اللهمَّ بحقِّها عندك ومنزلتِها لَدَيك، اغفِرْ لي ولوالديَّ ولجميع المؤمنينَ والمؤمنات، وآتِنا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا برحمتِكَ عذابَ النار.
الرجاء قراءة سورة {الحشر} وإهداء ثوابها للسيدة الجليلة فاطمة بنت أسد (أم أمير المؤمنين) والسيدة أم البنين (ع) مع ذكرالصلوات 100 مرة.
مأجورين - نسألكم الدعاء
لَملَمتْ فاطمة بنت أسد ذات يوم ذكرياتها وخواطرها خلال مسيرة حياتها المفعمة بالفداء والتضحية والثبات على المبدأ، وهُرعت صوبَ خالقها الودود الذي أكرمها في حياتها كما لم يُكرم امرأة قطّ، يحدو بها شوقٌ لا حدّ له لِلقاء ربِّها الكريم، والوفود على بَعلِها العظيم. وقد نقل المؤرّخون أن وفاتها كانت في السنة الثالثة ـ أو الرابعة ـ من الهجرة النبويّة، ودُفنت في المدينة المنوّرة، وكان لها عند وفاتها 65 عاماً تقريباً.
وروي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشّره بمولد النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال أبو طالب: اصبِري سَبْتاً أُبشرّكِ بمثله إلاّ النبوّة. وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام ثلاثون سنة.
وروي عن الإمام الصادق عليه السّلام ( ضمن حديث ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان جالساً ذات يوم، إذ أتاه أمير المؤمنين عليه السّلام وهو يبكي، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما يُبكيك ؟ فقال: ماتت أُمّي فاطمة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: وأمّي والله. وقام مُسرعاً حتّى دخل ونظر إليها وبكى، ثمّ أمر النساء أن يُغسّلنها، وقال صلّى الله عليه وآله: إذا فَرَغتُنّ فلا تُحدِثْنَ شيئاً حتّى تُعْلِمْنَني. فلمّا فَرَغْنَ أعْلَمْنَه بذلك، فأعطاهنّ أحدَ قميصَيه الذي يلي جَسَدَه، وأمرهنّ أن يُكَفِّنَّها فيه، وقال للمسلمين: إذا رأيتُموني قد فعلتُ شيئاً لم أفعله قبلَ ذلك فسَلوني لِمَ فَعَلتُه. فلمّا فَرَغْنَ من غسلها وكفنها دخل صلّى الله عليه وآله فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يَزَل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها، ثمّ وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثمّ قام فأخذها على يَدَيه حتّى وَضَعَها في القبر، ثمّ انكبّ عليها طويلاً يُناجيها ويقول لها: ابنكِ ابنكِ. ثمّ خرج وسوّى عليها [ التراب ]، ثمّ انكبّ على قبرها، فسمعوه يقول: لا إله إلاّ الله، اللهمّ إنّي أستَودِعُها إيّاك. ثمّ انصرف، فقال له المسلمون: إنّا رأيناك فعلتَ أشياء لم تفعلها قبلَ اليوم، فقال: اليوم فَقَدت بِرّ أبي طالب، إنْ كانت لَيَكون عندها الشيءُ فتُؤثِرني به على نفسها ووُلدها، وإنّي ذكرتُ القيامة وأنّ الناس يُحشَرون عُراةً، فقالتْ: واسَوْأتاه! فضمنتُ لها أن يبعثها اللهُ كاسيةً، وذكرتُ ضغطةَ القبر، فقالت: واضَعفاه! فضمنتُ لها أن يكفيَها اللهُ ذلك، فكفّنتُها بقميصي واضطجعتُ في قبرها لذلك، وانكببتُ عليها فلقَّنْتُها ما تُسأل عنه، فإنّها سُئلتْ عن ربِّها فقالت، وسئلتْ عن رسولها فأجابت، وسئلتْ عن وليِّها وإمامِها فأُرتِج عليها، فقلتُ: ابنكِ، ابنكِ.
هكذا غَرَبتْ أمُّ الأئمّة وكفيلة النبيّ صلّى الله عليه وآله؛ وذُكر في كتاب (علل الشرائع) أنّها دُفنت في « الرَّوحاء » مقابل حمّام أبي قطيفة، وقد اندثرت هذه الآثار فلم يبقَ من معالمها إلاّ أحجار يسيرة تشير إلى موضع قبرها وقبور الأئمّة الأطهار من بَنيها: الحسن المجتبى، وعليّ بن الحسين زَين العابدين، ومحمّد بن عليّ الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق صلوات الله عليهم أجمعين.
ورَحَلتْ فاطمة بنت أسد بعد عمر أنفقته في امتثال أمر خالقها وطاعة سيّدها ونبيّها المصطفى صلّى الله عليه وآله، فلم يكن عجباً أن يحزن نبيّ الرحمة صلّى الله عليه وآله لأجلها، ويدعو في حقّها بما دعا، ويلقّنها الولاية لإكمال إيمانها كما فَعَل. ويتصوّر البعض ـ خطأً ـ أن القبر الفعليّ لفاطمة بنت أسد هو القبر الطاهر لفاطمة الزهراء عليها السّلام، مع أنّ الأخبار الصحيحة وردت أنّ أئمّة البقيع الأربعة مدفونون إلى جانب جدّتهم فاطمة بنت أسد.
زيارتها
قِف عند قبرها وقُل:
السّلام على نبيّ الله، السّلامُ على رسولِ الله، السّلام على محمّدٍ سيّدِ المرسَلين، السلامُ على محمّدٍ سيّدِ الأوّلين، السّلامُ على محمّدٍ سيّدِ الآخِرين، السّلام على مَن بَعَثهُ اللهُ رحمةً للعالَمين، السّلامُ عليكَ أيّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاته. السّلامُ على فاطمةَ بنتِ أسدٍ الهاشميّة، السّلامُ عليكِ أيّتها الصدّيقةُ المرَضيّة، السّلامُ عليكِ أيتّها التقيّة النقيّة، السّلامُ عليكِ أيتّها الكريمةُ الرضيّة، السّلام عليكِ يا كافلةَ محمّدٍ خاتَمِ النبيّين، السّلامُ عليكِ يا والدةَ سيّدِ الوصيّين، السّلامُ عليكِ يا مَن ظَهَرتْ شَفَقتُها على رسول اللهِ خاتمِ النبيّين، السّلامُ عليكِ يا مَن تَرْبِيَتُها لِوليّ اللهِ الأمين، السلامُ عليكِ وعلى روحِك وبدنِك الطاهر، السلام عليكِ وعلى وَلَدِكِ ورحمةُ اللهِ وبركاته.
أشهد أنّكِ أحسَنتِ الكفالةَ، وأدّيْتِ الأمانة، واجتَهدتِ في مرضاةِ الله، وبالَغْتِ في حِفْظِ رسولِ الله، عارفةً بحقِّه، مؤمنةً بصِدقِه، مُعترفةً بنُبوّتهِ، مُستبصرةً بنِعمتِه، كافلةً بتربيتِه، مُشفِقةً على نَفْسِه، واقفةً على خِدمتِه، مختارةً رِضاه. وأشهدُ أنّكِ مَضَيتِ على الإيمانِ، والتمسّكِ بأشرفِ الإديان، راضيةً مرضيّةً، طاهرةً زكيّة، تقيّةً نقيّة، فرضِيَ اللهُ عنكِ وأرضاكِ، وجَعَلَ الجنّةَ منزلَكِ ومأواكِ.
اللهُمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمد وانفَعْني بزيارتِها، وثبِّتني على محبّتِها، ولا تَحرِمْني شفاعتَها وشفاعةَ الأئمّةِ مِن ذُرّيتها، وارزُقْني مُرافَقتَها، واحشُرْني معها ومع أولادِها الطاهرين.
اللهُمَّ لا تَجعَلْه آخِرَ العهدِ مِن زيارتي إيّاها، وارزُقني العَوّدَ إليها أبداً ما أبقَيْتَني، وإذا توفَّيتَني فاحشُرني في زُمرتِها، وأدخِلني في شفاعتِها، برحمتك يا أرحمَ الراحمين ..