وقوله: { فَلَمْ يُغْنيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً } يقول: فلم يغن نوح ولوط عن امرأتيهما من الله لما عاقبهما على خيانتهما أزواجهما شيئاً، ولم ينفعهما أن كانت أزواجهما أنبياء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرأةَ نُوحٍ وامْرأةَ لُوط }... الآية، هاتان زوجتا نَبِيِّي الله لما عصتا ربهما، لم يغن أزواجهما عنهما من الله شيئاً.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرأةَ نُوحٍ وامْرأةَ لُوطٍ }... الآية، قال: يقول الله: لم يغن صلاح هذين عن هاتين شيئاً، وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون.
وقوله: { وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } قال الله لهما يوم القيامة: ادخلا أيتها المرأتان نار جهنم مع الداخلين فيها.
* تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
وليس المراد بقوله: { فَخَانَتَاهُمَا } في فاحشة بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء كما قدمنا في سورة النور.
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق
{ فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } أي لم يدفع نوح ولوط مع كرامتهما على الله تعالى عن زوجتيهما ـ لمّا عَصتَا ـ شيئاً من عذاب الله؛
* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق
{ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَـٰلِحَيْنِ } وهما نوح ولوط، أي: كانتا في عصمة نكاحهما
{ فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } أي: فلم ينفعهما نوح ولوط بسبب كونهما زوجتين لهما شيئًا من النفع، ولا دفعا عنهما من عذاب الله مع كرامتهما على الله شيئًا من الدفع { وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدخِلِينَ } أي: وقيل لهما في الآخرة، أو عند موتهما: ادخلا النار مع الداخلين لها من أهل الكفر والمعاصي. وقال يحيى بن سلام: ضرب الله مثلاً للذين كفروا يحذر به عائشة وحفصة من المخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين تظاهرتا عليه. وما أحسن من قال: فإن ذكر امرأتي النبيين بعد ذكر قصتهما ومظاهرتهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرشد أتمّ إرشاد، ويلوّح أبلغ تلويح إلى أن المراد تخويفهما مع سائر أمهات المؤمنين، وبيان أنهما وإن كانتا تحت عصمة خير خلق الله وخاتم رسله، فإن ذلك لا يغني عنهما من الله شيئًا،