بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيم
قال تعالى:
"وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُون * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِين"(1).
- روى ابن بردزبة البخاري في صحيحه بسنده عن عكرمة:
قال لي ابن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي (ص) فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار.
قال يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن(2).
والصحابي الجليل عمّار بن ياسر (رضوان الله تعالى عليه) هو أحد حواريي أمير المؤمنين عليه السلام واستشهد وهو يقاتل إمام الداعية إلى النار معاوية بن أبي سفيان وأزلامه (لعنهم الله تعالى) المتبوعين في هذه الدنيا بلعنة من الله تعالى في معركة صفيّن، وقاتله هو: الصحابي (؟!!) الملعون أبو الغادية الجهني.
- قال ابن عبد البر (463هـ) في ترجمته:
أبو الغادية الجهني وجهينة في قضاعة اختلف في اسمه فقيل يسار ابن سبع وقيل يسار بن أزهر وقيل اسمه مسلم سكن الشام ونزل في واسط يعد في الشاميين أدرك النبي (ص) وهو غلام روى عنه أنه قال أدركت النبي (ص) وأنا أيفع أرد على أهلي الغنم وله سماع من النبي (ص) قوله (ص) لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وكان محبا في عثمان وهو قاتل عمار بن ياسر وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول قاتل عمار بالباب وكان يصف قتله إذا سئل عنه لا يباليه وفي قصته عجب عند أهل العلم روى عن النبي (ص) ما ذكرنا أنه سمعه منه ثم قتل عمارا(3).
- قال الذهبي (748هـ) في تاريخه:
أبو الغادية الجهني، وجهينة قبيلة من قضاعة، اسمه يسار بن أزهر وقيل ابن سبع المزني، وقيل اسمه مسلم.
وفد على رسول الله (ص) وبايعه. وروى عنه: ابنه سعد، وكلثوم بن جبر، وخالد بن معدان، والقاسم أبو عبد الرحمن، وغيرهم.
وقال ابن عبد البر: أدرك النبي (ص) وهو غلام. وقال الدارقطني وغيره: هو قاتل عمار بن ياسر يوم صفين.
وقال حماد بن سلمة: ثنا كلثوم بن جبر، عن أبي الغادية قال: سمعت عمار بن ياسر يشتم عثمان، فتوعدته بالقتل، فلما كان يوم صفين طعنته، فوقع، فقتلته(4).
وقاتل عمّار بن ياسر أبو الغادية الجهني (لعنه الله تعالى) ممّن يأخذ أهل السنة والجماعة (؟!!) منه دينهم (؟؟)
- قال ابن حزم الأندلسي (456هـ) في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصرالصحابة:
حذيفة بن اليمان، ثمامة بن أثال، عمار بن ياسر، عمرو ابن العاص، أبو الغادية الجهني السلمي (5).
فإذاً:
- معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله تعالى إمام داعي إلى النار.
- الصحابي أبو الغادية الجهني لعنه الله تعالى قاتل الصحابي الجليل عمّار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه.
- انتفت نظرية عدالة (جميع الصحابة) وضربت بعرض الجدار ووضعت تحت الأقدام؛ فالصحابة منهم المنافقون الملعونين ومنهم المؤمنون المتّقين؛ فالصحابي الملعون وإمامه معاوية بن أبي سفيان أبو الغادية في نار جهنم والصحابي الجليل عمّار بن ياسر في جنّة عدن ودار رضوان لأنّ إمامه أمير المؤمنين عليه السلام، بل أنّ عمّار كان ممّن يشتم عثمان بن عفّان كما صرّح حمّاد بن سلمة؛ فأين عدالة (جميع) الصحابة المزعومة.
- أهل السنّة والجماعة (!!) يأخذون دينهم من قتلة الصحابة ويتّخذون معاوية لعنه الله تعالى إماماً لهم، والله تعالى يقول: "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُون * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِين".
قال مولانا وشفيعنا الإمام الصادق عليه السلام:
إنّ الأئمّة في كتاب الله عزّ وجل إمامان، قال الله تبارك وتعالى: "وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا" لا بأمر الناس يقدّمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال: "وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ" يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزّ وجل. [الكافي الشريف].
والحمد لله ربّ العالمين ،،،
اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن أعداءهم ،،،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة القصص، 28/ 41-42.
(2) البخاري (محمّد بن إسماعيل)، الجامع الصحيح المختصر، تحقيق مصطفى ديب البغا، (ط3، بيروت، دار ابن كثير، 1407/ 1987)، ج1، ص172، حديث (436).
(3) ابن عبد البر الأندلسي (يوسف بن عبد الله)، الإستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق علي محمد البجاوي، (ط1، بيروت، دار الجيل، 1412هـ)، ج4، ص1725، ترجمة رقم (3113).
(4) الذهبي (محمّد بن أحمد بن عثمان)، تاريخ الإسلام، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، (ط1، بيروت، دار الكتاب العربي، 1407/ 1987)، ج4، ص135.
(5) ابن حزم (أبو محمّد علي الأندلسي)، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق أحمد شاكر، (القاهرة، مطبعة العاصمة، لا.ت)، ج5، ص667.