بالعودة الى كتب اللغة والبلاغة نجد ان كلمة (أهل) تعني فيما لو أضيفت الى الرجل : اشياعه واتباعه وأهل ملته ، وأهل كل نبي : أمنه .. وأن كلمة آل ـ والتي أصلها أهل قلبت الهاء همزة بدليل أهيل فإن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها ـ ، فيما لو اضيفت الى شخص فيقال آل فلان : هم الناس الذين ينتسبون أو يرجع نسبهم الى فلان ، ومنه الأول : أي الرجوع ، فنقول آل ابراهيم مثلا هم اسماعيل واسحق وأولادهما ، وآل عمران ، موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر ... وهكذا . وقد كثر استعمال (الأهل) و(الآل) حتى سمي بهما أهل بيت الرجل لأنهم اكثر من يتبعه .
كما إننا نجد أن (آل) لا يستعمل إلا لذوي المكانة والخطر كما في الحديث (لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)) ، أو ما جاء في القرآن الكريم: ((إدخلوا آل فرعون أشد العذاب)) ، ولا تستعمل فيمن ينسب ، لما هو قليل الشأن في المجتمع ، فلا يقال آل الزبال مثلا .(انظر مجمع البحرين 5/313 ، ومقدمة شرح المختصر في البلاغة).
وقد ورد ذكر كلمة (أهل البيت) في القرآن والسنة ، وكذلك ذكر كلمة (أهل بيت النبي) أو (أهل بيتي) في السنة في روايات صحيحة جاء ذكرها عند كتب الفريقين الحديثية ، وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال بعد أن غطى عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) والكساء: (اللهم هؤلاء أهل بيتي) (صحيح مسلم 7/119 باب مناقب علي (ع)) .
وقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن (الآل) فقال: (ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل له: من الأهل ؟ فقال: (الائمة عليهم السلام)، فقيل له قوله تعالى : ((ادخلوا آل فرعون أشد العذاب)) قال: (والله ما عني إلا ذريته) (مجمع البحرين 5/313 ).
وجاء في (معاني الأخبار ص93) للصدوق بسنده عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله صلوات الله عليه : من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ قال : (ذريته)، فقلت : أهل بيته ؟ قال: (الأئمة الأوصياء)، فقلت : عترته ؟ قال: (أصحاب العباء)، فقلت : امته؟ قال: (المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عزوجل المتمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب الله عزوجل ، وعترته من اهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وهما الخليفتان على الأمة من بعده).
وفي المصدر نفسه بسنده عن عبد الله بن ميسرة قال : قلت لأبي عبد الله صلوات الله عليه ، إنا نقول : اللهم صل على محمد وآل محمد، فيقول قوم: نحن آل محمد؟ فقال (عليه السلام): (إنما آل محمد من حرم الله عزوجل على محمد نكاحه ...). ومن يحرم نكاحه عموم الذرية العلوية الى يوم القيامة كما لا يخفى!
وللمتابع لأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا المورد يجد ان هذه الاطلاقات : أهل البيت ، وعترة النبي، قد ترد على خصوص الخمسة الطاهرة صلوات الله عليهم ، فهو من باب اطلاق اللفظ الشايع عليهم حال نزول الآية (آية التطهير) دون ارادتهم الخاصة ، فقد دلت الادلة الكثيرة المتظافرة على شمول اطلاق آل البيت وأهل البيت للأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام) وان الاطلاق يكون اطلاقا حقيقيا وارادة الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام) انما هو بمناسبة النزول لا غير ، وقد اثبت العلماء قاعدة مفادها ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وقد نقل الطريحي في (مجمع البحرين ج5 ص 33) عن بعض أهل الكمال قوله في تحقيق معرفة الآل يقول: ان آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل من يؤل اليه وهم قسمان: الأول من يؤول اليه مآلا صورياً جسمانياً كاولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة في الشريعة المحمدية .. والثاني: من يؤول اليه مآلا معنويا روحانياً وهم أولاده الروحانيون من العلماء الراسخين والأولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة أنواره ـ إلى أن قال ـ : ولا شك أن النسبة الثانية آكد من الأولى .
وإذا اجتمعت النسبتان كان نورا على نور كما في الأئمة المشهورين من العترة الطاهرة . وهؤلاء هم أصدق المصاديق لآل محمد وأهل بيته الذين عناهم الشرع بالصلاة عليهم عندما نقول: اللهم صل على محمد وآل محمد