اهتمام رئيس الحكومة بالعشائر هذه الايام وحضوره شخصيا لمؤتمراتها انما يهدف من ورائها الى جذبها لصفه ويؤكد ايضا انه ما زال مستمرا في السير على النهج ذاته الذي سار عليه في انتخابات مجلس المحافظات السابقة وانه ما زال يمضي في تشكيل مجالس الاسناد العشائري التي يتهم فيها بانه ينفق عليها من المال العام وبانها تكريس لنموذج الحاكم الفردي والذي يتنافى ومع احكام الدستور العراقي الذي يؤكد بان الحكم في العراق جماعي توافقي .
تواصل الاهتمام من قبل السيد رئيس الحكومة يعني عدة امور اهمها ان العشائر قد اصبحت دعامة اساسية في البلاد وليست مجرد قوة تقليدية غير مؤثرة وان اصوات العشائر وتاييدها تعد مفتاح الفوز في الانتخابات نظرا لثقلها الكبير واهميتها ,لكنه بالمقابل يعكس مؤشرا على ان البلاد بدات تفقد عوامل الدفع الديناميكية للتطور في ظل تراجع النخب المثقفة والاكاديمية عن ممارسة دورها السياسي العام والمؤثر في البلاد وانسحابها امام القوى العشائرية التقليدية التي بدات تسيطر على مسرح الاحداث في العراق ولم يعد تجاهلها او تجاوزها امرا ممكنا مما يعني بان العراق سيظل محكوما بتحالف بين النخب السياسية وبين القوى العشائرية النافذة في البلاد التي تعد نفسها اللاعب الرئيسي في قلب المشهد السياسي في العراق .
ان صعود نجم العشائر ودعم السياسيين الواضح لها يؤشر نقطة جوهرية مهمة وهي تراجع دور القوى الديناميكية الفاعلة التي يعقد عليها فرس الرهان لاحداث تطور شامل في البنية الاساسية الاجتماعية في العراق والتي ظلت مغيبة وممنوعة من الظهور والمشاركة في مختلف المناسبات والظروف والفرص التي شهدها العراق والتي كان اخرها مرحلة ما بعد سقوط صدام التي تعد فرصة مثالية امام صعود النخب والكوادر المثقفة التي يقع على عاتقها مهمة بناء وتحديث المجتمع العراقي وهي المهمة التي ظلت غائبة ومعطلة طيلة الفترة السابقة والتي لم تتح من خلالها الفرصة امامها في المشاركة ولعب دور فاعل ومؤثر في هذا التطور الذي يصطدم في الواقع بقوى العشائر التقليدية التي بدأت تزحف وبقوة لتصدر قلب الحدث السياسي المهم في العراق وعبر بوابة الانتخابات التي منحت العشائر دورا كبيرا وبارزا ومهما في المشهد السياسي العراقي مما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول مدى جدية الحكومة ورغبتها في تطوير الديمقراطية في البلاد في ظل اعتمادها الكلي على القوى التقليدية التي لا تملك الية التطور المناسبة او القادرة على التفاعل مع التجربة الديمقراطية وتدعيمها وتطوير وتعميق جذورها في العراق .