[طيار]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله نفوسكم بولادة رحمة الانسانية محمد صلى الله عليه وآله
هذا الموضوع هو فكرة صديق عراقي قضى فترة في أبو غريب وتعرفت عليه في سوريا وأنا قدمت لكم الموضوع بهيكل أدبي بمناسبة الذكرى الخامسة لاحتلال العراق أتمنى أن ينال اعجابكم ولا تنسوا ..القراءة بهدوء



خمس سنوات ...خمس سنوات في ظلام الزنزانة الطويل ...في هذا السكون اللذي تعكره خطوات الجنود الحديدية ونباح الكلاب وأنين الانسان المعذب .
وأنت ياأماه , وإخوتي وأهلي والعراق ...كل العراق
لعلكم أحياء .. لعلكم أموات ..لعلكم مثلي بلاعنوان ..وماهي قيمة الانسان بلاوطن ودونما عنوان ......ماقيمة الانسان .
وكيف حال أبي هل مازال يحب ذكر الله
صحيح أني لم أسمع منه كلمة لينة في صباي , صحيح أنه لم يسبغ عليّ حنانه الا في غيابي ولم أستطع يوما أن أنعم بصداقته , ولكني أحب قسوته ... لأنها جعت مني رجلا .. رجلا سجين.
وكيف حال زهرة الجيران هل كبرت وجاءها عرسان .
محاصر أنا بالحقد والكراهية ياأماه ..هذا الجندي يشبه معاوية وذلك يشبه يزيد .
منسي أنا بين أربع جدران واللذي يملأني بكاء أني لاأستطيع أن ألبي دعي الله بقلبي ودمي .
ولكني بخير ... ولوحزين ...ولو حزين .
أنا بخير وصرت في العشرين تصوريني صرت في العشرين وصار لي شاربين ..........أدخن التبغ وألقي ظهري الى الجدار وأحمل العبء كما الرجال يفعلون .
صرت في العشرين وثوبي العتيق أتذكرينه ... مازال بخير وأستطيع أن ألرتق أكمامه بنفسي كلما مزقتها أنياب الكلاب .
ماذا جنيت أنا ياأماه حتى أموت مرتين .
مرة أموت في الحياة ......ومرة عند الوفاة .
وهل تعرفين كيف يرتاح هنا الانسان ....يجلس على كرسي من حديد .........يشعر صدمة ثم لايشعر بعدها بشيء أبدا .
وماأحلى ذلك الشعور ألا يشعر المرء بشيء أبدا .
يموت هنا الانسان بلاكفن يا أماه .........يموت كأي شيء ميت ...ويرمى به تحت ظل الصفصاف الحزين ..ويقع جسده تحت سطوة الغربان والضباع .
ولكني بخير ولا أعرف متى ينفذ صبري وأين ينتهي أملي .
واعذريني فخطي جدا قبيح ....فمنذ خمس سنوات لم أكتب كلمة ...وأصفاد الحديد تعطل أعصاب اليدين .. والضبابة الرمادية المالحة اللتي تظهر عندما يختلط الدمع والعرق ..وأحيانا الدماء داخل العين
تمنع العين من رؤية السطور والكلمات .
بخير أنا ياأماه ولوحزين ......ولوحزين .



فكرة (علي بغدادي)
بقلم طيار (بتصرف)