[أسيرة الشوق]

عبد الله بن عمرو بن العاص :" كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله ( ص ) فنهتنى قريش وقالوا : تكتب كل شئ سمعته من رسول الله ( ص ) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟ فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ باصبعه إلى فيه وقال : " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق ))
سنن الدارمي 1 / 125 باب من رخص في الكتابة من المقدمة
وسنن ابي داود 2 / 126 باب كتابة العلم ، ومسند احمد 2 / 162 و 207 و 216 ، ومستدرك الحاكم 1 / 105 - 106 ، وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1 / 85 ط . الثانية ، ط العاصمة بالقاهرة سنة 1388 .


فقه الحديث
اولا: قوله ((اكتب كل شيء اسمعه)) يدل على عموم كتابته وانه لم يستثن شيئا من الذي كان يسمعه منه صلى الله عليه واله.
وفيه دلالة واضحة ان الامر بهذه الطريقة كان متعارفا وغير منهي عنه في باديء الامر.

قوله: ((فنهتني قريش)) فيه دلالة على ما يلي:
1. قريش اسم لحزب وكتلة تشكلت في فترة متاخرة من استقرار الاسلام - طبعا تشكلهم الرسمي -
2. ان التكتل كان باصول عشائرية قبيلة بدلالة عدم استخدامه لقب مهاجرين او انصار بل استخدم لفظة قريش.
3. ان هذا الحزب او الكتلة انما تشكل من كبار القوم وليس من اناس عاديين بدلالة انه قال نهتني .

قوله: ((ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا )) يدل على انهم استخدموا نفس الشائعات التي استخدمتها جبابرة الاقوام السالفة مع انبيائهم كما ورد في القران الكريم.
وهذا امر يحتمل احد امور:
1. ان لهم علاقات وثيقة باحبار ورهبان اليهود والنصارى.
2. انهم تفرغوا لدراسة الكتب القديمة والاديان السالفة فعرفوا هذه الامور.

ولما علمنا انهم لم يدرسوا شيئا من هذه الامور لجهلهم بكثير من القضايا التي وردت عليهم
بقي لدينا ان نقول ان لهم علاقة وثيقة باحبار اليهود ورهبان النصارى فتعلموا منهم ذلك.
ويؤيد هذا القول علاقة عمر الوثيقة بكعب الاحبار اليهودي وتميم الداري النصراني وجعلهما وزرائه ومستشاريه.

قوله: ((ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا)) يدل على انهم بداوا القول بعدم عصمته صلى الله عليه واله منذ ذلك اليوم وانهم كانوا يريدون تعميم هذا المفهوم على الناس باسلوب لبق ختل .

قوله: ((فأمسكت عن الكتابة)) يدل على انهم اثروا فيه اما نفسيا او اجتماعيا والمرجح ان يكون التاثر اجتماعيا لانه صدر كلامه بوصفهم قريش وهذا مما يشعر باسلوب التاثير.

قوله(فأومأ باصبعه إلى فيه وقال : " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق )) فيه دلالة على ان النبي الاعظم صلى الله عليه واله وسلم فهم منهم انهم يقولون ان بعض ما يقوله النبي هو باطل حاشاه صلى الله عليه واله وسلم فنفى تلك التهمة الباطلة بالقسم العظيم (( فوالذي نفسي بيده)) ولم يكن النبي صلى الله عليه واله ليقسم على امر هين ابدا.

تساؤلاتنا
السؤال الاول: لماذا تم التجمع باسم قريش ولم يتم باسم ديني؟
جوابنا
لان التجمع الديني لم يكن ليؤثر في الناس ابدا لسبب بسيط وهو ان الامام علي عليه السلام قد حظي باهل الدين مثل سلمان وابو ذر وهم قد التفوا حوله لانه علي وما ادراك ما علي.
فاي تشكيل يريد ان يحشر نفسه في جسد الامة باسم الدين سيواجه بانتقاد شديد ونبذ عنيف من ابناء الامة على اساس ان اصل التدين موجود فلماذا الانشقاق عنه؟
فلم يجدوا بدا من استخدام اسم عشائري ليجمعوا حولهم من يقدرون.

السؤال الثاني: هل كان ابو بكر وعمر من جماعة قريش ام من جماعة الدين الاسلامي؟
جوابنا
انهم كانوا من جماعة قريش بدلالة انهم اول من صرح بالموقف ذاته يوم تسلموا الخلافة حيث :
روى الذهبي أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال : " إنكم تحدثون عن رسول الله ( ص ) أحاديث تختلفون فيها ، والناس بعدكم أشد اختلافا ، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه)) تذكرة الحفاظ للذهبي بترجمة ابي بكر 1 / 2 - 3 .

قرظة بن كعب أنه قال : " لما سيرنا عمر إلى العراق مشى معنا عمر إلى صرار ، ثم قال : أتدرون لم شيعتكم ؟ قلنا : أردت ان تشيعنا وتكرمنا . قال : ان مع ذلك لحاجة ،

إنكم تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فلا تصدوهم بالاحاديث عن رسول الله وأنا شريككم قال قرظة : فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله ( ص ) " .
وفي رواية اخرى : فلما قدم قرظة بن كعب قالوا : حدثنا ، فقال : نهانا عمر
اخرجها ابن عبد البر بثلاثة اسانيد في جامع بيان العلم باب ذكر من ذم الاكثار من الحديث دون التفهم له 2 / 147 ، وتذكرة الحفاظ للذهبي 1 / 4 - 5 . وقرظة بن كعب أنصاري خزرجي ، في اسد الغابة هو احد العشرة الذين وجههم

عمر مع عمار بن ياسر إلى الكوفة . شهد أحدا وما بعدها ، وفتح الري سنة 23 . ولاه علي على الكوفة لما سار إلى الجمل ، وتوفي بها في خلافته . اسد الغابة 4 / 203 .