[مستبصرة]

عواصم الشهابية من حنادس الوهابية

بقلم : جهاد الدين الامين

الوهابية و ما أدراك ما هي؟ تعال أخبرك فما ينبئك مثل خبير، فلقد عاشرتهم و عاملتهم و بلوت أخبارهم، فما أدراك ثم ما أدراك ما هم؟ عقولهم خواء و حقهم باطل و قلوبهم هواء و نشيطهم عاطل، سمينهم غث و جديدهم رث، أجلاف في الخَلْق و الخُلُق، لا يعون ما يقولون و إن وعوا فسرعان ما ينسون. هم بقية الخوارج و أبناء ذي الثدية الملعونون على لسان رسول رب العالمين، هم أحفاد من قتلوا يوم النهروان فمن اصلابهم خرجوا و مثل أقولهم قالوا، فلقد كفروا جل المسلمين بذرائع لا اساس لها و حجج واهية لا محصول معها، لا يعرفون من الدين إلا اسمه و لا من الكتاب إلا رسمه، فهم عن مقاصد الدين عمون، و عن معاني الكتاب قاصرون. فمنتهى الإيمان عندهم تطويل لحية و تقصير ثوب، و كل ما عدا ذاك فالدين منه في بحبوحة. قلوبهم أسود من لحاهم، و عقولهم اقصر من أثوابهم بما لا يتقارب. ولعمري لقد حاورني أحدهم يوما في وجوب توفير اللحية فسألته عنى معنى كلمة الصمد في قوله تعالى "قل هو الله أحد، الله الصمد" فزاغت عيناه و التصقت شفتاه و لم يحر جوابا، فبانت قرون عواره و علت أنفاس انبهاره، فكم يتشدقون بما لا يعرفون، و تتحلب أفواههم المفضوضة بما لا يفهمون، يجادلون بلا حجة، و عند المناظرة يغرقون في لُجَّة.

في القرن الثاني عشر الهجري، و الثامن عشر الميلادي و في صحراء نجد و تهامة نشأ منشئ البدعة الوهابية "محمد بن عبد الوهاب"، و كانت الخلافة التركية يومئذ مسيطرة على أصقاع الإسلام، إلا أنه في عهد السلطان سليم الثالث خليفة المسلمين برزت قرون الفتن و منها الفتنة الوهابية في الحجاز حيث بدأ الوهابيون بمحاربة الشريف غالب بن مساعد و هو أمير مكة و نائب السلطنة.

و كان الشيخ عبد الوهاب أبو محمد و اخوه و شيوخه يتفرسون في محمد أنه سيكون منه زيغ و ضلال كما ذكر الشيخ أحمد بن زين بن أحمد دحلان المكي، الفقيه الشافعي، و مفتي الشافعية في مكة و كان من معاصري محمد هذا، و الشيخ دحلان هو صاحب كتاب "الدرر السنية في الرد على الوهابية". و كان مشايخ محمد هذا يوبخونه كثيرا و يحذرون الناس منه، لما بدأ في الترويج لبدعته التي أغوي بها الجهال و العوام و خالف بها العلماء و السادة. و كان محمد يزعم ان زيارة قبر النبي و التوسل به شرك، و من الطبيعي حينئذ أن ينسحب ذلك على أي قبر بعدئذ، و كان يكفر من أسند شيئا لغير الله و لو على سبيل المجاز كأن يقول القائل "لقد نفعني هذا الدواء"مثلا. و تمسك بأدلة واهية انطلت على العوام، و اتصل بأمراء المشرق و اهل الدرعية حتى آووه و نصروه، و وسوس إليهم أن من لا يعتقد بقوله فهو كافر مهدر دمه مستباح ماله، فكفروا بذلك الجمهور الأعظم من المسلمين.

و لقد برز ثلة مباركة من العلماء و السادات الأفاضل للرد على محمد هذا لما انتشرت بدعته و أغوى بها الكثير من العوام و الجهال و ذلك لما قام بنصرته محمد بن سعود أمير الدرعية و من بعده ابنه عبد العزيز بن محمد بن سعود، فكم لاقي الإسلام من ويلات بسب ذرية آل سعود إلا القليل منهم، و خير مثال في عصرنا هذا و بعد قرنين من الزمان هذا المدعو بندر و فضائحة معروفة للقاصي و الداني.

فأول من رد على محمد هو شيخه محمد بن سليمان الكردي الشافعي كما ذكر الشيخ أحمد بن زيني الشافعي مفتى مكة، و مما قاله الشيخ الكردي "يا ابن عبد الوهاب إني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين فإن سمعت من شخص أنه يعتقد تأثير ذلك المستغاث به من دون الله فعرفه الصواب وأبن له الأدلة على أنه لا تأثير لغير الله فإن أبى فكفره حينئذ بخصوصه ولا سبيل لك إلى تكفير السواد الأعظم من المسلمين ، وأنت شاذ عن السواد الأعظم فنسبة الكفر إلى من شذ عن السواد الأعظم أقرب لأنه اتبع غير سبيل المؤمنين قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية .

كما رد عليه شيخه عبد الله بن عبد اللطيف الشافعي بكتاب سماه "تجريد سيف الجهاد لمدعي الاجتهاد"؛ و رد عليه العلامة محمد بن عفالق الحنبلي في كتابه "تهكم المقلدين بمن ادعى تجديد الدين" و اورد فيه تفنيدا لكل ما قاله ابن عبد الوهاب في كتابه المسمى بالتوحيد، و أرسل له أسئلة لغوية و في علم البلاغة و البيان فلم يسطع محمد أن يجيب على أقلها بله أجلها؛ كما رد عليه الشيخ عطاء المكي برسالة اسمهما "الصارم المكي في عنق النجدي"؛ و لقد نظم فيه السيد عبد الرحمن من علماء الأحساء بقصيدة مطلعها:

بدت فتنة كاليل قد غطت الأفقا * و شاعت فكادت تبلغ الغرب و الشرقا

و رد عليه العلامة السيد علوي بن حداد في كتابه " مصباح الأنام و جلاء الظلام في رد سبه البدعي النجدي التي أضل بها
العوام"، حتى أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب قد رد على أخيه محمد بكتابين أحدهما "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية"، و الآخر "فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب". و لقد قال الشيخ جميل صدقي الزهاوي في كتابه "الفجر الصادق" ما نصه :

"قاتل الله الوهابيَّة، إنّها تتحرّى في كلِّ أمرٍ تكفير المسلمين ممّا يثبت أن همَّها الأكبر هو تكفيرهم لا غير، فتراها تكفِّر من يتوسَّل إلى الله تعالى بنبيّه صلّى الله عليه وسلّم، ويستعين باستشفاعه إلى الله تعالى على قضاء حوائجه، وهي لا تخجل إذ تستعين بدولة الكفر على قضاء حاجتها التي هي قهر المسلمين وحربهم وشق عصاهم ..."؛ و كذلك قال مفتي مكة الشيخ أحمد بن زين الشافعي في كتابه "فتنة الوهابية" ما نصه:

"لا حاجة إلى التأليف في الردِّ على الوهابية بل يكفى في الردِّ عليهم قوله صلّى الله عليه وسلم (سيماهم التحليق) فإنّه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم. وأتفق مرّة أنّ امرأة أقامت الحجة على ابن عبد الوهاب لما أكرهوها على اتباعهم ففعلت. أمرها ابن عبد الوهاب أن تحلق رأسها فقالت له: حيث أنك تأمر المرأة بحلق رأسها ينبغي لك أن تأمر الرجل بحلق لحيته. لأن رأس المرأة زينتها، وشعر لحية الرجل زينته. فلم يحر لها جواباً" انتهى.

و كان ما فعل محمد ابن عبد الوهاب أنه كان ياتي بالآيات من القرآن فيضعها في غير موضعها، و يقرن بين المشركين و بين المسلمين، و لقد روي في البخاري من حديث عبد الله بن عمر في وصف الخوارج أنهم حملوا الآيات التي نزلت في الكفار على المؤمنين. و لقد أورد مفتي مكة الشيخ الزيني دحلان أنه صح عن الرسول أنه كان يتوسل بنفسه و بالانبياء من قبله فيقول و ذلك لما ماتت فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي "اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين "؛ و أورد الشيخ الزيني ايضا أن أعمى سأل النبي أن يرد الله بصره بدعائه فأمره بالطهارة وصلاة ركعتين ثم يقول " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى اللهم شفعه في " ففعل فرد الله عليه بصره، انتهى.

و من المشهور في الصحيح أن عمر بن الخطاب توسل بالعباس عم النبي لما أجدبوا و امتنع المطر، فقال ما معناه الله إنا نتوسل إليك بعم نبيك ، و هذا الخبر مشهور و أشهر من أن يُوَثَّق. ومن الادلة كذلك ما رواه الحاكم وصححه والطبراني " وذلك أنه لما حج المنصور وزار قبر النبي صلى الله عليه وآله سأل الإمام مالكاً - وهو بالمسجد النبوي - وقال له: يا أبا عبد الله استقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله؟ فقال مالك: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله فيك. قال الله تعالى: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاسغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما)... انتهى. ومما يدل على جواز التوسل بالنبي بعد وفاته ما في خلاصة الكلام عن العلامة السمهودي قال: روى الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا إلى قبر رسول الله فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، ففعلوا فمطروا حتى نبت العشب"

انتهى. فعلمنا من جميع ذلك أن التوسل والتشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبجاهه وببركته من سنن المرسلين وسيرة السلف الصالحين. و لقد ورد في البخاري و غيره من الصحاح نداء النبي لكفار قريش لما دفنوا في القليب و قال أنهم يسمعون و لكن لا يجيبون. و ايضا نسى الوهابيون أن حجر إسماعيل و مقامه الذي دفن هو على بعد خطوات من الكعبة و الدعاء عنده و الصلاة فيه خير مما سواه، فلماذا لم يتكلموا في ذلك؟ و العجيب أن الوهابية يقرون بالشفاعة و لا يقرون بالتوسل و الفارق بينهما ليس بالكبير أفهل كان الشفيع شريك مع الله في المغفرة، فالجواب على مسألة الشفاعة هو نفسه الجواب على مسألة التوسل.

و من الأدلة على جوار التوسل و الاستشفاع ما ورد في كتاب الله تعالى حكاية عن أولاد يعقوب "يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين" و قول يعقوب عليه السلام "سوف أستغفر لكم ربي" و لما استطالت أظفار الفتنة الوهابية و ملكوا الكثير من الأرض الحجاز و اليمن و منعوا الحجيج من الشام و مصر من دخول الحجار للحج و ردوهم على ديارهم و تمردوا على الخلافة و آذوا المسلمين إيما إيذاء حتى أنهم حاصروا مكة و منعوا الميرة و الطعام عن أهلها حتى اضطروهم لاكل الكلاب و كل ذلك أورده الشيخ أحمد بن زين الشافعي مفتي مكة في كتابيه "فتنه الوهابية" و "الدرر السنية في الدر على الوهابية". فلما كثر إيذاء الوهابين صدر المرسوم السلطاني من السلطان محمود خان ثاني بن عبد الحميد إلى صاحب مصر محمد على باشا بالتجهيز لحرب الوهابية. و شن محمد علي باشا الحملة تلو الحملة عليهم حتى أباد طوائف الوهابية التي كانت منتشرة في الحجاز، و في خاتمة المطاف أرسل عبد الله بن سعود إلى دار السلطنة فطافوا به في البلاد ثم قتل و استأصلت شأفة الوهابية.

كان ذلك تلخيصا تاريخيا لما كان من بدعة الوهابية و فتنتهم، و لكنها عادت في عصرنا هذا إلى الحياة من جديد و ذلك لما ساد الجهل و انغلق الفكر و تحجرت عقول العوام، و كلما تعمق المرء في الجهل كلما مال إلى التشدد و التعصب و التكفير و الخروج على الأمة، فلا عجب فلقد ثار أجدادهم الخوارج من أحفاد ذي الثدية على مولانا أمير المؤمنين على بن أبي طالب و كفروه و هو من هو أفلا يكفرون من هو دونه، فالتكفير هجيراهم و ديدنهم لما رضعوا من ثدي الجهالة و فُطِمُوا على حجر الجهل، و شبوا بين أحضان التحجر و التخلف، و شابوا في كنف الضلالة و ماتوا على نعش الغباء و دفنوا في لحد الوهم .

و لكن الفكر الوهابي عاد للظهور من جديد و استشرى خطره في مجتمعاتنا و ما أسرع ما ينتشر هذا الفكر كما تنتشر النار في العرفج و الحطب، فعقولهم يابسة و خالية من العلم و الفكر فانتشر فيها الجهل و عشش و باض و فرخ، كما هو العرفج يابس و خال من الرطوبة و الماء، فسرعان ما تنشب فيه النيران، ينفرون من الحقيقة نفور الخنفساء من ماء الورد، فالخنفساء من طبعها أنها يغشى عليها إذا وضعت في ماء الورد و لا تعود لوعيها إلا إذا وضعت في الروث و العَذِرَة، فكذلك أصناف الوهابية يميتهم مِسْك الحقيقة و يحيهم نتن الجهل و العياذ بالله. ينسبون إلى الله على الحقيقة الجوارح و الأعضاء من يد و رجل و قدم و ضحك، و كان ابن الزاغوني و هو من كبار الحنابلة و لقد شان المذهب الحنبلي شينا عظيما كما قال ابن الجوزي، كان ابن الزاغوني يقول "الزموني ما شئتم ألتزمه إلا اللحية و العورة" أي أنه ينسب كل الجوارح إلى الله ما خلا اللحية و العورة فقط، فسبحان الله و تعالى عما يقولون علوا كبيرا، و لماذا لا تنسب إلى الله اللحية مع أنها من الواجبات في مذهبهم و قد أمر بها النبي.

و اتى ابن تيمية في القرن الثامن و كان من المشبهة و خالف إجماع الأمة في العقيدة و الفقه و قال بفناء النار و نزول الله إلى السماء الدنيا على الحقيقة و نسب الخطأ إلى سيدنا على بن أبي طالب و قال أنه أخطاء في سبعة عشر موضعا، و انتشر فساد ذلك المذهب في الأرجاء فأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون باستقدام ابن تيمية(و تيمية هي جدته فهو منسوب إلى جدته)الحراني الدمشقي وجمع له العلماء و القضاة من الأمصار فناظروه فلم يسطع أن يرد عليهم و اقاموا عليه الحجة و سجن بسجن القلعة بالأسكندرية حتى مات غير مأسوف عليه كما هو مذكور في كتب التاريخ، و إليك مقتطفات من المرسوم السلطاني:

" بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي تنزّه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المِثْل، نحمده على ما ألهمنا من العمل بالسُّنّة والكتاب، ورفع في أيّامنا أسباب الشكّ والارتياب. ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ; شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير، وينزّه خالقه عن التحيّز في جهة ; لقوله تعالى: (وهو معكمْ أينما كنتُمْ واللهُ بما تعملونَ بصيرٌ)، فإنّ القواعد الشرعية ; وقواعد الاسلام المرعيّة، وأركان الايمان العلمية، ومذاهب الدين المرضيّة، هي الاساس الذي يُبنى عليه، والموئل الذي يرجع كلّ أحد إليه، والطريق التي من سلكها فاز فوزاً عظيماً، ومن زاغ عنها فقد استوجب عذاباً أليماً: ولهذا يجب أن تنعقد أحكامها: ويؤكد دوامها: وتصان عقائد هذه الاُمة عن الاختلاف: وتُزان بالرحمة والعطف والائتلاف: وتُخمد ثوائر البدع، ويُفرّق من فرقها ما اجتمع. وكان ابن تيميّة في هذه المدّة قد بسط لسان قلمه، ومدّ بجهله عنان كلمه، وتحدّث بمسائل الذات والصفات، ونصّ في كلامه الفاسد على أمور منكرات، وتكلّم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون، وفاه بما اجتنبه الائمة الاعلام الصالحون، وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الاسلام، وانعقد على خلافه إجماع العلماء. ولمّا اتّصل بنا ذلك، وما سلك به هو ومريدوه، من هذه المسالك الخبيثة وأظهروه، من هذه الاحوال وأشاعوه، وعلمنا أنّه استخفّ قومه فأطاعوه، حتى اتّصل بنا أنّهم صرّحوا في حقّ الله سبحانه بالحرف والصوت والتشبيه والتجسيم. فقمنا في نصرة الله، مشفقين من هذا النبأ العظيم، وأنكرنا هذه البدعة، وعزنا أن يشيع عمّن تضّمنه ممالكه هذه السمعة، وكرهنا ما فاه به المبطلون، وتلونا قوله تعالى: (سبحانَ ربِّك ربِّ العزةِ عمّا يصفونَ)، فتقدمت مراسيمنا باستدعاء ابن تيميّة المذكور الى أبوابنا، حين ما سارت فتاويه الباطلة في شامنا ومصرنا، ولمّا وصل إلينا الجمع أولوا العقد والحلّ، وذوو التحقيق والنقل، وحضر قضاة الاسلام، وحكّام الانام، وعلماء المسلمين، وأئمة الدنيا والدين، وعُقد له مجلس شرعيّ في ملا من الائمة وجمع، ومن له دراية في مجال النظر ودفع. فثبت عندهم جميع ما نُسب إليه، بقول من يُعتمد ويُعوّل عليه، وبمقتضى خطّ قلمه الدالّ على مُنْكَرِ معتقده. وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته الخبيثة منكرون، وآخذوه بما شهد به قلمه تالين: (ستُكتَبُ شهادَتُهم ويُسألوُنَ).وبلغنا أنّه قد استُتِيبَ مراراً فيما تقدّم، وأخّره الشرع الشريف لما تعرّض لذلك وأقدم، ثمّ عاد بعد منعه، ولم يدخل ذلك في سمعه، ومثل هذا ليس له إلاّ التنكيل، والسجن الطويل مستقرّه ومقيله وبئس المقيل. ولتثبت المحاضر الشرعية على الحنابلة بالرجوع عن ذلك، وتسيّر المحاضر بعد إثباتها على قضاء المالكية. وقد أعذرنا وحذّرنا، وأنصفنا حيث أنذرنا.وليُقرأ مرسومنا الشريف على المنابر; ليكون أبلغ واعظ وزاجر، لكلّ باد وحاضر. والاعتماد على الخطّ الشريف أعلاه. وكُتب في الثامن و العشرين من شهر رمضان سنة خمس وسبعمائة".

و نهج الوهابية هو هذا النهج في التجسيم و التشبيه و يينفقون الأموال الطائلة في سبيل نشر مذهبهم الخبيث، فلقد نشرت وكالة الإستخبارات الأمريكية أن المملكة السعودية قد خصصت سبعين مليار دولار نعم و الرقم ليس مبالغا فيه فالإضافة إلى اثني عشر مليون كتاب لتوزيعها في البلاد و إنفاقها على خطباء المساجد في مصر و في غيرها و ذلك للترويج لبدعتهم و للأسف الشديد يجتمع حولهم العوام كما يجتمع الذباب على النجو و الفراش حول النار حتى يهوي فيها محترقا.

و يشهد تاريخ الوهابية القديم و الحديث أنهم الذين والوا النصارى فقد تحالفوا مع البريطانيين في بادئ عهدهم و معروف التحالف الصريح مع أمريكا التي ساعدت آل سعود في إنشاء دولتهم على أن يزودوهم بالنفط. و العجب العاجب أن يأتي هؤلاء ليتحدثوا عن إيران و تحالفها مع أمريكا فصدقت فيهم مقولة العرب "رمتني بدائها و انسلت" و اللئيم هو الذي يرميك بما فيه، يقولون ذلك في الوقت الذي أقيمت فيه القواعد الأمريكية على أراضيهم و منها خرجت الطائرات الأمريكية و من نفطها زودت بالوقود و كل ذلك لحرب و تدمير العراق.

هذا هو تاريخ الوهابية المظلم. فالقواعد الامريكية ليست على أراضي إيران بل هي في عقر دار الوهابية و السلفية و عجبا لمن يرى القشة في عين أخية و لا يرى الخشبة التي في عينه.