سماحة السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي (قدس الله نفس
بتاريخ : 28-05-2008 الساعة : 06:11 PM
كربلاء منبع نقي طاهر فجر سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لينهل منه كل من تشوقه فطرته للارتواء من منهل العترة الطاهرة صلوات الله عليهم.
لقد أنجبت كربلاء واحتضنت أشهر أعلام التاريخ الشيعية فقد كانت ممراً ومقراً ومستقراً لفطاحل علماء الشيعية في العالم ومنها امتد العطاء العقائدي عن طريق العلماء الذين تخرجوا من مدرسة أهل البيت وهناك علماء عرفتهم كربلاء ولم تزل ذكراهم منحوتة في ذاكرات أبنائها حيث ورثوها من الأجداد والآباء وبالتواتر أو عن طريق الكتب المشهورة التي احتوت علومهم ونقلت أخبارهم ولم تزل بعض الصور لأؤلئك العلماء مرسومة في أذهان البعض ورغم أن البعض لم يعاصر اؤلائك الأبرار الماضين لكنه يحفظ عنهم الكثير بسبب ما يروى عنهم أو ما تركوهمن آثار دينية كانت أو سياسية أو اجتماعية أو إنسانية.
ومن العلماء الذين تركوا الأثر الكبير في نفوس الكربلائيين بصورة خاصة وباقي المسلمين بصورة عامة (المرحوم العلامة الكبيرة آية الله العظمى الميرزا مهدي الشيرازي) الذي دخل التأريخ بحق من أوسع أبوابه إذ أنه أصبح من مشاهير الفقهاء الذين لا يمكن تجاوزهم أو تجاهلهم حين يبدأ الحديث عن الحوزة العلمية والعلماء.
لم يكن رجل دين قد تخصص في إصدار الأحكام الشرعية وانزوى في صومعة ليتفرغ للدراسة والمطالعة حسب بل كان يشارك المجتمع همومه في كل الجوانب الدينية منها والسياسية والاجتماعية. كان مدافعاً عن الحق وعن المذهب وعن مفاهيم العقيدة، سرعان ما يقف بجرأة وصلابة ويصدر فتواه بكل شجاعة حين يلمس أن البلد قد تعرض إلى غارة همجية يمكن أن تسلخ منه هويته الحقيقية.
فقد اشترك رحمه الله في ثورة العشرين وأفتى مع مجموعة من الفقهاء بضرورة طرد الإنجليز من العراق كان ذلك إبان حركة الجيش عام (1360هـ ، 1941م) ثم تصدى لأعتى وأخطر موجة دفعها أعداء الإسلام، وكان من أول من بادر للتصدي لهذه الموجة، ألا وهي الموجة الشيوعية التي كانت تود سلب الهوية العقائدية من جيل تمسك بهويته واعتصم بحبل الله المتين ثم جاءت موجة أخرى مشابهة لتلك الموجة لكنها تحمل عنوان القومية وتلك كانت أيام حكم عبد السلام عارف. ومن أجل الوقوف بأوجه المنحرفين كي لا يجر الناس للانحراف بحجة الحرية أو التعبير عن الرأي دون وضع حد معقول فقد اشترك مع السيد حسين القمي قدس سره عام 1360هـ ضد الحكومة الإيرانية وأصدر فتوى حينها أجبرت الحكومة على الرضوخ لمطالبه والسماء بارتداء الحجاب ومنع الاختلاط في المدارس وفرض تدريس الأحكام الشرعية في المدارس.
ولا زالت كربلاء والكربلائيون يتذكرون أروع الاحتفالات لمناسبة مولد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ولا زالت القصائد العصماء التي كان يلقيها الشعراء ومنهم نجله الشهيد السيد حسن الشيرازي قدس سره لا زالت تلك القصائد يرن صداها في الآفاق وذلك كان ابتداء من عام 1378هـ حتى عام 1380هـ.
لقد صار تواضعه وورعه وتقواه مدعاة لأن تلتف حوله الجماهير وتتعلم منه الكثير لذا كان فراقه طعنة في قلوب المحبين.
ولد سماحته قدس سره في كربلاء عام 1304هـ وبادر بالتحصيل العلمي منذ نعومة أضفاره فتتلمذ في المراحل العليا على يد نخبة من أساطين الفقه والأصول ومنهم: الآخوند الخراساني والسيد اليزدس والشيخ محمد رضا الهمداني والشيخ محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق والميرزا النائيني) وآخرين.
وكان ورعاً زاهداً تضرب الأمثال في زهده وورعه مما جعله ذلك صاحب كرامات تذكر ويروى أنه كان كثير الحفظ وجيد الخط وله عدة مؤلفات منها تعليقة العروة الوثقى، رسالة على وسيلة النجاة، ذخيرة العباد، أجوبة المسائل الاستدالالية، رسالة حول الإمام الرضا عليه السلام. توفي في 28 شعبان 1380هـ عن عمر يناهز 76 عاماً ودفن في الحرم الحسيني الشريف خرج لتشيعه جماهير كربلاء عن بكرة أبيها بالإضافة لمن توجه من المدن الأخرى.