بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأوليـــــــــــن والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
وبطلب من احد الأفاضل في هذا المنتدى الأغرّ أضع بين أيديكم الكريمة مختصر قصّتي إستبصاري والهداية ..
*** وبعد هذا البحث ركبت السفينة ...***
مع رجاء التثبيت حتّى النهاية منه .
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
** هذا البحث المطوّل كان السبيل الهادي إلى حياض سُفن النّجاة "ع" .. حيث أيقنت من بعده ، بأنّ الإسلام أصبح إسلامان : محمّدي، وعمري ، ولكلّ منهما شرائع وأتباع .. ومن يبتغي منكم سُبُلَ النّجاة فعليه :
- قراءة هذا البحث لنهايته ..
- ذو بصيرة حرّة من قيود الموروث..
- الحكم بيننا كتاب الله والمتّفق عليه من السنة الشريفة .**
يقول مولى الموحّدين وقائد الغرِّ المُحجّلين الإمام عليّ –عليه السلام – :
* نفسُ المرء خُطاه إلى أجلــــــه ..
.. من هنا يكون الحرص على عدم إضاعة العمر في لا شيء أو في التوافه .. فبين المرء وأجله مسؤولية الربط التكاملي من استعمال الإنسان لطاقته في الدنيا ، وبين الجزاء الذي سيلاقيه في الآخرة عن كيفية الاستعمال وعن ماهية النتائج .. وهذا ما جاء في دعاء مكارم الأخلاق للإمام السجّاد "ع" ": واستعملني في ما تسألني عنه غدا ..:" والكتاب المقدّس يضع لذلك ثلاث أسئلة سيتعرّض لها الإنسان يوم الجزاء ..
1- قوله تعالى ": فاستمسك بالذي أوحي إليك ، انّك على صراط مستقيم ، وانّه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ..:"
هنا يكون التأكيد على التمسّك بكتاب الله تعالى وجعله منهاجا في الحياة .
2 - قوله تعالى ": فلنسألنّ الذين أرسلَ إليهم ، ولنسألن المرسلين .:" وهنا التأكيد على الالتزام بأمر القيادة المنصوص عليها من قبلِ الله تعالى اسمه .. والمتمثلة في الرسول الأكرم - صلى الله عليه وآله وسلم - .
3 - ولو شاء الله لجعلكم أمّة واحدة ، ولكن يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ، ولتسألن عما كنتم تعملون .:" وهنا التفويض التام الإنسان على اختيار مسلكه في الحياة والذي يصل به إلى الآخرة .. وحتّى تستقيمَ منافذ الوعيّ والإدراك لسُبُل الخير . لا بدّ من التمسّك بأمر القيادة الشرعيّة جميعها . والمتمثّلة في الرسول الأكرم –صلى الله عليه وآله - وذلك من قوله تعالى "ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .:" .. وبعده يأتي دور قيادة الإمام المنصوص عليه من قبل الرسول عنِ الله تعالى ، ومع الغيبة يكون دور العلماء والمرجعيّة الشريفة .. وعند التمسك بهذه القيم والمبادئ تجد الأمة مسالك النجاة والرشاد والسعادة الأبدية ..
وعلى ضوء ما تقدّم نستطيع أن نقول بأنّ الإنسان محكوم بزمن محدّد لا يستطيع تغييره أو نقيصتهُ ، لذا كان منَ المنطق والعقل أن لا يُبدّده دونَ مُحاسبة النّفس وتوجيهها نحو سبل الخير والفلاح واكتساب الفضائل وترويضها على معاكسة الأهواء والشهوات .. حتّى تكون الجنّة هي المأوى .. ولن يبلغ ذلك الكمال الإنساني من العلم والمعرفة الربّانيّة ، حتّى يبلُغَ مرحلة الانسجام الكامل بين الروح والعقل ، والنفس والوجدان ، والقلب والمشاعر... إلاّ أنّ النّفسَ منْ طبعها الجموح لحنينٍ نحو مُوالاةٍ لماضٍ ورجال ومواقفَ ..وكنت أصدّها تارة وأتجاهلها أخرى ، ولكن كثيرا ما كانت تُساءلني على رجال أثْروا التاريخ الإسلامي بتناقضاتهم ومواقفهم حتى اختلفت فيهم الأمة بين موال ومعاد أو محبّ ومبغض .. وأخصّ بالذكر بطل رزية الخميس[*]، ومؤسس أركان السقيفة .. عمر بن الخطّاب .[*]
* شيطان كلّ إنسان نفسهُ :
وهذه المرّة ، وكعادتها سألت ، ثمّ كررت السؤال .. لكنّي لم أعِرها اهتماما .. همست ": هل تدّع لنفسك التفوّق في العلم والمعرفة على كلّ منْ أبدا لهم الولاء والانتماء منَ الأمّة في ماضيها وحاضرها . ومن أبد لهم الثناء الجميل على ما قدّموه للإسلام والأمّة من أعمال جليلة وخيّرة كانت السبب في نشر الإسلام وعزّته .. حتى كُتب تاريخهم بأحرف من ذهب ، انحنى لعظمته القاصي والداني ، وسيبقى إشعاعه ما بقيت الأيام والسنين .. بل أين يُتاه بك ، بعد أن كنت من مواليهم وأشياعهم ، وكنت الذاب عن حياضهم وكرماتهم .. بل كنت تهيمُ بحبّهم ، وقد رأيتك تُناجيهم وتٌحابيهم ، وكثيرا ما كنتَ تأنسُ بمجالستهم في رؤياك وأحلامك ، وكان لسانك دائما يتباه بمآثرهم ومناقبهم .. فما حدا ممّا بدا ..؟
ثمَّ إنكفأت للحظات لتدع المجال للحافظة تستشير العقل والوجدان على ما فرّطنا مع سنوات التيه في مُنعطفات التقليد المتداعية ، ومسالك السلف المعتّمة ، حيث طُمست الحقيقة بين ثنايا الأوهام وطيّات الافتراء ، ممّا حال بين البصيرة ورؤية نور الحقيقة ، فتبدّدت معها معالمُ النّجاة ومسالك اليقين .. ولكن أين لها ذلك بعد أن امسكنا بمصابيح الهداية ، وسفن النجاة . فمن الذي يتجرّأ بعد هذا أن يقول بأنَّ الحقّ في ما تركت ، وأن الباطل في ما اتخذت من ولاء لأهل بيت العصمة – صلوات الله عليهم وسلامه- ..
هنا وكزها صوت الضمير ..": لما لا تُحاولي .. وما يضير ..؟ فإنَّ الهدى على انبثاق بين يديك ، فقرّبي وخُذي ممّا أعطيتُ حتّى يُفَجَّرَ النّور على أرجائك .. فتسعدي بذلك وتُسعديني . لكن بحالة اللامبالية استقبلت النصيحة وهي تنازعني قيادها.. عندها جذبتها نحو سوحِ المناظرة وليكن الميزان في ذلك كتاب الله وما اتفقَ عليه من السنّة الصحيحة مع الإجماع والعقل .. لم تنصاع لدعوتي من أوّل وهلة ، بل شككت وتعلّلت وذاك ديدنها ..": وما نفعُ ذلك والأمّةُ لا تمتلك تاريخا يُستفادُ منه في هذا المضمار، وقد لعبت بمنابعه الأهواء السياسية ، والمنازعات السلطويّة ، والتجاذبات المذهبية منْ تحت ضلال السيوف والبيارق [1]، ساندها في ذلك جنود العسل [2] ومهور البغايا [3]. نعم أنَّ كلُّ ما لدينا هو من صنع الحكام والسلاطين .. من أمثال معاوية والمنصور..وأئمة الجور كشريح وابن تيمية .. وأشباه العلماء .. كابن حزم وابن كثير ..ومن هنا ليس بغريب بأن يكون الاعتماد على الأحلام والتخيلات في العديد من مفاصل التاريخ وقد تتهمُ الذاكرة بالنسيان [4]، أو الأذن بالصمم [5]، كما قد يُعطى للجنّ دور في تصفيّة بعض الرموز المعارض للتاريخ السّلطوي وأهله [6]..؟
* من إبتاعَ نفسهُ أعتقهـــا :
وبنظرة المشفق أجبتها ": صَدَقْتِي في كلّ ما أَدّعَيْتِي .. وقد كفيتني مئونة التوضيح ، بل لذلك أعدتُ قراءة التاريخ ، وأبيتُ طاعتك للعودة إلى عقيدة الابتداء ، وموالاة من وال الآباء عن جهل وغباء .. ولكن لا بأس بأن ننظر الجوانب الإيجابية في تاريخ الأمة ، وهو من أغنى تواريخ الأمم على الإطلاق ، بل ويمتاز عليها بالدقة والشموليّة كما يملك من النصوص الصحيحة الشيء الكثير شريطة البحث العميق والتدبر بعيدا عن اللجاج والتعصب .. مع ما يمتلك من قواعد ومنطلقات يستطيع أن يوفّر الباحثُ لنفسه من خلالها وسائل التمييز ما بين الغث والسمين وما بين الحق والباطل والصحيح والسقيم ..وما علينا إلاّ أن نتخذ السبل المجمع عنها لبلوغ الغاية ، بعيدا عن المهاترات والمشاحنات والعناد .. وقد ذكرت لَكِ موازين القسط المعتمدة لدى عشاق الحقيقة والباحثين عن النجاة والسعادة الأبدية .. ولا بأس بأن يكون البحث في الأسانيد المعتمدة ، والتمسّك بما أجمع عليه أكبر عدد من أهل الفرق حتى تكون النتيجة مقبولة لدى الجميع ، ويجب أن تُتّخذَ منَ المبادئ الإسلامية والقرآنية وشخصيّة الرسول الأعظم "ص" الروحيّة والأخلاقية أساسا لتقييم عديد النصوص والحكم عليها أو لها ، ثمّ أخذ بعين الاعتبار مسألة تناقض الأحاديث ومع كونها تتعارض في الزمان والمكان مع شخصيّة السند الراوي للحدث أو التي محطّ البحث ..:"
شعرت عندها وكأنّي بها تريد توضيحا حول الدافع من جعل شخصيّة الرسول الأعظم "ص" بين المقاييس المتّبعة وما الجدوى من ذلك ..؟ فلاطفتها مِنْ همسٍ ..": .. ألا تعلمي بأنّ رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - هو الخليفة الشرعي لله على الأرض ، بحيث يُمثّل صفات الإنسانية الفاضلة من علم وعقل وكمال وشجاعة وهدى وتقوى و كمالات رفيعة لا يُرى معها خلل ولا زلل في أعماله وأقواله ، بحيث يكون مبرئ من النواقص ، فكان الأسوة الحسنة للإنسانية جمعاء مدى الدهروذلك من قول الله تعالى": ولكم في رسول الله أسوة حسنة " وقوله تعالــــى ": ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ومن هنا يجب أن يكون حكمه الفصل في ما جاء عنه أو فيه بعد عرضها على موازين العصمة المحمّدية ، وكلّ ما دون ذلك فهو تهيأت وأضغاث أحلام ووسوسة شياطين الإنس والجنّ .. ولا بأس وبعد هذا التوضيح المطول أن نبحث في ما جاء من فضائل ومناقب ولو بشكل مختصر في الخلفاء الثلاثة ، وما مدى صحتها ، والغاية منها .. ولك أن تسألي فيما تبلغين به خيوط المعرفة ، وملامسة الحقيقة :"
.. لكن هذا الواقع الجديد فرض عليها وضعا جرّدها من قصاوة الجموح . مع ما أوقعت بها سياطُ التأنيب من قبل العقل والوجدان والضمير من عذبات العزلة أدّت بها إلى الإنصياع لإرادة الأغلبية ، فسلّمتني قيادها وأعطتني زمامها مع بقايا من التّعنّت ، و منهُ استمدّت أحرف البيان .. ": لو نظرنا للموضوع نظرة شموليّة ، لعلمنا بأنّ خلافة أبي بكر كانت صنيعة عمر ، وكذلك كانت خلافة عثمان وبل حتّى خلافة معاوية ومن جاء بعده .. وبذلك يكون منَ الأجدى أن ننظر في حال الخليفة الثاني عمر ، فهو يُعتبرُ القطب الذي أدارعجلات الأحداث لهيكلة الخلافة " الراشدة " ..
فلو صحّتْ أسس سخصيّته المستمدّة ممّا حباه التاريخ والسيرة من فضائل وكرمات.. صحّ معها ما شيّده بها وعليها . وإن كانت أسسه تلك على جرفٍ هارٍ ، فحتما سينهار ما بناه على رؤوس أصحابه ، ومن والاهم أو تمسّك بحبالهم الثائبة أو إستظلّ بظلهم الزائف .. وليكن البدء من البداية ، حيث إسلام عمر وما جاء فيه من فضائل وكرمات بأمر الله ورسوله ..:
يتبـــــــــــــع - إن شاء الله تعالى -
موفقين وبعين الله تحرسكم
أبو مرتضى عليّ
الفهـــــرس
[*] -- أحداث نتناولها بالتفصيل في الأجزاء القادمة - ان شاء الله - .
1 – ما فعلوه أوّلا مع مالك بن نويرة وعشيرته ، من قتل وتنكيل وهتك الحرمات ..وما فعله عثمان مع أصحاب رسول الله : كأبي ذر وابن مسعود .. ثمّ جرائم معاوية في حقّ أولياء الله كعمر بن حمق الخزاعي الصحابي وحجر بن عدي الكندي الصحابي ومحمّد بن أبي بكر وكيف وضعه في جيفة حمار ثمّ أحرقه ...
2 – كفريات معاوية عندما بلغه إستشهاد الإمام الحسن "ع" قال ": سبحان الله ..؟ إن لله جنودا من العسل ..:"
3 -- وتلك البغيّة التي إشترطت على اللعين إبن ملجم قتل الإمام عليّ "ع" كمهر لزواجها ..
4 -- ما فعله أنس أبن مالك بكتمانه لشهادة يوم الرحبة بدعوة النسيان تارة وكبر السنّ أخرى ..؟ حتى أصابته دعوة الإمام عليّ "ع" كما ذكر ذلك ابن قتيبة في معارفه ص 194، وابن أبي الحديد في نهجه ج1ص362 ..
5 -- وزيد بن الأرقم كتم الحقيقة فأصيب بالعمى ، راجع مناقب علي بن أبي طالب لإبن المغازلي الشافعي ص23 وشرح النهج لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1ص362 .. ومن رجع عن الإسلام كجرير بن عبد الله البجلي راجع أنساب الأشراف للبلاذري ج2ص156 .
6-- ما فعلوه من مقتل سعد بن عباد الصحابي . وقالوا قتله الجن ..؟ بل من شعراءها ..