[الجندي]

منزلة عليّ (ع) عند رسول الله (ص واله) ومنزلة هارون عند موسى

بسمه تعالى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين .

تناقلت المصادر المعتبرة الحديث الموسوم بحديث المنزلة وتعرض الكثير من علماء الرجال وعلماء الحديث للتدقيق في سند ومتن هذا الحديث فاشفرت تحقيقاتهم عن نتائج زادت مرضى القلوب مرضا فاثبتت التحقيقات صحة الحديث متنا وسندا .
الا ان هناك بعض المغرضين اخذ يشرق ويغرب للطعن في هذا الحديث الذي ورد في اصح الكتب والمصادر لدى اهل السنة الا وهو (صحيح البخاري ) وقرينه الذي لاينفك عنه وهو (صحيح مسلم ) والمشهور بينهم قطعية احاديث الصحيحين فجمهورهم على ان جميع احاديث الصحيحين مقطوعة الصدور !!
اذن لا مجال للبحث عن اسانيد شيء من تلك الاحاديث , ومما يقوي كلامنا هذا هو ما قاله الدهلوي في كتابه الموسوم حجة الله البالغة وهو كتاب معتبر عند اهل السنة ومحل اعتمادهم فيقول ما هذا نصه : ( اتفقوا على ان كل من يهون امرهما – أي امر الصحيحين – فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين ) , حجة الله البالغة : 1 : 282 , باب طبقات كتب الحديث .
ومما يزيد المقال قوة قي القول ناتي بكلام ابن تيمية من باب المثال والتقريب والاستدلال والالزام , فابن تيمية لا يأخذ باحاديث لم ترد في الصحيحين فمثلا : حديث ( ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة ) حقيقة ان هذا الحديث بهذا اللفظ غير موجود في الصحيحين ولكن جاء ذكره في السنن الاربعة , فنلاحظ ابن تيمية في رده على هذا الحديث قائلا : ( الحديث ليس في الصحيحين ولكن قد اورده اهل السنن ورووه في المسانيد كالامام احمد وغيره ) , منهاج السنة : 3 : 456 .
اذن فابن تيمية لا يأخذ باحاديث لم ترد في الصحيحين .

عودا على ذي بدء


(نص حديث المنزلة)

روى البخاري في صحيحه 5: 24 .
قال : حدثنا محمد بن بشار , حدثنا غندر , حدثنا شعبة , عن سعد , قال : سمعت ابراهيم بن سعد عن ابيه , : (( قال النبي (ص واله) لعلي : اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى ))
وروى مسلم في صحيحه 4: 1870 .
قال : عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن ابي وقاص عن ابيه , قال : (( قال رسول الله (ص واله ) لعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ,,, قال سعيد : فاحببت ان اشافه بها سعدا , فلقيت سعدا فحدثته بما حدثني به عامر فقال : انا سمعته , قلت : انت سمعته ؟ قال : فوضع اصبعيه على اذنيه فقال : نعم والا استكتا )) .

وبسند اخر في صحيح مسلم 4: 1871 .
عن بكير بن مسمار , عن عامر بن سعد بن ابي وقاص , عن ابيه قال : امر معاوية بن ابي سفيان سعدا , فقال : ما منعك ان تسب ابا تراب ؟ فقال : اما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله فلن اسبه .... فذكر الخصال الثلاث ومنها حديث المنزلة .
اذن فهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم فالذي يدقق في سنده ومتنه فهو مبتدع وقد اتخذ غير سبيل المؤمنين على حد قول الدهلوي في حجة الله البالغة .

من اخرج له الشيخان فقد جاز القنطرة

اما الرجاليين فقد اتفقوا على ان من اخرج له الشيخان فقد جاز القنطرة , حيث قال الطرابلسي في الكشف الحثيث : 112 , ما هذا نصه : (( من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة , كما قاله علي بن الفضل المقدسي )) .
اذن فحديث المنزلة المذكور فقد اخرجاه كلا من البخاري ومسلم ورووا عن رجاله فرجال حديث المنزلة قد جازوا القنطرة لما تقدم .

معنى المنزلة

المصباح المنير للفيومي : 601
المنزلة لغة , من انزلته , ونزّلته , واستنزلته , بمعنى انزلته , والمنزل موضع النزول , والمنزلة مثله وهي ايضا المكانة , ونزلت هذا مكان هذا , اقمته مكانه , قال ابن فارس : التنزيل ترتيب الشيء .
فاذا كان كذلك فان قول الرسول (ص واله) لعي (ع) : ( انت مني بمنزلة هارون من موسى ) , أي انت بمكانة ورتبة هارون , وبعبارة اخرى : أي اني اقمتك مني مقام هارون من موسى .

ما هي منزلة هارون من موسى ؟

1- منزلة النبوة : قال تعالى : {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا}(مريم/53).
2- منزلة الوزارة : قال تعالى عن لسان موسى : {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي} (طه/29).


3- منزلة الخلافة : قال تعالى : { وَقَالَ مُوسَى ِلأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}(الأعراف/142).
4- منزلة القرابة : قال تعالى عن لسان موسى : {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} طه/31).

منزلة عليّ (ع) عند رسول الله (ص واله)

لاحظت فيما مضى من منازل هارون في القرآن الكريم , وذكرنا اربعة آيات تبين منزلته , فتارة من حيث النبوة , وثانية من حيث الوزارة , وثالثة من حيث الخلافة , ورابعة من حيث القرابة .. فالملاحظ من كلام النبي ( ص واله) لعلي (ع) : ( انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) فالمنازل التي ذكرت في القران لهارون هي عينها منازل علي بن ابي طالب عليه السلام , مستثنى منها النبوة , وقد يستشكل البعض بانه لماذا لم تذكر منزلة علي (ع) في القران كما ذكرت منزلة هارون ؟
فيجاب : ان كلام النبي صلى الله عليه واله هو كلام الله جل وعلا حيث يقول تعالى : {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}(النجم/3).
فالمعترض او المستشكل قد خفي عيه ان حقيقة قول النبي صلى الله عليه واله هي حقيقة القران الكريم .

منزلة علي عليه السلام

ان النبي صلى الله عليه واله قد جمع كل منزلة لهارون في علي عليه السلام في الحديث المعروف في يوم الدار يوم الانذار حيث قال صلى الله عليه واله : ( فأيكم يوازرني على امري هذا ؟ قال عليّ : انا يا نبي الله اكون وزيرك عليه , فقال : ان هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا ) , تفسير البغوي 4: 278 . وغيره كثير من المصادر .

وفي رواية الحلبي في سيرته , 1: 461
: ( اجلس فانت اخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي ) ....
ففي هذا الحديث جمع بين منازل علي (ع) وهارون الا النبوة , من حيث الخلافة والقرابة والوزارة .. وبهذا يتم الاستدلال على امامة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .