يسرى الزاير
لا يخفى على أي مهتم للوضع الأمني في القطيف ذاك التناقض والتباعد بين الأمن السياسي والأمن المدني .
نبداء بالأمن السياسي , بلا شك فإن الجهاز الأمني يؤدي واجبه الوظيفي ببراعة متناهية تصل في كثير من الأوقات لحد الإفراط , فلا يفلت شخص حتى لو كان مراهق أو طفل أخذته الحماسة الدينية أو العربية وخرج في ما يسمى مسيرة وهو حامل لافتة تتضمن شعار أو عبارة لا تتماشى مع المزاج الأمني.
ولو أن شخص تفوه بكلمة عادية تحمل في مضمونها العديد من المفردات فسوف تنخل وتحلل إلى أن تصفى المفردة التي توقعه في المحظور ويدان بها .
ولو وجد شخص له نشاط اجتماعي عادي فهو مراقب لحظة بلحظة عبر أحدث الأجهزة الآلية والبشرية .
إذاً الجهاز الأمني هنا يؤدي واجبه الوظيفي على أكمل وجه وأكثر .
نأتي إلى النقيض وهو الانفلات الأمني المدني الذي أوصل القطيف إلى أن تعيش دوامة من العنف والإجرام بأبشع أشكاله ليحول هذه المدينة الوديعة الآمنة إلى ساحة مفتوحة على مصرعيها لمختلف أنواع الجريمة ,كل هذا في فترة زمنية تجاوزت 15 عام كان االتنامي فيها بشكل صارخ غير طبيعي يجزم أي عاقل بأن هنالك ضمائر مستترة خلف كل ما يجري .
ولنكن شفافين وصريحين من أجل مجتمعنا ولنقيم الوضع باعتدال وموضوعية ,لن نقول أن هناك غض نظر متعمد من قبل الجهاز الأمني فهذا بعيد عن المنطق .
ولكن لا يوجد أدنى شك بوجود ثغرات فساد في الجهاز الأمني بمنطقة القطيف تحديداً فنحن من نعيش فيها و نقاسي مرارة الوضع الغاية في السوء .
فلو أحصينا الخسائر المادية التي لحقت بأهالي القطيف مؤكد أنها تصل إلى عشرات الملايين من الريالات , فضلاً عن الحالات النفسية والإحباط للمواطنين نتيجة لاستباحة حرمات المنازل وسرقتها وتخريبها ,بالطبع النسبة غريبة وعجيبة !!!
ولو أحصي عدد القتلى والجرحى بمختلف أنواع الأسلحة فهو يوحي بأننا في ساحة حرب .
طبعاً لم أنسى الاعتداءت اللفظية والسرقات الطيارية والطعنات المباغتة في الشوارع العامة وكأنها السلام عليكم .
وصولاً للطامة الكبرى الخطف و الاعتداء بداء من المواليد إلى الأطفال إلى المراهقين حتى الخطف من المنازل أخرها الخادمة الاندونسية .
معظم الجرائم و خصوصاً السطو على المنازل لا يتم تبليغ المجني عليه بأي شئ يتعلق بمجريات قضيته وكأن شئ لم يكن .
إذاً الوضع شارح نفسه بنفسه ففي الجهاز الأمني خروقات داخلية وثغرات فساد ,وفي أحسن الحالات أن قدمنا حسن النية فمؤكد يوجد إهمال وظيفي عالي المستوى ! فالمجرمون أشخاص موجدين يتجولوا ويمارسوا إجرامهم بمنتهى النشاط والحماس , ليسوا أشباح ولا يلبسوا طاقية الإخفاء , فأين رجال الأمن منهم إن لم يستطيعوا إلقاء القبض على المجرمين فما هي وظيفتهم ؟
وبالطبع اللوم والعتب والزعل يقع على رجال القطيف ,نعم عليكم يا رجال و وجهاء وعلماء وسياسيين ومثقفين وحقوقيين !! أين أنتم من كل هذا ؟؟؟
هل اجتماعكم لتباحث الوضع معضلة ؟
هل توجهكم للإمارة و وزارة الداخلية و الديوان الملكي شاق ؟
اليس من واجبكم تقديم الشكوى والمطالبة بالتحقيق لهذا الوضع المعيب المهين لأرضكم وأهلكم ؟
هل انشغالكم بمطالبكم الحقوقية الوطنية والسياسية وحياتكم الشخصية ,أغفلكم عن واجبكم بالحفاظ على كرامة وأمن أهلكم ؟
إن تحركتم منذ قليل أو سوف تتحركوا فقد تأخرتم كثيراً ,ولكن التحرك وإن جاء متأخر أفضل من أن لا يأتي .
لنتأمل قليلاً الموقف النبيل والمسئول لدى إخواننا في بلدة الجش ما أن تعرض أبناءهم للاعتداء من قبل المجرمين حتى سارعوا إلى عقد اجتماعاتهم للتشاور وإيجاد الحلول المناسبة لاستئصال السرطان القادم قبل أن يتفشى وينخر منظومة اجتماعية قائمة على قاعدة متينة من الأمن والسلام والتعاون والإخاء .
فلنقف جميعاً وقفة جادة ونطالب بالتحقيق لجميع القضايا والبلاغات المعلقة والمغلقة من دون علم المبلغين المجني عليهم بأي مستجدات , وإلقاء القبض على كل المتورطين والمتسترين المسئولين عن هذا الانفلات والقضاء على كل بؤر الفساد .
نشد على أيدي شبابنا القائمين بحملات التوعية والتصدي للظواهر السلبية من عنف وجريمة .
ونأمل أن تأتي المبادرة من قبل لجنة تضم الشخصيات البارزة لجميع الأطياف الاجتماعية من رجال القطيف برفع شكوى إلى أعلى الجهات المسئولة بالدولة للمطالبة بفتح تحقيق فوري وشامل للوضع الأمني في القطيف .
أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أين أنتم ؟ اليس الأمن والسلام أبسط حقوق الإنسان .
أم أن القطيف خارج النطاق الجغرافي لمهام اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ؟.