( بُـنَي ! ) :
ـ كُنْ مِنَ أولئك الذين يُحِبّون الصالحين والعارفين ، وإنْ لم تكن منهم ، ولا تغادر هذه الدنيا وأنتَ تُكِنُّ العداء لأحباب الله تعالى .
ـ تعرَّفْ إلى القرآن - كتاب المعرفة العظيم - ولو بِمُجَرَّد قراءته ، وشقّ منه طريقاً إلى المحبوب ( يعني الى الله )
ـ ولا تَتَوَهَّمَنَّ أَنَّ القراءة مِنْ غير معرفة لا أثر لها ، فهذه وساوس الشيطان ..واعْلَمْ أننا لو أنفقنا أعمارَنا بتمامها في سجدة شُكر واحدة على أن القرآن كتابُنا ، لَمَا وَفَّيْنَا هذه النعمة حَقَّها مِنَ الشُّكر .
ـ فَلْيَكُنْ إنْتِخابكَ للأَصحاب مِنْ بين أولئك الصالحين والمُتَدَيِّنين والمهتمين بالأمور المعنوية ، مِمَّنْ لا تَغُرُّهُمْ زخارف الدنيا ولا يَتَعَلَّقون بها ، ولا يَسْعَون في جَمْع المال وتحقيق الآمال أكثر مما هو متعارف ، أو أكثر مِنْ حَدِّ الكفاية ، ومِمَّن لا تُلَوِّث الذنوب مجالسهم ومحافلهم ، ومن ذوي الأخلاق الكريمة ، فإِنَّ تأثير المعاشرة على الطرفَيْن مِنْ إصلاح وإفساد أمرٌ لا شَكَّ في وقوعه .
ـ واسْعَ أَنْ تَتَجَنَّب المجالس التي تُوقِع الإنسان في الغفلة عن ذِكْرِ الله ، فَإِنَّ ارْتِياد مثل هذه المجالس قد يؤدّي إلى سَلْبِ الإِنسان التوفيق ، الأمر الذي يُعَدّ - بِحَدِّ ذاتِهِ - خسارة لا يُمكِنُ جُبْرانُها .
ـ ويا لَيْتَنا نَصْحو من نومتنا ونَلِجُ أول منزل ، وهو اليقظة! ويا لَيْتَهُ جَلَّ وعلا يأخذ بأيدينا - بألطافه وعناياته الخفية - فيُرشدنا إلى جماله الجميل ،
ويا ليت فرس النفس الجَموح تهدأ قليلاً ، فتَنِزل مِنْ مقام الإنكار ، ويا ليتنا نُلْقي هذا العِبء الثقيل مِنْ على كَواهِلِنا إلى الأرض . فنَنْطَلِق مُخِفِّينَ نحوهُ تعالى !
ـ وأنتَ يا بُـنَي : إِسَتَفِدْ مِنْ شَبابكَ وعِشْ طوالَ عمرك بذكر الله ومحبّته (جَلَّ وعلا) والرجوع إلى فطرة الله . أتحدث إليك الآن، وأنتَ ما زلتَ شاباً .
عليكَ أَنْ تنتبه إلى أنَّ التوبة أسهل على الشُّبّان ،كما إنَّ إصلاح النفس وتربيتها يتم بسرعة أكبر عندهم ،
في حين أنَّ الأهواء النفسانية والسعي للجاه وحب المال والغرور أكثر وأشدّ بكثير لدى الشيوخ منه لدى الشبَّان ، أرواح الشبّان رقيقة شفّافة سَهْلَة الإنقِياد ،
ـ وليس لدى الشبّان مِنْ حُبِّ النفْس وحُبِّ الدنيا بِقدر ما لدى الشيوخ ، فالشاب يستطيع بسهولة - نسبياً - أَنْ يتخلّص من شر النفِس الأمَّارة بالسوء ، ويَتَوَجَّه نحو المعنويات .
ـ وفي جلسات الوعظ والتربية الأخلاقية يتأثَّر الشبّان بدرجة كبيرة لا تحصل لدى الشيوخ . فَلْيَنْتَبِهِ الشبّان ، وَلْيَحْذَروا من الوقوع تحت تأثير الوساوس النفسانية والشيطانية ، فالموت قريب من الشبّان والشيوخ على حَدٍّ سواء .
ـ بُـنَي : لا تُضَيِّعِ الفرصة مِنْ يَدَيك ، واسْعَ لإصلاحِ نَفْسك في مرحلة الشباب . على الشيوخ أيضاً أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهم ما داموا في هذا العالَم ، فإِنَّهُم يستطيعون جبران ما خسروا وما ضيَّعوا ، وأَن ْيُكَفِّروا عَنْ مَعاصيهم ، فإِنَّ الأَمْرَ سيَخرج مِنْ أيديهم بِمُجَرَّد انتقالهم من هذا العالَم .
ـ بُـنَي : إِحْرَصْ على أَنْ لا تغادر هذا العالَم بحقوق الناس ، فما أصعب ذلك وما أقساه ! واعْلَمْ أَنَّ التعامل مع أرحم الراحمين أسهل بكثير من التعامل مع الناس !
ـ نعوذ بالله تعالى أنَا وأنت وجميع المؤمنين من التورط في الاعتداء على حقوق الآخرين ، أو التعامل مع الناس المتورطين . ولا أقصد من هذا دَفْعَكَ للتساهل بحقوق الله والتَّجَرّؤ على معاصيه .
ـ كذلك فإنَّ من الأمور الهامّة التي ينبغي أن اُوصي بها : ألحرص على إعانة عباد الله ، خصوصاً المحرومين والمساكين المظلومين ، الذين لا ملاذ لهم في المجتمعات .
ـ فابْذُلْ ما في وُسْعِكَ في خدمتهم،فذلك خير زاد ، وهو من أفضل الأعمال لدى الله تعالى ، ومن أفضل الخدمات التي تُقَدَّم للإسلام العظيم .