كلما قال الإنسان: (يا الله)!.. أو (اللهم)!.. أو (يا رب)!.. عليه أن يلتفت بأن هذا خطاب مع رب العالمين، والخطاب يستدعي استحضار المخاطب.. بعض الأوقات الإنسان يتكلم مع إنسان آخر، وهو ينظر إلى زاوية أخرى.. مثلا: قد يكون الطالب في الصف مؤدبا ولا يشاغب، ولكن عندما يراه المدرس ينظر إلى زاوية أخرى، فإنه يغضب منه، ويتهمه بعدم الاهتمام والاستماع للدرس.. كذلك الإنسان عندما يتكلم مع شخص، يستغرب أنه ينظر إلى جهة أخرى.. مثلا: زوج يدخل المنزل، ويرى حركة غير إيجابية في المنزل؛ فينظر إلى الحائط وهو يتكلم مع زوجته.. هذا يفهم منه حالة الإعراض وعدم الاعتناء.إن الإنسان الذي يخاطب رب العالمين ويقول: (اللهم)!.. أو (يا الله)!.. أو (يا رب)!.. وهو لاهٍ في قضية معينة، أو بفكرة معينة؛ فإن هذه بداية غير مباركة..
(يا أباذر!.. ركعتان مقتصدتان في التفكر؛ خير من قيام ليلة والقلب ساه)..
حــكــمــة هذا الــيــوم :
إذا أردت أن تكتشف إنسانا عادلا سواء كان إمام مسجد أو غيره، اسأل زوجته، اسأل أقرب الناس إليه!.. فالإنسان قد يتكلف وقد يتصنع في التعامل مع الناس حتى في العمل الوظيفي؛ خوفا من منصبه.. ولكن الإنسان يُعرف حاله عند معاشرته، الزوجة عادة تتستر على زوجها حفاظا على حرمة المنزل، ولكن إذا أردت أن تعرف حقيقة أن الرجل له هذه الرحمة ومتخلق بأخلاق الله -عز وجل- فلتراجع عمله مع أهله، ولهذا القرآن الكريم يجعل الأهل والأسرة في أول درجات الاهتمام بعد النفس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}.. لم يقل: المجتمع، ولم يقل: الأقارب.. بل قال: الأهل.. أقرب الناس إلى الإنسان زوجته وولده.
في رحاب الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) :
أنا خاتم الأوصياء وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي.
هـل تـريـد ثـوابـا فـي هـذا الـيـوم ؟
قال الصادق (ع): (ولربما ترك في افتتاح أمرٍ بعض شيعتنا {بسم الله الرحمن الرحيم}، فيمتحنه الله بمكروه، وينبّهه على شكر الله تعالى والثناء عليه، ويمحو عنه وصمة تقصيره عند تركه قول {بسم الله}.
لقد دخل عبد الله بن يحيى على أمير المؤمنين (ع) وبين يديه كرسي، فأمره بالجلوس عليه فجلس عليه، فمال به حتى سقط على رأسه، فأوضح عن عظم رأسه وسال الدم.. فأمر أمير المؤمنين (ع) بماء فغسل عنه ذلك الدم، ثم قال: ادن مني!.. فوضع يده على موضحته -وقد كان يجد في ألمها ما لا صبر له معه- ومسح يده عليها وتفل فيها، فما هو أن فعل ذلك حتى اندمل فصار كأنه لم يصبه شيء قط، ثم قال أمير المؤمنين (ع): يا عبد الله!.. الحمد لله الذي جعل تمحيص ذنوب شيعتنا في الدنيا بمحنهم، لتسلم لهم طاعاتهم، ويستحقوا عليها ثوابها.... فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين!.. قد أفدتني وعلّمتني، فإن أردت أن تعرّفني ذنبي الذي امتحنت به في هذا المجلس حتى لا أعود إلى مثله.. قال: تركُك حين جلست أن تقول: {بسم الله الرحمن الرحيم}، فجعل الله ذلك لسهوك عما نُدبت إليه تمحيصا بما أصابك.. أما علمت أنّ رسول الله (ص) حدثني عن الله -جل وعزّ- أنه قال: كل أمرٍ ذي بال لم يُذكر فيه بسم الله فهو أبتر، فقلت: بلى بأبي أنت وأمي، لا أتركها بعدها، قال: إذن تحظى بذلك وتسعد).
بستان العقائد :
(اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ).. هذه الفقرة من كلام الإمام علي -عليه السلام- فقرة مخيفة، لأن الإنسان قد يكون في موضع الإجابة: عند قبة الإمام الحسين، وعند الميزاب، أو في جوف الليل وهو باكيا داعيا، ولكن لا يعلم أن هذا الدعاء له مانع وهنا المصيبة!.. مثلا: أنت تأتي بغصن رطب وتجعل هذا الغصن في النار، فلا يحترق الغصن.. النار محرقة، ولكن الرطوبة في هذا الغصن الطري تمنعه من الاحتراق؛ لذا فهي أولا تجفف الغصن وتزيل الرطوبة، ثم يحترق الغصن.. فإذن، مع وجود المانع، أنت مهما كثرت المقتضي، فالذي له مانع لا يؤثر أثره.. مثلا: إنسان يجلس في سيارة، قدمه على البنزين من ناحية، وقدمه الأخرى على الفرامل.. فهذه السيارة لن تمشي، إذ لابد من رفع المانع حتى يؤثر المقتضي أثره.. والدعاء الذي فيه مانع من موانع الاستجابة، هذا الدعاء لا يرتفع.
كنز الفتاوي :
شخص صام صوماً مستحبّاً، قدّم إليه شخص آخر طعاماً، فماذا يفعل؟
هو مخيّر بين أن يعتذر منه للصوم، أو يتقبّل منه ويفطر من دون إعلامه بصومه، ففي الأخير له ثواب مضاعف: ثواب إجابة دعوة المؤمن وثواب الصيام المستحبّ مضاعفاً.
ولائيات
من المواقف التي توجب نزول الرحمة على المؤمن، ما كان يعمله إمامنا زين العابدين -صلوات الله عليه- في شهر رمضان.. قال الصادق (ع): (كان علي بن الحسين (ع) إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا ًله ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، أذنبتْ فلانة يوم كذا وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الأدب، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان، دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب.. ثم قال: يا فلان!.. فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك، أتذكر ذلك؟.. فيقول: بلى يا بن رسول الله!.. حتى يأتي على آخرهم، ويقرّرهم جميعا، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم.... وقولوا: اللهم!.. اعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا، فاعتقه من النار كما أعتق رقابنا من الرق، فيقولون ذلك، فيقول: اللهّم!.. آمين رب العالمين.. اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاءً للعفو عني، وعتق رقبتي فيعتقهم....) الخبر.. فبعض المؤمنين في محطات في السنة يقول: اللهم!.. إني أبرأت ذمة كل من ارتابني، على أمل أن تعفو عني أنت أيضا، وهذه نفسية كريمة.. وفي دعاء الأيام الإنسان يبرئ ذمم جميع المؤمنين، حتى يبرئ رب العالمين ذمته أيضا.
فوائد ومجربات
ما هو الذنب الذي يحبس الدعاء؟..
إن أمير المؤمنين -عليه السلام- تعمد الإبهام، ولم يذكر التفاصيل؛ حتى يعيش الإنسان حالة الخوف والهلع.. -مثلا- لعل هذا الذنب من الذنوب التي تحبس الدعاء: هناك من ظلم إنسانا في مسألة مالية: إنسان اقترض منه مالا، وامتنع عن السداد؛ هذا إنسان سيء.. وهنالك إنسان يظلمك في نفسيتك، يقوم بعمل يجعلك لا تنام الليل، كتهمة أنت منها بريء.. أي أن هناك ظالما يستحق الدعاء عليه، وأنت دعوت على هذا الظالم.. ولكن رب العالمين له ملفات، وله ملفاتك السابقة أنت أيضا، وهكذا نحتمل يأس الجواب: أننا لو أردنا أن يستجاب لدعوة المظلومين، فأنت أول الضحايا؛ لأن هنالك من ظلمته أنت أيضا.
--
اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد
اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان
تحياااااتي
نرجس
التعديل الأخير تم بواسطة نرجس* ; 03-07-2010 الساعة 10:01 PM.
سبب آخر: تعديل التاريخ