[ابونور الهدى]

شروط قبول الصلاة

بعد التمعن في ما صدر عن الشارع المقدس نجد العديد من المقدمات والشروط الخاصة والعامة لقبول الصلاة وسنجد بعض المعاني والآثار أو الثمار المترتبة على الصلاة فمثلاً سنعرف ما مقصود النهي عن الفحشاء والمنكر أو عمود الدين وغيرها ، وفيما يلي بعض ما صدر عن المولى الشرعي لبيان بعض شروط ومقدمات قبول الصلاة

الأول : معرفة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حق المعرفة.
عن الإمام الصادق(u): { إنما يتقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي افترضها الله على حدودها مع معرفة من جاءهم به من عنده ودعاهم إليه ..... وكل ذلك هو النبي ، والنبي أصله ، وهو اصل هذا كله لأنه جاء به ودل عليه وأمر به ، ولا يقبل من أحد شيئا منه إلا به ..... وأنه من صلى وزكى وحج واعتمر وفعل ذلك كله بغير معرفة من افترض الله عليه طاعته ، لم يقبل منه شيئاً من ذلك ، ولم يصلِّ ولم يَصُم ولم يزكِّ ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهر ولم يحرّم لله حراماً ولم يحلّل لله حلالاً ، وليس له صلاة وإن ركع وسجـد ، ولا له زكـاة وإن أخـرج بكل أربعين درهماً درهماً ....} .

الثاني : ولاية أهل البيت(عليهم السلام) .
من الواضح إننا لا نقصد عنوان الولاية المفرغ من الروح بل نقصد الولاية الحقيقية الأصيلة التي أشار إليها الشارع المقدس من التقوى والإيمان الصادق والأخلاق الفاضلة من التواضع والكرم والإيثار والعفة والتسامح وغيرها ، وإليك بعض الموارد التي تشير إلى أن الولاية من شروط قبول الصلاة وغيرها من الأعمال :
1 – عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): { ..... من أحب علياً تقبّل الله صلاته وصيامه وقيامه } .
2 - عن أمير المؤمنين(u): { فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته مات شهيداً ووقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ..... } .
3 - عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): { مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، .... ، لا يقبل الله تعالى صلاة بغير طهور ، ..... ، وإن أعظم طهور الصلاة التي لا يقبل الصلاة إلا به ، ولا شيئاً من الطاعات مع فقده ، ( الطهور هو ) موالاة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه سيد المرسلين ، وموالاة علي (عليه السلام) وأنه سيد الوصيين ، وموالاة أوليائهما ومعاداة أعدائهما .....} .
وأما معنى الولاية الحقيقي والموالي الصادق الورع ، فقد أشار إليه الشارع المقدس في عدة موارد :
1- عن الإمام الصادق(u): { نحن أصل كل خير ومن فروعنا كل برّ ، ومن البر التوحيد والصلاة والصيام وكظم الغيظ والعفو عن المسيء ورحمة الفقير وتعاهد الجار والإقرار بالفضل لأهله ، ....، وعدونا أصل كل شر ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة ، فمنهم الكذب والنميمة ، والبخل ، والقطيعة ، وأكل الربـا ، وأكل مال اليتيم بغير حقه ، وتعدي الحدود التي أمر الله عز وجل ، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن من الزنا والسرقة ، وكل ما وافق ذلك من القبيح ، ....... وكذب من قال انه معنا وهو متعلق بفرع غيرنا }.
2- عن الإمام الصادق(u): { ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه ، وأتّبع آثارنا وعمل بأعمالنا ، أُولئك شيعتنا } .
3 - وعن صادق أهل البيت(u): { إنما شيعة جعفر من عفَّ بطنه وفرجه ، واشتد جهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه وخاف عقابه ، فإذا رأيت أُولئك فأُولئك شيعة جعفر } .
4 - وعن الإمام جعفر الصادق(u): { إياكم أن تعملوا عملاً يعيّر به ، فإن ولد السوء يعّير والده بعمله ، كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا عليه شيناً ، صِلوا في عشائرهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائـزهم ، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخيـر فأنتـم أولى بـه منهم .......} .
الثالث : اتباع الحق وأهله .
مهما صلى الإنسان ومهما عمل فإن صلاته لا تقبل ما دام يسلك طريق الهوى والضلالة مبتعداً عن طريق الحق وأهله ويشهد لهذا ما ورد عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): {أُمتي أُمتي إذا أختلف الناس بعدي ، وصاروا فرقة فرقة ، فاجتهدوا في طلب الدين الحق حتى تكونوا مع أهل الحق ، فإن المعصية في دين الحق تغفر ، والطاعة (الصلاة وغيرها) في دين الباطل لا تـُقبل } .
الرابع : الإقبال والتوجه .
على المصلي الإقبال على الصلاة بتوجه الجوارح لله تعالى وحضور قلبه مع جوارحه وبدنه حتى تكون صلاته مقبولة إذا توفرت باقي الشروط ويشهد لهذا :
(1) ورد عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): {.....هلكت بنو إسرائيل ، حضرت أبدانهم وغابت قلوبهم ، ولا يقبل الله صلاة عبد لا يحضر قلبه مع بدنه } .
(2) عن الإمام الباقر(u): { إن العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها ، فما يرفع له إلا ما يقبل عليه منها بقلبه}.
الخامس : أداء الزكاة .
حث الشارع المقدس على اداء الزكاة لتأديب النفس وتحقيق التكامل الإجتماعي وللتأكيد على ذلك جعل أداء الزكاة من شروط قبول الصلاة والتي لا تقبل الأعمال إلا بقبولها ( أي بقبول الصلاة )
يشير إليه ما ورد عن الإمام الرضا(u): { إن الله عز وجل أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة أُخرى : أمر بالصلاة والزكاة ، فمن صلى ولم يزكِ لم تقبل منه صلاته ...... } .
السادس : الأخلاق الحسنة .
من شروط قبول الصلاة الإتصاف بالأخلاق الحسـنة كالتواضع ، والشفقة والإيثار والكرم ونحوها ويشهد لهذا :
ما ورد عن الإمام الصادق(u): { إنما أقبل الصلاة لمن تواضع لعظمتي ..... ، ولا يتعاظم على خلقي ، ويطعم الجائع ، ويكسو العاري ، ويرحم المصاب ، ويؤوي الغريب ، فذلك يشرق نوره مثل الشمس أجعل له في الظلمات نوراً ، وفي الجهالة حلماً ، أكلؤه بعزتي وأستحفظه ملائكتي ، يدعوني فأُلبّيه ، ويسألني فأعطيه ....... } .
السابع : التقوى .
وهـي خصلة من الطاعة يحترز بها من العقوبة وهي أصل الإيمان ، وقيل أن التقوى غير الطاعة ، فالطاعة هي الانقياد لمطلوب الشارع بما أمر به واجباً كان أو مستحباً ، أي أن التقوى شرط في قبول الصلاة والتقوى هي كف النفس عما نهى الشارع عنه حراماً كان أو مكروهاً فقد ورد أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأبي ذر (رضوان الله عليه) : { يا أبا ذر إن المتقين ، الذين يتقون الله من الشيء الذي لا يتـقى منه ، خوفاً من الدخول في الشبهة (أي الضلالة والبدعة) } ويشهد لهذا :-
1 – قوله تعالى : ﴿ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ ([10]) .
2 - عن الإمام الصادق(u): { إنما أقبل الصـلاة لمن تواضع لعظمتي ، ويكف نفسـه عن الشهوات من أجلي ، ويقطع نهاره بذكري ، ولا يتعاظم على خلقي ...... } .