البطاقة التموينية او كما يحلو للبعض اين يسميها ـ الحصة ـ او الكميّة او غيرها من الاسماء التي تشير الى مسمى واحد يمثل غياثا حقيقيا للاغلبية الساحقة من قطاعات الشعب العراقي من شبح الجوع والضياع وارتفاع لاهب للاسعار في السوق السوداء، وليس ثمة من يستغني عنها حتى لو كان ميسور الحال في بلد مثل العراق دخلت فيه البطاقة التموينية اروقة جميع الدوائر الرسمية وغير الرسمية.
فمعظم دوائر الدولة تطلب البطاقة التموينية لابسط الاسباب، ومن يريد الحصول على جواز سفر عليه ان يستعين بها ايضا، كذلك الذي يسعى الى وضيفة في دوائر الدولة عليه ان يحضر تلك الورقة السحرية معه بكل تاكيد، لابل حتى من يريد التسجيل في المدرسة فهو بحاجة ايضا الى ورقة الحصة، هذا بالاضافة طبعا الى الحاجة اليها في توزيع المشتقات النفطية.
ولا يمكن بأيّة حال ان تتخلى عن ساعدك الايمن عزيزي المواطن والذي ليس هو الا تلك البطاقة التموينية فهي تعيش معك من الف حياتك الى يائها .. وتقدم لك خدمة تلو الاخرى، حتى في محاربة الفساد الاداري حيث تكون حاضرة بقوة في تلك المهمة، انها تفعل كل ما بوسعها من اجلك فقط فلا تتخلَ عنها.
ان اهمية الحصة لا تقف الى هذا الحد، بل وتكتسب اهمية اكثر من السابق حينما تكون دخيلة في رسم ملامح العملية السياسية للعراق ومستقبل الحياة الديمقراطية في هذا البلد … انها ورقة الناخب التي تمنحه حق اختيار من يفضل من بين القوى والتيارات السياسية المتواجدة في الساحة العراقية وهي بذلك ساهمت في العملية السياسية وقدمت خدمة للانتخابات فدخلت التاريخ من اوسع ابوابه، ولو قدر واستغني عنها ( لا سامح الله ) فان المتحف الوطني العراقي هو مكانها الافضل بكل تاكيد.
ولماذا لا تدخل المتحف وهي تعيش الهم الجماهيري في معظم الاحيان؟! وساهمت في صياغة اكثر المنعطفات السياسية خطورة في التاريخ العراقي المعاصر .. فهي تمثل اللاعب رقم واحد في الحالة العراقية بشكل عام.
ورغم كونها بتلك الاهمية وبذلك الدور الاستثنائي الا انها لا ترفع شعارات كما يفعل الكثيرون ولا تلوذ بكتل كونكريتية فهي تذوب كالشمعه من اجل غيرها وتنشط بصمت، ولانها كذلك فهي تتملك قلوب الجميع وعقولهم ايضا ولو ارادت ان ترشح نفسها في الانتخابات لاكتسحت البرلمان والحكومة وجميع مناصب الدولة بدون ادنى شك حتى لو كان لها بعض الخصوم الذين يحاولون القضاء عليها رغم انها تعتبر بمثابة الرمق الاخير للمواطن العراقي المسحوق، انها دخلت المنافسة للدفاع عن نفسها بشرف، وبدون حتى شعارات حزبية او فئوية، فاثببت وجودها الجماهيري بكل صمت من غيران تتفوه بكلمة واحدة ... فهلا يحاكيها اصحاب القرار في الدولة العراقية !!!
نرفع دعواتنا الى الله ان يحفظها من ارهاب السيارات المفخخة او الاغتيالات التي اصبحت تطال كل شي، اللهم انصر من نصرها واخذل من خذلها ووالي من والاها وعادي من عاداها .. انك سميع الدعا قريب مجيب.
انها اصبحت تمثل الجندي المجهول .. انها قدوة واسوة للجميع ... وامنية ان تتعلم الدبلوماسية العراقية فدائية البطاقة التموينية بدون شعارات!!