عندما يرحل القادة
------------------
احمد عبد الرحمن
خسارة كبرى بكل المقاييس والاعتبارات والمعايير حينما يفقد مجتمع ما احد قادته ورموزه وصانعي حاضره ومستقبله،
وفقدان القائد المجاهد سماحة السيد عبد العزيز الحكيم "رحمه الله"، الذي وافاه الاجل المحتوم يوم امس الاربعاء، الخامس من شهر رمضان المبارك، يعد مثالا ومصداقا للخسارة الكبرى التي مني بها الشعب العراقي بكل مكوناته القومية والمذهبية والطائفية والدينية.
لم يكن الفقيد القائد زعيما لكيان سياسي فحسب.. ولم يكن حاملا لهموم وتطلعات وطموحات فئة اجتماعية معينة دون اخرى.. ولم يكن صاحب مشروع سياسي محدود في اهدافه ومضامينه.. ولم يكن نتاج مرحلة سياسية عابرة..
لقد كان القائد السيد عبد العزيز الحكيم زعيما وطنيا، ورمزا لجميع العراقيين.. لقد كان حاملا لهموم وتطلعات وطموحات كل ابناء شعبه، من دون ان يفرق بين هذا وذاك على اساس هذا العنوان او ذاك.. وكان صاحب مشروع شامل يتحرك في افاق رحبة وفضاءات واسعة تستوعب الجميع.. وكان مصداقا وتعبيرا لمسيرة جهاد وتضحية ونكران ذات وشجاعة واقدام في مواجهة الظلم والطغيان والاستبداد بكل اشكاله وصوره، ولم تأخذه في ذلك لومة لائم.
كانت كل محطات حياته عبارة عن مواقف بطولية ومشرفة، في اطار مسيرة طويلة انطلقت منذ عهد المرجع الديني الكبير الامام محسن الحكيم (قدس سره) لتتواصل مع اية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، ومع شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم.. لتنطلق تلك المسيرة في مواجهة الانظمة الاستبدادية القمعية وابرزها نظام البعث الصدامي ولتتواصل بعد سقوط ذلك النظام من اجل بناء الدولة العراقية على اسس صحيحة، وكان للدور الذي اضطلع به الفقيد السيد عبد العزيز الحكيم اثرا كبيرا في التأسيس للعراق الجديد القائم على مباديء الحرية والعدالة والاستقلال والمساواة، وتداول السلطة والاحتكام الى الدستور، وكان لذلك الدور المحوري اثرا كبيرا في رسم وصياغة مستقبل العراق.
واذا كان سماحة السيد عبد العزيز الحكيم قد غادرنا الى الرفيق الاعلى، فأن منهجه سيبقى حاضرا وفاعلا ومؤثرا، والارث السياسي والجهادي الكبير الذي تركه، والذي يعد مكملا ومتمما للارث السياسي والجهادي لقادة ورموز كبار اخرين، سيبقى هو الاخر حاضرا وفاعلا ومؤثرا وموجها.
ان الكبار يرحلون بأجسادهم، ولكنهم لايرحلون بمبادئهم ومناهجهم وافكارهم وسلوكهم.. وسماحة السيد عبد العزيز واحدا من هؤلاء الكبار الذين قدموا كل ما لديهم لدينهم وامتهم ووطنهم.