العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العام

المنتدى العام المنتدى مخصص للأمور العامة

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

امير الرافدين البصراوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 110
الإنتساب : Aug 2006
المشاركات : 490
بمعدل : 0.07 يوميا

امير الرافدين البصراوي غير متصل

 عرض البوم صور امير الرافدين البصراوي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى العام
افتراضي مرفأ الإنسانية المعذبة
قديم بتاريخ : 06-08-2006 الساعة : 06:16 AM


ووقف الإمام يعمّق ويركّز ـ في وفرة هائلة ـ الأحكام : ابتداء من أوّل الدين ، وتوحيد الله ، وصفاته تعالى ، ومروراً بفلسفة الرسالات ، وتقييم الإسلام ومفاهيمه وأحكامه ، وشرح مواقف الرسول ، وأبعاد القيادة ، والحقوق المتكافئة بين الأطراف الكونية والبشرية ، وانتهاء بوصف السماء ، والأرض ، والطاووس ، والنملة ، وأشياء كثيرة ، وبحوث متنوّعة ... ؛ لولاها لكان في الإسلام فراغ كبير وغموض شديد .

وهو عندما يعمل في موضوع ـ أي موضوع : وضيع أو رفيع ـ لا يسرد سرداً ولا يجتر اجتراراً ـ كما نفعل نحن ، أو حتّى كما يفعل الفلاسفة والمفكّرون ـ وإنّما يجسّد شيئاً حاق به ، ويفرغ شحنةً ضاق بها ، فلا تأخذه كيف شئت وإنّما يأخذك كيف شاء ، حتّى كأنّك في مشهد أو محراب لا أمام خطيب أو كتاب .

ثمّ : التسلسل المنطقي المتين وتولّد الأفكار من الأفكار ، فكل فكرة نتيجة طبيعية لما قبلها ومقدّمة طبيعية لما بعدها ، فلا فكرة إلاّ وتمسّك بك للتأمّل ، ولا جملة إلاّ وتطلّك على آفاق تطل على آفاق ، بدون أي تلكّأ ، أو تكلّف ، أو جهاد ، أو لهاث ... ؛ بل كما ينفجر الفجر ، وينسرح العطر ، وتهرب المياه في الأنهار ، وتفرز القطوف من الأشجار ...

وهذه المقدرة الذكية مظهر لواقع الإمام المعجز في كل ما قال أو كتب ، حتّى وهو يتناول أعتى الأشياء على القلم واللسان .

فاستمع إليه وهو يتحدّث عن الدين وعن التوحيد وعن الله : ( أوّل الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه : لشهادة كل صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنّه غير الصفة ) .

( فمن وصف الله ـ سبحانه ـ فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّاه ، ومن جزّاه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال : ( فيم ) ؟ فقد ضمّنه ، ومن قال : ( علام ) ؟ فقد أخلى منه ) .

( كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ، مع كل شيء لا بمقارنة ، وغير كل شيء لا بمزايلة ، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ، متوحّد إذ لا سكن يُستأنس به ولا يستوحش لفقده ) (7) .

فالأصل الأوّل للدين هو ( معرفة الله ) ، ولا يمكن معرفة الله إلاّ بـ( التصديق ) فمجرد ( التصوّر ) ليس ديناً ، وإنّما الدين هو الإذعان المطلق ، ولا يكمل ( التصديق ) إلاّ بالإله الواحد ، فالتصديق بالآلهة المتعدّدة بدائي يزول بالتأمّل ، لأنّ الإله لو كان متعدّداً لتناقضوا وعلا بعضهم على بعض ففسدت السماوات والأرض (8) ، هكذا تنبسط الأفكار الجليلة الماورائية لمدى الإمام ، فتتولّد وتتناسق بمثل هذه الجزالة وهذا العمق .

ويقول قبل ذلك : ( ليس لصفته حد محدود ، ولا نعت موجود ، ولا وقت معدود ، ولا أجل ممدود ) (9) .

فالله ( مطلق ) غير متناه ، فلا تطوّقه دائرة الأبدية التي طوّق بها خلقه ، وإنّما هو فوق هذه الدوائر ومعها وبعدها .

والوقت هو وليد حركة الأجرام الكونية ، فلا يرقى إلى الله ، فبالنسبة إلى المقهورين بالزمان يوجد شيء اسمه ( الأبد ) ، أمّا بالنسبة إلى قاهر الزمان فلا يلغي مولدات الزمان إلاّ ويكون ( الأبد ) قد رحل .

وسئل الإمام عن التوحيد والعدل ، فكان الجواب : ( التوحيد : أن لا تتوهمه ، والعدل : أن لا تتهمه ) (10) .

فالصور الذهنية مخلوقة لأصحاب الأذهان ، وليست خالقة لهم ، والإله المتهم ليس عادلاً ، أمّا الله فهو : خالق الأوهام ، وبعيد من الاتهام .

وفي كل ما قرأت عن الله لم أجد جملتين بهذا الجلاء والمضاء : كل جملة تتضمّن مدلولاً واضحاً يرفض أي احتمال ، ودليلاً مكيناً لا يترك مجالاً لجدال ، وهل يمكن أن يوجد إنسان يتحدّث عن صفات الله بمثل هذه السيطرة على التفكير والتعبير ؟!

ويمضي ـ متابعاً خطوه ـ في دائرة المعارف التي نهجها لتعميق المفاهيم وتركيز المقاييس الجديدة ، ويقف على فلسفة الرسالات ، فيلخصّها في بندين :

1ـ إنّ الله أخذ الميثاق من بني آدم ـ قبل أن ينقلهم إلى هذا العالم ـ على أنّ الله ربّهم ، فأعطوا الميثاق من أنفسهم : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ـ مِن ظُهُورِهِمْ ـ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) ؟! قَالُواْ : ( بَلَى شَهِدْنَا ) ... ) الأعراف : 172 .

وأخذ نفس الميثاق من الأنبياء ـ بصورة أكيدة ـ : ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ) الأحزاب : 7 .

ثمّ تمرّد بنو آدم على الميثاق الذي أعطوه من أنفسهم ـ لما انتقلوا إلى هذه الدنيا ـ فكفروا بالله ، فبعث الله الأنبياء ليطلبوا من بني آدم العمل بذلك الميثاق .

2ـ إنّ الله أرسل إلى كل إنسان رسولاً هو ضميره ، وهذا الرسول يقول للإنسان كل شيء ، يقول : هذا حق ، وذاك باطل ، ولماذا فعلت الشر وتركت الخير ؟! ففي بعض الحديث : ( إنّ لله على الناس حجّتين : حجّة ظاهرة ، وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة : فالرسل والأنبياء والأئمّة ( عليهم السلام ) ، وأمّا الباطنة : فالعقول ) (11) .

ومحكمة الضمير تبقى مفتوحة ليل نهار ، وتدأب في أعمالها وإصدار أحكامها حتّى في حالات النوم ، فتصوّر الأحكام بالأحلام ، ولكن الضمير قد يضعف بكثرة تسفيهه وتقريعه ، وقد يدفن تحت ركام من الشهوات والعادات ، فأرسل الله الأنبياء لتحرير الضمائر المكبّلة ، وتفجير الضمائر المهلهلة : ( واصطفى ـ سبحانه ـ من ولده ( آدم ) أنبياء : أخذ على الوحي ميثاقهم ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم ؛ لمّا بدل أكثر خلقه عهد الله إليهم … فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبيائه ؛ ليستأدوهم ميثاق فطرته ... ويثيروا لهم دفائن العقول ... ) (12) .

فالأنبياء ما جاءوا ليناقضوا الإنسان ، وإنّما جاءوا ليشجّعوه على الالتحاق بواقعه ، ويفجّروا طاقاته الدفينة تحت أنقاض التخلّف والإجرام ، أو لم يفسّر القرآن فلسفة بعثة الرسول بقوله : ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ... ) الأعراف : 157 ؟!

من هنا ، من مصدر الوجود ومبعث الرسالات ، يبدأ الإمام في فلسفة الوجود ، ولا يحاول ـ مطلقاً ـ أن يبرك فلسفة مستقلة ، وإنّما يتابع الرحلة التي صدح بها القرآن منذ بدأ القرآن رحلته إلى الأرض إلى أن بلغ ختامه ، ويواكب سير الرسالة منذ أن دثر الله رسوله بالوحي إلى أن خلع الحياة ، وإن كان ـ في بعض الأحيان ـ يبدو أنّه ينسج من جديد ، ولكن ـ لدى التحقيق والمقارنة ـ يظهر أنّه يستقي من الضمير القرآني المجيد ، والعمق الرسالي الرشيد .

وإن يكن ـ هناك ـ أي زهوق أو مروق ، ففلسفة الوجود واحدة : عبّر عنها القرآن بأسلوبه الدستوري ، وعبّر عنها الرسول بأسلوبه التأسيسي ، وعبّر عنها الإمام بأسلوبه التركيزي ، أمّا سائر الفلسفات الأخر : فإنّها تعاني من التخلّف أو التجاوز ، وفي كلتا الحالتين لا تطابق بينها وبين الواقع .

توقيع : امير الرافدين البصراوي









من مواضيع : امير الرافدين البصراوي 0 الصورة التي شل الله يد مصممها بعد ثواني من تصميمها
0 بس أزور حسين خلوني
0 صور لاحباب قلبي اهل البيت صلواة الله وسلامه عليهم اجمعين
0 بكاء الزهراء على ولدها الحسين عليهما السلام
0 حكامنا العرب: الرهان على الأمريكان مقامرة..
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:09 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية