أخي في الاسلام ذيلت مقالتك في آخر مشاركه لك باستنتاج و حكم, وادعيت بأنك اقمت الحجه علينا و تريد ان تغلق الموضوع بنصر قطعا ليس بمستحق. كأنك تريد ان تلزمنا بفهمك انت و تجعلنا نتقبل نتاج عقلك. لكنك غفلت عن حقيقه و هي احتمالية قصور الفهم منك سيدي و عليه خطأ كل ما جئت به من نتائج. هذه مشاركه مني (وهي موضوع كنت اعده سابقا) قد تساعدك و تساعد الآخرين لفهم ما نقول. تذكر بأن أول ما نزل به جبريل عليه السلام على نبينا هو كلمة "إقرأ". و الله المستعان
إنما
تسمى إنما عند النحويين "كافه و مكفوفه". وهي تتكون من "إن" المكفوفه عن العمل و "ما" الكافه لـ "إن". تدخل إنما على الجملة الاسميه وعلى الجملة الفعليه. عند البلاغيين دخول إنما يفيد الحصر و القصر لما يأتي بعدها. بمعنى تفيد الحصر للإسم أو الحصر للفعل. وغالبا تكون أداة رابطه بين طرفين عام و محصور فيه. تشد بين جزئين برابط دلالي يفيد القصر و الحصر للطرف الذي يأتي بعدها. الحصر كما في قولنا مجازا "فقط". قد تأتي إنما في بداية جمله بغير ربط بين جملتين، كقولنا مثلا "إنما انا بشر أخطيء". لكن هذا التعبير باللغه هو أصلا ربط بين جزئين لكن الجزء الاول محذوف مجازا و هو على سبيل المثال "الملائكه و الرسل و الانبياء معصومون". هي بمعنى " أنا فقط بشر أخطيء".
هذه بعض الآيات الكريمه لتبيان ما نقول:
قال تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} ابراهيم (42)
ذكر عام لعمل الظالمين و انه يمهلهم و ليس بغافل عنهم, ثم يحصر عز وجل نهاية الآيه بأنه فقط تأخير لهم ليوم القيامه وليس اغفال تعالى الله.
قال تعالى: {وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} النحل (51)
يخاطب الله عز وجل الناس بأن لا يتخذوا الهين و هو خطاب عام ثم يحصر مستحق العباده و الرهبه و الخضوع في إله واحد فقط هو الله ذي الجلال و الاكرام
قال تعالى: { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } النحل (95)
خطاب عام ان لا تخالفوا عهد الله بأي ثمن تحسبونه خير لكم, ثم يحصر الخير الحقيقي فقط بما عنده عز وجل و هو الآخره.
قال تعالى: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100) } النحل
خطاب عام بان الشيطان لا يستطيع ان يتسلط على المؤمنين المتوكلين, ثم يحصر سلطان الشيطان فقط على من يتولاه وفي المشركين
قال تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} الحج (49)
خطاب عام لجميع الناس, ثم حصر بأنه ص و آله فقط نذير مبين
قال تعالى: { وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90) إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) } النمل
تبيان عام لأعمال الناس السيئه في الارض و تبيان الجزاء, ثم حصر فعل الامر اي الغايه من الوجود في عبادة الله فقط و حصر الامر بأن يكون هو صلى الله عليه و آله مسلم لربه
قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ} العنكبوت (50)
هنا تبيان لطلبات الناس من الرسول بأن ينزل آيات من ربه و كأنه يستطيع, ثم حصر الآيات بأنها من عند الله فقط وبأمره, و حصر آخر ايضا بأنه اي الرسول مأمور فقط من الله و نذير للناس
قال تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} الأحزاب (63)
في هذه الآيه يسأل الناس النبي متى علم الساعه و كأنه علم عام, ثم يحصر الله هذا العلم عنده فقط جل جلاله
قال تعالى: { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } سبأ (50)
في هذه الآيه حصر الله الضلاله و ضرها على نفس الانسان فقط, لكن لم يحصر الهدايه بالوحي فقط, لاحظ البلاغه في الموضعين "فإنما" و "فبما"
قال تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} فاطر (28)
بيان عام للمخلوقات في الارض من بشر و دواب و نحو ذلك, لكن حصر خشية الله فقط في العلماء من مخلوقاته
قال تعالى: { إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ } محمد (36)
حصر الحياة الدنيا في انها لعب و لهو فقط
قال تعالى: { وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)} الذاريات
أقسام اربعه يقسم بها الله عز وجل و هي الرياح و الغيوم و السفن و الملائكه المأموره بالتقسيم, ثم يحصر الوعد الذي وعد به عز وجل عباده بالصدق فقط و لا شيء غيره.
الآن نأتي الى آية التطهير محل النقاش:
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} الأحزاب
بدأت الآيه بأمر من الله عز وجل لنبيه بأن يخيّر ازواجه بين أن يفارقنه ولهن ما يردن وهي الحياة الدنيا وزينتها وبين أن يبقين عنده ولهن ما هن عليه واجر ذلك عظيم وهو الآخرة. ثم يوجه الله عز وجل خطابه الى نساء النبي لتسجيل ما عليهن من تكليف وزيادة التوكيد. يبين لهن عقابهن اذا اتت واحده منهن بفاحشه و يرغبهن في الاجر عند لزوم الطاعة و الخضوع. ثم ينفي مساواتهن لسائر النساء إن اتقين فقط. ثم امر صريح بأن يلزمن بيوتهن و لا يظهرن على الناس كالبروج لناظريها ثم امر بإقامة العبادات الشرعيه الواجبه عليهن. كل ما سبق يدل على ان الله لا يزكي احد بل بعضهن قد تعاقب اذ لم تكن تقيه. هو خاطب عام ترغيبي و ترهيبي لهن.
لكن يحصر الله عز وجل ويقصر ارادته التكوينيه المطلقه في اذهاب الرجس والتطهير غير المقرن في امرين فقط. حصر و قصر الإراده منه عز وجل فقط و لأهل البيت فقط. يفيد حرف "اللام" في "لـيذهب" بالعهد.
بكلمات أخرى: تشديد في التكاليف المتوجهة إلى أزواج النبي وتضعيف الثواب والعقاب ان اتت بحسنه او سيئه و جنه و نار, اذ لا يزكيهن الله عز وجل بل اعمالهن تفعل ذلك, ثم حصر ارادة اذهاب التطهير فقط منه وفقط لآل البيت. لاحظ انتقال الكلام من "كنتن, منكن, لستن ان اتقيتن, و قرن و لا تبرجن و اقمن" ثم يحصر ارادته باذهاب الرجس و التطهير و هي العصمة في " عنكم و يطهركم". و هم اهل البيت.
هنا في هذه الآيه الكريمه جاءت "إنما" بشكل واضح جلي و هو ربط أمر او شد بين جزئين برابط دلالي يفيد القصر و الحصر للطرف الذي يأتي بعدها فقط و هو ارادة الله التكوينيه في اذهاب الرجس عن و التطهير لأهل البيت.
تقول الشيعه الأماميه الاثنى عشريه أن المعصومون في هذه الامه الذين حصر و قصر الله عز وجل ارادة اذهاب الرجس عنهم و التطهير لهم و العهد على ذلك هم أهل البيت فقط و لا احد غيرهم. و هم محمد الاعظم صلى الله عليه و آله و الامام علي بن ابي طالب وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء و ابنيهما الامامين الحسن و الحسين سلام الله عليهم جميعا. وهذا ما ثبت على ارض الواقع. هل لك ان تأتي بخطأ واحد ارتكبه اصحاب الكساء الخمسه؟ حفصه بنت عمر لم تكن معصومه على سبيل المثال (على حد علمي)
أما إقرانك العصمه بالوحي و التشريع و حصرها في الانبياء فقط هو نتيجة فهمك الناقص للاسلام. نحن نقول يا سيدي بأن رسالة محمد صلى الله عليه و آله هي آخر الرسالات, و قد عاش رسولنا في هذه الدنيا فقط 23 سنه في عهد النبوه. من سيقودها بعده؟ نؤمن بأن الائمه من اهل البيت من بعده هم قادة هذه الامه بوصيه من الرسول من جبريل من الله عز وجل. تستطيع ان تتبع حديث الثقلين و غدير خم و حديث الاثنى عشر خليفة. و لهذا عصمهم الله ليكونوا حجج على الناس. هم حملة هذا الدين و خلفاء الله في أرضه بأمر منه عز وجل. و حتى تقام الحجه عليك و علي, كانت لهم العصمه.
أما سبب حديث الكساء و لماذا كان رسولنا الاعظم صلى الله عليه و آله يذكِّر الناس كثيرا من هم اهل البيت يتجلى بشكل واضح الآن في زماننا هذا. و هو اختلاف العامه في من هم حقا اهل البيت. لذلك اراد حبيب الله صلى الله عليه و آله ان يعلمك و غيرك بأن هؤلاء فقط اهل البيت المطهرين المعصومين المستحقين للاتباع. لأنه يعلم بوحي من الله بأنك و من هم من جنس مذهبك سيخلط, ويتفلسف و يتخذ الهه هواه و سيضل ضلالا اذا تركهم و تخلى عنهم. فهذا التكرار هو فقط لك عزيزي فتأمل.
أما لماذا العصمة لسيدتنا فاطمة الزهراء صلى الله عليها و على ابيها و بعلها و بنيها هو ببساطه شديده انها أم احد عشر امام معصومين متجللين بانوار تهدي الى الله الخالق العدل الفرد الصمد. هي ام قادة هذه الامه العاصمين من الضلال, هي ام الصراط المستقيم الذي تقرأه بأم الكتاب في جميع صلواتك. هي أم ابيها هي الكوثر الذي ينجي به الله عباده. هي المعين لكل ماهو الهي حق أي الأئمه صلوات ربي عليهم. هي الحجه على ابنائها المعصومين. وعصمتها يا سيدي كعصمة السيدة مريم بنت عمران عليها وعلى ابنها السلام. لكن مولاتنا الزهراء هي سيدتها و سيدة نساء العالمين كما اخبرنا الله عز وجل بوحي لنبيه.
وفي الختام سلام
حياك الله يأخي خادم المرتضى ...
اثمن كل ماقلتة بأسطر من ذهب وهو يستحق الأشادة ...
لأكنك لم تعطي افادة على السؤال الوحيد في الموضوع وهي لماذا هاذة الأية فريدة في فصل السياق وليس لها مثيل في القران ولا على كل ورق وجدران ...فهل نهمشها ولا يستوقفنا انها شاذة عن اللغة ؟؟؟
هل نغض الطرف على المستحيل لأننا نكرة مايمكن !!