رد أقوال تنسب لعلي و للائمة (عليهم السلام) في حق ابي بكر وعمر الى هنا يانواصب
بتاريخ : 01-11-2009 الساعة : 09:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
رب اشرح لي صدري
يقولون الوهابية:
لقد شهد علي رضي الله عنه: \"إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر \"
كتاب الشافي ج2 ص428.
وان الله اوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في قصة ليلة المبيت: آمرك ان تستصحب ابابكر فانه ان آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك، وكان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر: ارضيت ان تكون معي يا أبابكر تطلب كما اطلب، وتعرف بانك أنت الذي تحملني على ما ادعيه، فتحمل عني انواع العذاب؟ قال أبوبكر: يا رسول الله اما أنا لو عشت عمر الدنيا اعذب في جميعها اشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب الي من ان اتنعم فيها وانا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي الا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا جرم ان اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقا لما جري على
لسانك، جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والراس من الجسد، وبمنزلة الروح من
البدن كعلي الذي هو مني كذلك \"
تفسير العسكري، 465 البحار، 19/80 مدينة المعاجز، 75 إثبات الهداة، 3/596
و عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلا من قريش جاء إلى أمير المؤمنين فقال سمعتك
تقول في الخطبة آنفا اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين فمن هما قال: حبيباي وعماك أبو بكر وعمر إماما الهدى وشيخا الإسلام ورجلا قريش والمقتدي بهما بعد رسول الله من اقتدى بهما عصم ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم.
تلخيص الشافي للطوسي ج2 ص428
و يروى المجلسي عن الطوسي رواية موثوقة عن على بن أبي طالب انه قال لأصحابه: أوصيكم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لا تسبوهم, فإنهم أصحاب نبيكم, وهم الذين لم يبتدعوا في الدين شيئا, ولم يوقروا صاحب بدعه,نعم ! أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هؤلاء.
( حياه القلوب للمجلسي ج 2 ص 621 ) و ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل ، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ، ثم ليس لشاهد أن يرجع ولا للغائب لأن يختار \"
نهج البلاغة
°°°°°°°
الجواب:
ـ بالنسبة للرواية الأولى: ((قد شهد علي رضي الله عنه: انه خير هذه الأمة بعد نبيها...)) فهي من مرويات أهل السنة لا الشيعة وقد ذكره السيد المرتضى (رحمه الله) في الشافي عن أهل السنة في سياق الاحتجاج الدائر بين الطائفتين.. وهذا الحديث يكذب متنه حديث آخر اصح منه عند أهل السنة ذكره مسلم جاء فيه ان عمر بن الخطاب قال لعلي (عليه السلام) وللعباس عم النبي بأنهما ـ علي والعباس ـ يريان أبا بكر وعمر كاذبين آثمين غادرين خائنين
(انظر صحيح مسلم 5: 152 كتاب الجهاد والسير باب الفيء) فكيف يستقيم بعد ذلك أن يقول علي(ع) الكلام المتقدم الوارد في الرواية؟
2ـ وأما الرواية الثانية: ان الله اوحى إلى نبيه (ص) في قصة ليلة المبيت.. الخ. فهذه الرواية ضعيفة ولا يمكن الاعتماد عليها من حيث السند لعدم التثبت من نسبة التفسير المذكور ـ ـ، فهي لا حجية لها من هذه الناحية.. وأيضاً من ناحية المتن توجد فقرات كثيرة تدل على شرطية الخطاب، وان الأثر المترتب لأبي بكر إنما هو مشروط بعدم النكث... وعدم التغيير والتبديل.
3ـ والرواية الثالثة عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رجلا من قريش.. الخ.
فهذه من مرويات أهل السنة رواها ابن الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب ص49.. فلا حجية لها عند الشيعة. ورواية المرتضى (رحمه الله) لها جاءت في سياق ذكر مرويات أهل السنة في مقام الاحتجاج.
4ـ والرواية الرابعة: يروي المجلسي عن الطوسي رواية موقوفة عن علي بن ابي طالب لأصحابه: أوصيكم في أصحاب رسول الله(ص)..الخ.
نقول: هذه الرواية ذكرها الطوسي في أمالية وهي ضعيفة السند فان هارون بن عمر بن عبد العزيز لم يذكر بتوثيق. في كتب الرجال (انظر معجم رجال الحديث 20: 25).
وايضاً لجهالة الفضيل بن محمد بن المسيب .. فالرواية ضعيفة ولا يحتج بها من هذه الناحية.
وأيضاً المتن ليس فيه دلالة على شيء يخالف فيه الشيعة تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) فالشيعة لا يسبون الصحابة ولا يفترون عليهم بما ليس فيهم.. وإنما هم في بعض الموارد يذكرون أفعالهم التي خالفوا فيها القرآن والسنة الشريفة ويوثقون ذلك من كتب أهل السنة دون الشيعة.. فالغضاضة إن كانت فهي لما ذكرته الكتب السنية من أفعال وأقوال للصحابة خالفوا فيها القرآن والسنة الشريفة... وليس للشيعة ذنب من هذه الناحية ثم أن ما يقصده علي(ع) من الصحابة غير ما هو مصطلح عند أهل السنة فاصطلاحهم مستحدث، ثم انه يقيدهم بقوله (وهم الذين لم يبتدعوا في الدين شيئاً) .
5ـ ما ورد في نهج البلاغة: ((ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس...)).
نقول: هذا النص الوارد في (نهج البلاغة) دليل واضح على بطلان الاختيار في مسألة الخلافة، فان قوله (ع) : (ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها)) يبين أن للخلافة أهل هم الحاكمون بأمرها وليس كل أحد راجع تفصيل الرد المذكور في كتاب (تصحيح القراءة في نهج البلاغة) ص149
يقول الوهابية:
رأي الامام علي في الخلفاء الراشدين:
كان الامام علي شديد الحب للخلفاء الراشدين، كثير التعاون معهم في دراسة مشاكل المسلمين، وتحمل مسؤولية الجكم ابان أسفارهم، وكانوا يندبونه الى ذلك، ولعل أبلغ ما يمكن أن يصور مكانة أبي بكر في قلب الامام علي عي خطبة الامام حين وقف على بابه يخاطبه يوم وفاته قائلا:
(( رحمك الله يا أبا بكر، كنت أول القوم اسلاما وأخلصهم ايمانا وأشدهم يقينا وأعظمهم غناء وأاحفظهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنسبهم برسول الله خلقا وفضلا وهديا وسمتا، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسول وعن المسلمين خيرا. صدقت رسول الله حين كذبه الناس، وواسيته حين بخلوا، وقمت معه حين قعدوا، وأسماك الله في كتابه صديقا، والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون، يريد محمدا ويريدك. وكنت والله للاسلام حصنا وعلى الكافرين عذابا، لم تقلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك. وكنت كالجبل الذي لا تحركه العواطف، كنت كما قال رسول الله ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك عظيما عند الله، جليلا في الارض، كبيرا عند المؤمنين، ولم يكن لاحد عندك مطمع، ولا لأحد عندك هوادة، فالقوي عندك ضعيف حتى تاخذ الحق منه، والضعيف عندك قوي حتى تأخذ الحق له، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك)).....
---------------------
بعد الفحص عن مصادر هذه الخطبة تبين أنه رواها كل من البزّار في مسنده (ج 3 / ص 138, حديث رقم 928),
والضياء المقدسي في كتابه (الأحاديث المختارة ج 2 / ص 14 – 15 حديث رقم 398)
وابن الأثير في كتابه (اسد الغابة ج 1 / ص 91)،
جميعهم رووا هذه الخطبة عن عمر بن إبراهيم الهاشمي عن عبد الملك بن عمير عن أسيد بن صفوان إنّ الإمام علي (عليه السلام) وقف على باب أبي بكر يندبه قائلاًًً : (رحمك الله يا أبا بكر كنت أول ...) إلى آخر الخطبة.
والتحقيق: أنها خطبة مكذوبة مختلقة من قبل الراوي عمر بن إبراهيم الهاشمي فقد قال فيه الدارقطني كذّاب خبيث, وضعفه ابن عقدة ,وقال الخطيب غير ثقة يروي المناكير عن الاثبات. فراجع ترجمة هذا الراوي في كتاب (لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني ج 4 / ص 280/ ترجمة رقم 802
يقول الوهابية:
كان أحد قد توهم أن نص القرآن بفضل أبي بكر و ما ذكرناه من إمامة أبو بكر (رضي الله عنه) لا علاقة له بأحقيته في الخلافة، فإن علي (رضي الله عنه) قد تكفل في الرد على هذا الزعم. فقد قال علي (رضي الله عنه) عن الخلافة في كتاب نهج البلاغة و هو أصدق الكتب عندكم :
(و إنا لنرى أبا بكر أحق بها - أي بالخلافة - إنه لصاحب الغار. و إنا لنعرف سنه. و لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصلاة خلفه و هو حي).
نهج البلاغة، تحقيق العالم الشيعي الشريف الرضي 1 / 132
و يقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) و هو يذكر بيعته لأبي بكر: (... فمشيت عنـد ذلك إلى أبـي بكر فبـايعته و نهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل و زهق و كانت ( كلمة الله هي العليا و لو كره الكافرون ) فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر و سدد و قارب و اقتصد فصحبته مناصحاً و أطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً).
الغارات للثقفي (2 / 305).
-----------------------
أما دعوى أن أمير المؤمنين (ع) قد قال في أبي بكر: إنا لنرى أبا بكر أحق بها..الخ. وقد نسبت ذلك إلى كتاب (نهج البلاغة) وهو أصدق الكتاب عندنا بعد كتاب الله تعالى
فنقول: إن اثبات هذه النسبة من هذا الكتاب دونها خرط القتاد، بل هي رواية ترويها كتب أهل السنة ولا حجية لها عندنا ولا يصح الاحتجاج بها علينا.
وأما النص الذي عن (الغارات) من خطبة أمير المؤمنين (ع)، فكان الأولى بكم الاستفادة من الخطبة برمتها لا اقتطاع جزء منها تريدون تسويقه لمرامكم، فالخطبة موجودة في مصادر مختلفة وفيها دلالات وبيانات واضحة من أمير المؤمنين(ع) في تنصيبه (عليه السلام) من قبل الله ورسوله (ص) إماماً وخليفة، وان الخلافة هي ميراثه من النبي (ص)!
فانظر إلى قوله في الخطبة: ( أنا الذي طلبت تراثي وحقّي الذي جعلني الله ورسوله (ص) أولى به...).
وتصريحه (ع) بأنه لم يبايع ;كرها أبا بكر إلا لخوفه على الإسلام من ارتداد من ارتد من العرب لا لأنه صحيح الإمامة، وإلا لبايعه قبل ذلك ـ راجع صحيح البخاري ج5 ص82 باب غزوة خيبر لتعرف أن الإمام (ع) بايع بعد ستة أشهر من وفاة رسول الله (ص)ـ وفي هذه الخطبة صرّح (ع) بأن الذي دعا القوم إلى منعه من الخلافة علمهم انه إذا وليها لن ينالوها أبداً، وإذا كانت في غيره رجوا تداولها بينهم.
يقول الوهابية:
أبوجهل يقول: ((من جاء بمحمد أو دل عليه فله مائة بعير أو جاء بابن أبي قحافة أو دل عليه فله مائة بعير)) بحار الأنوار، 19/40
فجعل مكافأة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحبه الصديق ورفيقه في الغار رضي الله عنه سواء وعلى ذكر قصة الهجرة فقد ذكرت كتبكم أن الله عز وجل أوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في قصة ليلة المبيت: (( آمرك أن تستصحب أبا بكر فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك كان في الجنة من رفقائك، وفي غرفاتها من خلصائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر: أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما أطلب وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه فتحمل عني أنواع العذاب؟ قال أبو بكر: يا رسول الله أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا فرج منج، وكان في ذلك محبتك لكان ذلك أحب إليَّ من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا جرم أن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد وبمنزلة الروح من البدن كعلي الذي هو مني كذلك )). تفسير العسكري 465، بحار الأنوار، 19/80
وعلى ذكر التشبيه بالمنزلة فقد جاء عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي رضي الله عنهم قال: (( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبا بكر مني بمنزلة السمع وإن عمر مني بمنزلة البصر وإن عثمان مني بمنزلة الفؤاد )). عيون الأخبار 1/280، البرهان 2/420، نور الثقلين، 3/164، معاني الأخبار 387
وعن سلمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: (( ما سبقكم أبو بكر بصوم ولا صلاة ولكن بشئ وقر قي نفسه)).طرائف المقال، للبروجردي، 2/559، مجالس المؤمنين، للشوشتري ص89
كيف لا يقولها في صاحب الموقف العظيم يوم حروب الردة، حيث قال: ((لا أحل عقدة عقدها رسول الله ولا أنقصكم شيئاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأجاهدنكم ولو منعتموني عقالاً مما أخذ منكم نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم لجاهدتكم عليه)).أمالي الطوسي 268، بحار الأنوار، 28/11
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (( أنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها – أي الخلافة- إنه لصاحب الغار وثاني اثنين وإنا لنعرف له سنه، ولقد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة وهو حي )). شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد، 6/84، غاية المرام للبحراني، 5/340
وعنه رضي الله عنه قال: ((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جبل حراء إذ تحرك الجبل. فقال له: قر فليس عليك إلا نبي وصديق شهيد)).الإحتجاج، للطبرسي، 1/326، بحار الأنوار، للمجلسي، 10/40، 17/288
وعن إبن عباس رضي الله عنهما قال: ((رحم الله أبا بكر كان والله للقرآن تاليا وعن المنكر ناهيا وبذنبه عارفا ومن الله خائفا، وعن الشبهات زاجرا وبالمعروف آمرا وبالليل قائما وبالنهار صائما، فاق أصحابه ورعا وكفاا، وسادهم زهدا وعفافا، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه)).مواقف الشيعة للميانجي، 1/187
وقد تزوج علي من أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين بعد وفاته وربى ابنه محمد وكان يقول: ((هو إبني من ظهر أبي بكر)) مجمع البحرين للطريحي، 1/570
°°°°°°°°
الجواب:
قد ذكرت تسع روايات ونحن نجيب عن كل واحدة منها:
1- إن صاحب البحار نقل ذلك القول عن كتب أهل السنة فلا يعني ذلك إلتزامه بصحّة ما فيه ، بل الأمر أعمّ من ذلك. ثم أن القائل هو أبو جهل ولا قيمة لقوله ذلك .
2- إن صحّتِ الرواية فإن َّ ما مذكور فيها لا يصلح أن يكون فضيلة لأبي بكر كما تصورالوهابية ذلك، وذلك لأنه جعل اصطحاب رسول الله لأبي بكر مشروطاً بشروط متعددة، إن تحققت ، فأنه سيتحقق ما ذكر وهي كما قال: (فإن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك).
ولكن أبا بكر لم يثبت على ما عاهده وعاقده، بل بدل وغيّر فلا يستحق بذلك ما ذكر من الثناء.
وما ذكرته من نص هو أدعاء من أبي بكر، لكن الرسول لم يوافقه على ما قاله كما فعل مع علي (عليه السلام) في نفس الرواية، بل جعل استحقاقه للمدح والثناء مشروطاً أيضاً وهو أن يكون ما قاله أبو بكر كلاماً صادقاً لا ادعاءاً وكذباً حيث قال: (أن أطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقاً لما جرى على لسانك...).
وأكد أيضاً رسول الله على أبي بكر، أن مجرد المعاهدة لوحدها لا تكفي بل يحتاج المعاهد أن لا ينكث ولا يبدل ولا يغير ولا يحسد، حيث قال له: (إن من عاهد ثم لم ينكث ولم يغير ولم يبدل ولم يحسد من قد أبانه الله بالتفضيل...)
وكل هذه الشروط المتعددة التي لم يفي أبو بكر بواحدة منها تجعله غير مستحق للجزاء الذي ذكر في الرواية.
3- وأما بخصوص الرواية عن رسول الله (ص) من ان أبا بكر وعمر بمنزلة السمع والبصر:
الرواية التي تعنيها هي: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه), قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الأومي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسيني قال: حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرضا عن أبيه محمد بن علي عن أبيه الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (ص): ان أبا بكر مني بمنزلة السمع وان عمر مني بمنزلة البصر وان عثمان مني بمنزلة الفؤاد قال: فلما كان من الغد دخلت إليه وعنده أمير المؤمنين (ع) وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت له: يا أبت سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا فما هو فقال (ص): نعم ثم أشار إليهم فقال: هم السمع والبصر والفؤاد وسيسألون عن وصيي هذا وأشار إلى علي بن أبي طالب (ع) ثم قال ان الله عز وجل يقول: (( إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً ))(الاسراء: من الآية36) ثم قال (ع) : وعزة ربّي ان جميع أمتي لموقوفون يوم ا لقيامة ومسؤولون عن ولايته وذلك قول الله عز وجل: (( وَقِفُوهُم إِنَّهُم مَسؤُولُونَ )) (الصافات:24) (عيون أخبار الرضا (ع) 2: 280) (معاني الأخبار: 387) بحار الأنوار 30 : 180).
4- إنما ذكره صاحب طرائف المقال في حق أبي بكر للذمّ لا للمدح، وقد ذكر أن اتباع أبي بكر هم الذين يعتبرون هذا الحديث مدحاً له فلا تقطع ما أورده بعد الحديث! حيث قال : (ومراده (صلى الله عليه وآله وسلم) هو حب الرئاسة التي صار مفتوناً به ، ويزعم أتباعه أن المراد به الخلوص والاعتقاد بالله ورسوله ) .
ويقول القاري نقلاً عن ابن القيّم : وممّا وضعه جهلة المنتسبين إلى السنّة في فضل الصّديق ... وحديث ما سبقكم أبو بكر ... وهذا من كلام أبي بكر ابن عيّاش.
5- الرواية فيها قدح لأبي بكر من جهات عدّة
أولها : أنها غير صادرة عن المعصوم بل الذي يتحدّث هو الراوي الذي هو إبراهيم وكلام صدر من إبراهيم لا قيمة له حتى لو كان مدحاً وهو ليس بمدح.
وثانيها : إن أبا بكر خالف قوله فعله بنفس الرواية حيث لم يجاهد الأشعث ولا قتله كما قال بل وأكرمه بزواجه من أخته ، فأين قتاله للمرتدّين وصلابته في ذلك ؟
وثالثها: إنه استعان بالمرتدين في قتاله للأعداء ، ولابدّ أن الأشعث لا يقصد بالأعداء الإّ أهل البيت حيث كانت هذه الأسرة شديدة العداء لهم ، فأبو بكر استعان بالأشعث على أهل البيت.
ورابعها : إن أبا بكر يفتي بغير علم فمن الذي أجاز له مجاهدة المسلمين حال تأخيرهم دفع الزكاة ، فكيف أجاز لنفسه أن يقاتل مانع الزكاة حتّى لو كان مقداراً يسيرا؟ فاليوم الكثير من المسلمين يمتنعون من دفع الزكاة فهل يجوز للحاكم مقاتلتهم؟
وخامسها : إن صاحب الأمالي ذكر هذه الرواية لإثبات إرتداد الأشعث بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
6- هذا الحديث من أحاديث السنّة وليس الشيعة فابن أبي الحديد ليس بشيعي وصاحب غاية المرام نقله عن كتب السنّة فقال : وقول عليِّ (عليه السلام) بيعتي لم تكن فلتة من طريق العامّة ، وفيه ثمانية أحاديث وذكر هذا الحديث عن شرح نهج البلاغة. وقال عن ابن ابي الحديد إنّه من فضلاء المعتزلة .
7- أمّا هذه الرواية فليس لها علاقة بأبي بكر بل هي فضيلة من فضائل علي (عليه السلام) فهو الصدّيق الشهيد المذكور بالرواية في محاججته مع اليهود فلا يختلط عليكم الأمر.
8- ويمكن ردّ هذه الرواية من عدّة جهات :
أولاَّ : أنها قول لإبن عبّاس لا للإمام المعصوم وقول ابن عبّاس يحتمل الخطأ والصواب لا كما هو الحال في كلام المعصوم.
ثانياً : إن الكلام يحتمل التقية كونه مع معاوية لو سلّمنا بصحّة الحديث
ثالثاً : الرواية سنيّة ذكرها الطبراني في المعجم الكبير وأخذها صاحب المواقف من هناك.
رابعاً : في كل كلام ابن عبّاس تعريضٌ بمعاوية كونه لم يلتزم بكلّ ما ذكر من المواصفات للخلفاء الأربعة الذين ذكرهم وكذلك في مدحه لبعض الصحابة مما أساء ذلك الكلام معاوية مما جعله يحوّل الكلام إلى شيء آخر كما مذكور في آخر الرواية .
خامساً : الرواية بحسب مصادر أهل السنّة لم يثبت صحتها ، قال صاحب مجمع الزوائد (ج 9 ص 108) عنها: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
9- إنّ مجرّد إشتراك عليّ (عليه السلام) وأبي بكر بالزواج بنفس المرأة لا يعني أيّة فضيلة لأبي بكر فكم حصل من زواج بين مؤمن ومنافق لإمرأة واحدة بل قد تزوّج المسلمون بزوجات الكفّار بعد مفارقتهن لهم، وتربيته لمحمد لا يعطي أيّة فضيلة لأبي بكر بل يظهر عدم أحقيّة أبي بكر حيث كان محمداً معادياً لخطّه ومنهجه وسائراً على خط عليّ ( عليه السلام).
يقول الوهابية:
فقد كان علي يقول عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه (( لله بلاء فلان فقد قوم الأود، و داوى العمد، خلف الفتنة و أقام السنة، ذهب نقي الثوب قليل العيب ، أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي فيها الضال ولا يستيقن المهتدي )).
نهج البلاغة ص (509)
0000000
الجواب:
أما انه عليه السلام قال في حق عمر كما في نهج البلاغة: ((لله بلاء فلان..))، فالذي ورد في النهج هو كلمة (فلان) وليس (عمر بن الخطاب)!
ومن قال انه عليه السلام أراد بها عمر، فهو اجتهاد منه وتفسير خاصة به، وإذا راجعت شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي تجده يذكر عدة تفسيرات لهذه العبارة.
وأيضاً هناك موانع كثيرة من تفسير هذه العبارة بأنه عليه السلام أراد بها عمر بن الخطاب منها:
1- الخطبة الشقشقية التي يصرح فيها الإمام(ع) ببيانات واضحه عن خلافة عمر بأنه: ((صيَّرها ـ أي الخلافة ـ في حوزة خشناء يغلظ كلامها، ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن اشنق لها خرم، وان أسلس لها تقحم، فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس وتلون واعتراض)) (نهج البلاغة ـ تحقيق الشيخ محمد عبده ـ 1: 34).
2- رفضه (ع) العمل بسيرة الشيخين كما هو المعلوم عنه في قضية الشورى التي جعلها عمر من بعده، فلو كان عمل عمر مرضياً عنده(ع) فلم رفض العمل بسيرته ورفض هذا الشرط الذي اشترطه عليه عبد الرحمن بن عوف لغرض تنصيبه، وخرج من الشورى ولم يبايع له بسبب رفضه لهذا الشرط؟