فتح الله سبحانه وتعالى بابه على مصراعيه .
أراد خلق آدم فحاور الملائكة في خليفته الذي سيخلفه في إعمار الأرض وطلب من (إبليس) أن يسجد لمخلوقه الطينيّ ، فأبى واستكبر ، في حوار يكشف عن غروره
وفي وقت لاحق ، جرى الحوار حول الشجرة الممنوعة بين الشيطان وبين آدم وحواء ، وكان الشيطان يحاول بمحاورته أن يغرّر بأبينا وأمّنا ليغريهما بالأكل من تلك الشجرة .. وصدّقاه
ومنذ البدء أيضاً ، كان هناك طريقان : (طريق العنف) الذي سلكه (قابيل) و (طريق الحوار) الذي سلكه (هابيل) ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى أكّد على (الحوار) كمنهج تقريبي ، تحبيبي ، تعارفي ، وعلى نبذ (العنف) كخط أعوج أهوج لا يفضي إلاّ إلى الدمار ، واعتبر (العنف) أي القتال آخر الدواء بعدما تفشل كلّ الطرق السلمية للحوار والتفاهم .
.
لماذا الحوار..
لقد جرّبت حتماً إجراء حوارات عديدة سواء مع أهلك أو زملائك أو أصدقائك. وربّما حاورت غيرهم أيضاً حول قضية أو مسألة يدور الخلاف حولها ، واحببت أن تتعرّف على رأيه ، ولتصل بعد النقاش إلى تكوين فهم واضح لها .
فماذا جلبت لك تلك الحوارات ؟
هل شعرتَ أنّها تقرّبك من الآخر
هل تأكّد لديك أنّ الحوار يساعدك في تكوين قناعات مشتركة بينك وبين محاوريك ، ولولا الحوار لكان كلّ منكما صندوقاً مقفلاً ؟هل أعطاك الحوار انطباعاً عن معرفة ذاتك وقيمة ما تحمل من فكر وعلم وثقافة ؟
إذا كان جوابك بالإيجاب ، فأنت انسان حضاري تتقن لغة الحوار وتجيد استعماله كاسلوب من أساليب الخطاب والتفاهم والتواصل مع الآخرين .
فلقد تأكّد ـ والقرآن خيرُ شاهد ـ أنّ الحوار هو أفضل السبل على الاطلاق
لذلك فأن فوائد الحوار كثيره ومنها......
1 ـ يمكن تشبيه الحوار بالنافذة التي تطلّ منها على محاورك ، ويطلّ هو منها عليك
2 ـ بالحوار تتعرّف على قدرتك في إيصال الأفكار والإقناع والبرهنة على آرائك وطروحاتك
3 ـ يلعب الحوار دوراً مهماً وبارزاً في حلّ الكثير من الخلافات,وازاله الكثير من التصورات
الخاطئه
4 ـ الحوار منهج تربوي,فهو بلاشك يبني الشخصيه وينميها.
.
أدوات الحـوار :
إذا أردت أن تدخل حواراً ، فإنّ عليك أن تستحضر أدواته وهي
:1 ـ الثقافة : ونعني بالثقافة ، ثقافة الموضوع الذي تريد ادارة الحوار حوله
2 ـ الأدلّة والأرقام : أو ما يعبّر عنه بالحجّة والبرهان ، فلا يكفي أن تمتلك منطقاً جميلاً ولساناً ذلقاً لتدخل في حوار ، بل لا بدّ من امتلاك الأدلّة الدامغة التي تثبت بها رأيك وتقنع بها محاورك
3 ـ شخصية المحاوِر : فكلّما كان المحاور هادئاً ، صبوراً ، حاضر الذهن باحثاً عن الحقيقة ، متواضعاً ، ولا يريد فرض قناعاته على زميله كل ما كان الحوار ايجابيا
4 ـ الجوّ والمناخ الذي يدور فيه الحوار
5 ـ ادارة الحوار أو أسلوبه : فالإثارة قد تعقّد الحوار وتفسده ، أي
أ نّك إذا غمزت صاحبك ، أو طعنت في مقدساته ، أو ركّزت على الماضي ونسيت الحاضر . فهذا بلاشك سيكون له نتائج
عكسيه على جلسه الحوار بشكل عام.
.
شـروط الحـوار :
1 ـ أن لا يقع المتحاورون في مطبّ (الغضب) لأنّ الغضب بطبيعته يفقد التوازن ، ويغيّب العقل
2 ـ أن لا يعجب المحاور بنفسه ، وقد يحمد الله على أن مكّنه من الانتصار للحقيقة التي هي ملك الجميع ولا أحد يمتلكها لوحده ، لكن اعجاب المحاور بنفسه هو شعور بالغرور والتعالي على نظيره المحاور الآخر
3 ـ على المتحاورين اجتناب الأحكام الظالمة أو المتجنّية ، فحتى لو قال محاورُك ما يخالف رأيك تماماً, فلا تعتبر أ نّه قال ذلك بدافع اسقاطك أو اهانتك أو التجرؤ عليك ، فالمصارحة والمكاشفة والنقد الموضوعي لا بدّ منها في سبيل الوصول إلى الحقيقة .
4 ـ ومن شروط الحوار أن تُقبل على محاورك هاشّاً باشّاً ، وأن تشعره بأ نّك وهو تسعيان لتحقيق هدف واحد وهو الوصول إلى الحقيقة ،
5ـ وأن يكون المتحاوران أو المتحاورون متماثلين ، ولا يعني التماثل التطابق ، فلكلّ انسان شخصيته وثقافته وأفكاره وآراؤه التي يحملها وطريقته في التحاور, بل المقصود هو ان
يكون للمتحاورين الاهتمام نفسه بالموضوع.
ختاماً أتمنى أن لا أكون ممن أقلّ فأخلّ أو أطنب وأملّ .
وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين