الخطيب الحسيني المرحوم الشيخ هادي الكربلائي (رحمه الله)
بتاريخ : 29-03-2008 الساعة : 10:20 AM
كربلاء هذه البقعة التي كانت منذ أن خلقها الله مهبطاً للأنبياء والأوصياء وقد شرفها الإمام الحسين عليه السلام بقدومه الشريف إليها وطهرها يوم سقاها بدمه الطاهر الزكي فأرسى بها قواعد الحرية والتمرد على الطغيان وكل الطغاة فجعلها أعظم وأكبر مدرسة للحضارة الإنسانية بمكن أن يستلهم كل مؤمن من أقصى الأرض إلى أقصاها أحسن الدروس وأعظم العبر منها في الحرية والعزة والكرامة والإباء والوفاء والتضحية في الدفاع عن العقيدة التي يعتز المرء بالاعتصام بها والتضحية عنها بأسمى وأقدس وأشرف وسائل الدفاع.
هذه المدينة المقدسة أنجبت فطاحل وعلماء نهلوا من المنابع الصافية النقية لعلوم أهل البيت عليهم السلام فنشأوا وترعرعوا وتربوا على قداسة هذه الأرض الطاهرة ودرسوا العلوم بكل فروعها ودرسوها حتى وافى بعضهم الأجل (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) الأحزاب 23. ورغم أنهم رحلوا فقد تركوا ما يخلد ذكراهم من تراث ضخم سيظل مدعاة للإشارة إليهم بالبنان. ولا زالت كربلاء المقدسة وكل الكربلائيين تحتفظ ذاكراتهم بصور وذكريات لعلماء وخطباء وشعراء ومنشدين رحلوا وضلت أصواتهم تصدح في فضاءات العقيدة وصورهم مرسومة في آفاق العلم والمعرفة.
ومن هؤلاء الخطيب الحسيني المعروف (الشيخ هادي الكربلائي). ذلك الصوت الذي كان وما يزال وسوف يبقى صداه يجوب دون توقف في الآفاق وفي الأذهان والعقول والضمائر والقلوب.
إنه الشيخ هادي بن صالح مهدي درويش الخفاجي ولد عام 1908م 1326هـ وسكن كربلاء وتلقى تعليمه على يد والده في البداية ثم حتى دخل مدرسة الصدر الأعظم ثم المدرسة الزينبية واتجه نحو الخطابة بعد أن تتلمذ على يد الخطيب البارع المعروف الشيخ محسن أبو الحب رحمه الله.
لقد امتلك مواهب عديدة أنعم الله بها عليه إذ كان سريع البديهية معروفاً بطراوة حديثه وسلاسته وسرعة توصيل ما يبتغي إلى المتلقي. فقد أمضى أكثر من نصف قرن من عمره الكريم وهو يرتقي المنبر حتى أصبح مدرسة يتعلم منها الخطباء قبل المستمعين واتخذ أساليباً معينة انفرد فيها في الإنشاد وكان لصوته الرخيم الشجي الأثر الكبير في اجتذاب الدموع الساخنة الحزينة من محبي سيد الشهداء الحسين بن علي عليهم السلام.