لكي تنمو الأشياء بشكل صحيح ، لابد لها أن تؤسس على قاعدة صالحة وان تزرع في أرضها المناسبة لتحقيق هذا النمو وإلا فليس من ضمان لنجاح عملية الاستنبات وبالتالي فلا رجاء في أن تأتي تلك الأشياء بأُكُلها .
لاشك في أن عقد الاتفاقيات والمعاهدات بين بلدان العالم يعد امرأ صحيحا بل وضروريا في عالم من المفترض انه غادر مرحلة استقطابات المحاور ودخل مرحلة التعايش السلمي الدولي ، على أن يبنى هذا التعايش على مجموعة من المبادئ أبرزها ، التكافوء والندية واحترام الآخر وحفظ الخصوصية والابتعاد عن إيديولوجيا الهيمنة ، والواقع أن هذه المبادئ تشكل الأرضية الصحيحة أو المقدمة التي يجب أن تحرزها جميع البلدان قبل الدخول في المعاهدات أو الاتفاقيات لان نقصان أي ركن من الأركان المذكورة أعلاه يعني بالضرورة دخولا في التبعية وضياعا لمصالح الشعوب وتغييبا لهيبة الدول ، وبالتالي ستجعل من الاتفاقيات سياطا بيد الدول الأقوى لتجلد به ظهور الدول الضعيفة ، وستجعلها كذلك سببا في تهيئة المناخات المتخمة بالارتياب ، وتبعا لذلك ستكون سببا في تحجيم آفاق التعاون البناء الراهن والمستقبلي بين المتفقين بدلا من فتحها على مصراعيها بما يخدم مصالح شعبي البلدين أو البلدان الموقعة على الاتفاقيات .
وفي الحالة العراقية فان الحاجة ماسة للدخول في اتفاقيات ثنائية و جماعية مع مختلف بلدان العالم لإصلاح ما أفسده النظام الدكتاتوري البائد في منظومة علاقات العراق الخارجية من جهة والتفريط بمصالح الشعب العراقي من جهة أخرى نتيجة للسياسات الرعناء التي انتهجها ذلك النظام ، ولكن السؤال المهم الذي ينبغي الإجابة عليه بوضوح تام هو ، هل يحتاج العراق إلى عقد الاتفاقيات بأي ثمن أو دون قيد أو شرط ، أم أن هناك شروط وضوابط وحدود لابد من مراعاتها فيها ؟ .
وفي العموم فان أي اتفاق لابد أن لا يتعارض مع ثوابت السيادة والحفاظ على مصالح البلاد السياسية والاقتصادية ، وإلا فإنها لاتعدو في كونها أكثر من قيد يضاف إلى القيود التي فرضتها الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها العراق.