قال : ولما نزل على عليه السلام ذا قار ، كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر ، أما بعد فانى أخبرك أن عليا قد نزل ذا قار ، وأقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا وجماعتنا ، فهو بمنزلة الاشقر ، إن تقدم عقر ، وإن تأخر نحر ، فدعت حفصة جواري لها يتغنين ويضربن بالدفوف ، فأمرتهن أن يقلن في غنائهن ما الخبر ما الخبر ، على في السفر ، كالفرس الاشقر ، إن تقدم عقر ، وإن تأخر نحر .
وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ، ويجتمعن لسماع ذلك الغناء .
فبلغ أم كلثوم بنت على عليه السلام ، فلبست جلابيبها ، ودخلت عليهن في نسوة متنكرات ، ثم أسفرت عن وجهها ، فلما عرفتها حفصة خجلت ، واسترجعت ، فقالت أم كلثوم لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم ، لقد تظاهرتما على أخيه من قبل ، فأنزل الله فيكما ما أنزل فقالت حفصة كفى رحمك الله وأمرت بالكتاب فمزق ، واستغفرت الله .
قال : أبو مخنف روى هذا جرير بن يزيد ، عن الحكم ، ورواه الحسن بن دينار ، عن الحسن البصري .
وذكر الواقدي مثل ذلك ، وذكر المدائني أيضا مثله ، قال : فقال : سهل بن حنيف في ذلك هذه الاشعار :
عذرنا الرجال بحرب الرجال فما للنساء وما للسباب
أما حسبنا ما أتينا به لك الخير من هتك ذاك الحجاب
ومخرجها اليوم من بيتها يعرفها الذنب نبح الكلاب
إلى أن اتانا كتاب لها مشوم فيا قبح ذاك الكتاب .