ان الحياة البشرية قائمة على اساس الاستفادة من الوسائل الطبيعية والاستعانة بالاسباب التي لكل واحد منها اثر خاص ,فنحن عندما نعطش نشرب الماء وعندما نجوع ناكل وعندما ننتقل من مكان الى اخر نستخدم السيارة مثلا فنحن نرفع الحاجة عن طريق الوسائل الطبيعية بشرط ان لا نعتقد باستقلالها في التاثير . فالقران الكريم وهو يذكرنا بقصة ذي القرنين في بنائه للسد يخبرنا كيف طلب العون والمعونة من الناس اذ قال (فاعينوني بقوة اجعل بينكم وبينهم ردما ) . لقد كانت البشرية من اول يوم على هذا الاساس أي الاستفادة من الوسائل والوسائط الموجودة . والظاهر ان التوسل بالاسباب والوسائل الطبيعية ليس محطا للمناقشة والبحث وانما الكلام هو في الاسباب غير الطبيعية التي لا يعرفها البشر ولا سبيل له اليها الا عن طريق الوحي . فاذا وصف شيء في الكتاب والسنة بالوسيلة كان حكم التوسل به نظير حكم التوسل بالامور الطبيعية . بشرط عدم الاعتقاد باية اصالة او استقلال للوسائل والاسباب بل اعتبار تاثيرها متوسطا بالاذن الالهي والمشيئة الالهية . ولا شك في ان القيام بالواجبات والمستحبات كالصلاة والصوم والجهاد في سبيل الله وغير ذلك وسائل توصل الانسان الى المقصد الاسمى الا وهو القرب من الله تعالى . ولكن يجب الانتباه الى ان الوسائل غير الطبيعية لا تنحصر بالاعمال العبادية بل هناك وسائل اخرى ذكرت في الكتاب والسنة يؤدي التوسل بها الى استجابة الدعاء , ومنها :
1- التوسل بالاسماء والصفات الالهية التي وردت في القران ,قال تعالى (ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها )
2- التوسل بدعاء الصالحين وهم الانبياء والاوصياء والاولياء المقربين من الله والامثلة على ذلك كثيرة فالقران يحث الذين ظلموا انفسهم على الذهاب الى رسول الله (ص) ليستغفر لهم (ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر له الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ) .
وكذلك طلب ابناء يعقوب من ابيهم ان يستغفر لهم واستجاب لهم ابوهم ووعدهم بذلك (ياابانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا مخطئين قال سوف استغفر لكم ربي انه هو الغفور الرحيم )يستفاد من الامثلة والايات ان مثل هذا العمل كان جاريا ورائجا في الاسلام والامم السابقة فلماذا ينكر البعض على من يمارس التوسل بالاسباب الطبيعية والانبياء والصالحين توسلهم ويعده من قبيل الشرك والالحاد بالله دون ان يضع في خلده هذا التساؤل هل هذا العمل مستقل عن مشيئة الله ام انه مرتبط بالاذن الالهي والمشيئة الالهية .