اليوم في أُفق حياته، وفي علاقاته الإجتماعية، وفي شكل حكومته ومحتواها، وفي مناقبية قادته، وفي سياسته الخارجية، وفي نظام التعليم والتربية لديه، يشاهد في كل ذلك لمعات من التعليم القرآني... إنّ الذي هبَّ علينا لحد الان إنما هو نسيم في جنة القرآن.. إلاّ أن الطريق أمام السعي والحركة، ما زال مفتوحاً للوصول إلى بحبوحة هذه الجنَّة الواقعية1.
--------------------------------------------------------------------------------
10
--------------------------------------------------------------------------------
كتاب الله وقصته في التاريخ(1)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض".
الحمد لله وسبحانك، اللهم صل على محمد واله مظاهر جمالك وجلالك وخزائن أسرار كتابك الذي تجلى2 فيه الأحدية3 بجميع أسمائك4، حتى المستأثر منها الذي لا يعلمه غيرك. واللعن على ظالميهم أصل الشجرة الخبيثة.. وبعد.
أرى مناسباً أن أقدم تذكيراً نفحة قاصرة عن معنى الثقلين5 لا من حيث المقامات الغيبية والمراتب المعنوية والعرفانية، فبيان من هو مثلي أعجز من أن يتجرأ على الحديث عن مقامات عرفانية أحاطت
--------------------------------------------------------------------------------
11
--------------------------------------------------------------------------------
بكل دائرة الوجود من المُلك6 إلى الملكوت الأعلى7 ومنه إلى اللاهوت8؛ وإن ما لا يصل إلى فهمي وفهمك هو ثقيل تحمله، فوق الطاقة إن لم أقل يستحيل، ولا من حيث ما أصاب البشرية لهجرها حقائق المقام العالي للثقل الأكبر والثقل الكبير9 الذي هو الأكبر من كل ما سواه عدا الثقل الأكبر وهو الأكبر المطلق.
ولا من حيث ما أصاب الثقلين على يد أعداء الله والطغاة المكرة، مما يصعب إحصاؤه على من هو مثلي لمحدودية الاطلاع والوقت، ولكني رأيت مناسباً أن أذكّر بإشارة عابرة مقتضية لما جرى على الثقلين، ولعل في عبارة "لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض" إشارة إلى أن كل ما ألمَّ بأي من الثقلين بعد الوجود المقدس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أصاب الثقل الأخر أيضاً وإن هجر أي منهما هجر للأخر، حتى يرد هذان المهجوران الحوض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهل أن هذا الحوض هو مقام اتصال الكثرة بالوحدة10 واضمحلال القطرات في البحر، أم هو شيء آخر لا سبيل للعرفان والعقل البشري إلى إدراكه.
--------------------------------------------------------------------------------
12
--------------------------------------------------------------------------------
وينبغي القول: إن ما أصاب وديعتيّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، من ظلم الطواغيت هو ظلم للأمة الإسلامية، بل للبشرية جمعاء، يعجز القلم عن تبيانه، ويلزم التذكير هنا بأن حديث الثقلين11 متواتر12 بين جميع المسلمين، وقد روته كتب أهل السنة، الصحاح الستة13 وغيرها، عن الرسول الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم، بألفاظ متعددة وموارد متكررة، فوصل حدّ التواتر.
فهذا الحديث حجة بالغة على البشرية جمعاء ولا سيما المسلمين بمختلف مذاهبهم فهم مسؤولون جميعاً عن ذلك بعد أن تمّت الحجة
--------------------------------------------------------------------------------
13
--------------------------------------------------------------------------------
عليهم، وإن كان هناك من عذر للعامة بسبب جهلهم وعدم اطلاعهم، فلا عذر لعلماء المذاهب.
ولنر الان ما جرى على القرآن هذه الوديعة الإلهية، وتركة رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم لقد شرعت نوائب مفجعة حرية أن يُبكى منها دماً بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام14، فقد استغل عباد الأنا والطواغيت القرآن الكريم، واتخذوه وسيلة للحكومات المعادية للقرآن، وأبعدوا مفسري
--------------------------------------------------------------------------------
14
--------------------------------------------------------------------------------
القرآن الحقيقيين والعارفين بالحقائق الحقة ممن تعلموا القرآن كله من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أبعدوهم بذرائع شتى، وبالقرآن، وبمؤامرات معدة من قبل، في وقت لم يزل فيه نداء "إني تارك فيكم الثقلين" مدوّياً في أسماعهم، وفي الحقيقة فقد أخرجوا القرآن الذي كان وما يزال الدستور الأعظم لحياة البشر وشؤونهم المادية والمعنوية حتى يرِدوا الحوض من الميدان، وأبطلوا حكومة العدل الإلهي وهي أحد أهداف هذا الكتاب المقدس، وأسسوا أسس الانحراف عن دين الله وكتابه والسنّة الإلهية، فبلغ الأمر حداً يخجل القلم عن تبيانه.
وكلما ارتفع هذا البنيان المنحرف ازداد الانحراف، فقد عطلوا القرآن الكريم إلى حد بدا وكأنه لا دور له في الهداية، وهو الكتاب الذي تنزل من مقام الأحدية السامي15، بالكشف16 المحمدي التام، هدى للعالمين، ومحوراً لجميع المسلمين كافة؛ بل وعموم الأسرة البشرية، والسمو بها إلى ما يجب أن تسمو إليه وإنقاذها وهي وليدة علم الأسماء17 من شرور الشياطين والطغاة.
وهو الكتاب الذي تنزّل لبسط العدل والقسط في العالم، وتسليم الحكم إلى أولياء الله المعصومين عليهم صلوات الأولين والآخرين ليفوّضوه بدورهم لمن يُضمن به صلاح الإنسانية.
وبلغ الانحراف درجة أن الحكومات الجائرة والخبثاء من فقهاء البلاط -
--------------------------------------------------------------------------------
15
--------------------------------------------------------------------------------
وهم أسوأ من الطغاة - اتخذوا القرآن وسيلة للظلم وترويج الفساد وتسويغ أعمال الظلمة والمعاندين لإرادة الحق تعالى، وواأسفاه أن القرآن وهو كتاب الهداية لم يعد له من دور سوى في المقابر والمآتم، بسبب الأعداء والمتآمرين والجهلة من الأصدقاء. كان الحال كذلك وما زال، فأصبح الكتاب الذي ينبغي أن يكون وسيلة لتوحيد المسلمين والعالمين، ودستوراً لحياتهم أصبح وسيلة للتفرقة وإثارة الخلاف، أو عُطّل دوره كليّاً. وقد رأينا كيف يُعتبر مرتكباً لكبرى الكبائر من ينادي بالحكومة الإسلامية ويتحدث بالسياسة. في حين أن سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآن والسنة ملأى بالنصوص المعنية بدور الإسلام الكبير في الشؤون السياسية، وأصبح وصف عالم الدين بالسياسي مرادفاً لوصفه بعدم الدين وما زال هذا الوصف موجوداً. وأخيراً الحال إلى أن تعمد القوى الشيطانية الكبرى ابتغاء محو القرآن وحفظ مطامعها الشيطانية إلى طبع القرآن بخط جميل، وتوزيعه على نطاق واسع، وتنفذ ذلك بأيدي الحكومات المنحرفة التي تتظاهر بالإسلام زيفاً، وهي بعيدة عن تعاليمه، وبهذا المكر الشيطاني تعطّل القرآن.
وقد رأينا كيف أن محمد رضا بهلوي18 طبع القرآن فاستغفل به
--------------------------------------------------------------------------------
16
--------------------------------------------------------------------------------
البعض، وكيف امتدحته فئة من رجال الدين جاهلة بالأهداف الإسلامية.
نحن نفخر، ويفخر شعبنا المتمسك بالإسلام والقرآن بأننا أتباع مذهب يهدف إلى إنقاذ حقائق القرآن الممتلئة دعوة إلى الوحدة بين المسلمين، بل البشرية من المقابر باعتبارها أنجع علاج منقذ للإنسان من القيود المكبلة لرجليه ويديه وقلبه وعقله، والسائقة له إلى الفناء والعدم والرق والعبودية للطواغيت.
--------------------------------------------------------------------------------
17
--------------------------------------------------------------------------------
عظمة القرآن(2)
إعلم أيها العزيز أن عظمة كل كلام وكل كتاب إما بعظمة متكلمة وكاتبه، وإما بعظمة مطالبه ومقاصده، وإما بعظمة نتائجه وثمراته، وإما بعظمة الرسول والواسطة، وإما بعظمة المرسل إليه وحامله، وإما بعظمة حافظه وحارسه، وإما بعظمة شارحه ومبيّنه، وإما بعظمة وقت إرساله وكيفية إرساله. وبعض هذه الأمور دخيل في العظمة ذاتاً وجوهراً19 وبعضها عرضاً وبالواسطة، وبعضها كاشف عن العظمة. وجميع هذه الأمور التي ذكرناها موجودة في هذه الصحيفة النورانية بالوجه الأعلى والأوفى؛ بل هي من مختصّاته بحيث أن أي كتاب آخر إما ألاَّ يشترك معه في شيء منها أصلاً، أو لا يشترك معه في جميع المراتب.
أما عظمة متكلمه ومنشئه وصاحبه؛ فهو العظيم المطلق20 الذي جميع أنواع العظمة المتصورة في الملك والملكوت21، وجميع أنواع القدرة النازلة في الغيب22
--------------------------------------------------------------------------------
18
--------------------------------------------------------------------------------
والشهادة23 رشحة من تجليات24 عظمة فعل تلك الذات المقدسة، ولا يمكن أن يتجلّى الحق تعالى بالعظمة لأحدٍ وإنما يتجلى بها من وراء آلاف الحجب25 والسرادقات، كما في الحديث "إن لله تبارك وتعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه دونه"26.
وعند أهل المعرفة قد صدر هذا الكتاب الشريف من الحق تعإلى بمبدئيّة جميع الشؤون الذاتية والصفاتية والفعلية، وبجميع التجليات الجمالية27 والجلالية، وليست لسائر الكتب السماوية هذه المرتبة والمنزلة. وأما عظمته بواسطة محتوياته ومقاصده ومطالبه فيستدعي ذلك عقد فصل على حدة، بل فصول وأبواب، ورسالة مستقلة، وكتاب مستقل حتى يسلك نبذة منها في سلك البيان والتحرير، ونحن نشير بطريق الإجمال بفصل مستقل إلى كلياته، وفي ذلك الفصل نشير إلى عظمته من حيث النتائج والثمرات إن شاء الله.
وأما عظمة رسول الوحي وواسطة الإيصال فهو جبرائيل الأمين والروح الأعظم الذي يتصل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بعد خروجه عن الجلباب البشري، وتوجيه شطر قلبه إلى حضرة الجبروت28 بذاك الروح
يتبع
|
|
|
|
|