دائرة الاهتمام و دائرة التأثير اصطلاحان لتقسيم ما يواجهه الإنسان من: أعمال، وآمال، واهتمامات... وما إليها من مناشط الحياة ومكارهها.
فهناك أمور خارج نطاق اهتمام المرء، وأمور داخل نطاق اهتمامه، والأمور الواقعة في نطاق اهتمامه نوعان: أولهما لا سيطرة له عليه، والآخر له عليه نوع من السيطرة والتأثير. ولتوضيح ذلك نأخذ (س) مثالاً:
س رجل في الثلاثين، لا يهتم أبدًا بكرة القدم، ولا يبالي أي فريق خسر في المباريات العالمية وأي فريق حاز البطولة، ولا يبالي - أيضًا - بأمور السياسة والاقتصاد، فسواء عنده: ارتفع الين أم انخفض، وسواء نجح في الانتخابات الرئاسية مرشح هذا الحزب أم ذاك الحزب!! فهذه كلها خارجة عن نطاق اهتمامه.
لكن س يهتم بأمور كثيرة، منها ما لا يملك التأثير فيه ولا يقع في نطاق سيطرته، ومنها ما يستطيع أن يؤثر فيه تأثيرًا كليًا أو جزئيًا.
فمن الأمور التي تهمه، مثلاً: حرارة الطقس في المنطقة التي نقل إلى العمل فيها، وأخلاق سائقي السيارات وتهورهم في أثناء القيادة، وضيق شوارع المدينة، والديون التي ترزح تحت وطأتها بلاده، ومشكلة الفقر في العالم التي يذهب ضحيتها ملايين الأطفال في كل عام، وما شابه ذلك.
وواضح أن س لا يستطيع أن يصنع شيئًا حيال هذه الأمور، وأن غضبه عليها، وتذمره منها لن يغيرا الواقع بل الغالب أن يزيدا من حنق س وإحباطه، ويؤثرا سلبًا على صحته الجسمية والنفسية.
وهناك نوع آخر من الأمور التي تهم س مثل: تحسين وضعه المادي، وحصوله على درجة وظيفية أعلى، ورفع مستواه في اللغة الأجنبية التي يعرف مبادئها، وإنقاص وزنه الزائد، وممارسة الرياضة البدنية، وقضاء وقت أكبر مع زوجته وأولاده... هذه الأمور كلها داخلة في (دائرة التأثير) بنسب متفاوتة، ويستطيع س أن يقوم بشيء ما حيالها.
فإذا كان س رجلاً ناجحًا، فعالاً، حكيمًا، مبادرًا فهو يوظف جهده وطاقته، ووقته، وماله في الأمور الواقعة في (دائرة تأثيره)، ويكف عن الشكوى مما هو في (دائرة اهتمامه) ولا سلطان له عليه.
أما إذا كان غير ذلك، فهو لن يكف عن اختلاق الأعذار تسويفًا لتقاعسه، وسيظل يشكو ويتوجع من الظروف الصعبة، والحظ الذي لا يواتيه، وقد يحمّل (الأقدار) مسؤولية ما جناه على نفسه.
وصدق من قال:
المخفقون ماهرون في اختراع الأعذار..
والناجحون ماهرون في اختراع الحلول..
الأفراد الناجحون والجماعات والجمعيات الناجحة بل حتى الشعوب الناجحة، هي التي توظف وقتها، وجهدها، واهتمامها في (دائرة تأثيرها)، ولا تضيع وقتها، وجهدها، في (دائرة اهتمامها ).
الناجحون يبدؤون بالتعامل مع (ما هو كائن) ولا ينتظرون حتى يتحقق (ما ينبغي أن يكون) والحكيم يتعامل مع (الواقع) ويسعى إلى (التغيير من خلال المتاح) مدركًا أن الحكمة تقتضي المبادرة في (التعامل مع الممكن) قبل أن تضيع الفرصة فيصبح الممكن مستحيلاً!!
وإذا كان الواحد منا لا سيطرة له على (فعل) يقع خارج (دائرة تأثيره)، فإنه - بعون الله - يستطيع أن يسيطر على ردة فعله تجاه هذا (الفعل)، وذلك بترويض نفسه، وتدريبها.