نيويورك تايمز : المالكي يحكم قبضته على ديمقراطية ناشئة....
بتاريخ : 06-03-2011 الساعة : 02:20 PM
نيويورك تايمز : المالكي يحكم قبضته على ديمقراطية ناشئة....
مع تنامي الاحتجاجات في العالم العربي ضد الزعماء المستبدين فان المسؤولين العراقيين والخبراء بشؤون المنطقة يلحظون اشارات متزايدة تدل على ان رئيس الحكومة نوري المالكي يقوم بتوسيع سلطاته وتقويض الديمقراطية الهشة التي تناضل من اجل ان تترسخ في العراق. لكن حلفاءه يدافعون عن ذلك ويقولون انه بهدف تصحيح الاداء التنفيذي.
وقد منح القرار الصادر من المحكمة الاتحادية العليا مؤخرا، المالكي سيطرة على الهيئات التي كانت مستقلة ومسؤولة عن ادارة البنك المركزي واجراء الانتخابات والتحري عن الفساد، وهذا القرار جاء بناء على طلب من المالكي نفسه.
وبعد شهر من ذلك القرار قالت منظمتان بارزتان في مجال حقوق الانسان ان القوات الامنية كانت تدير سجونا سرية يتم تعذيب المحتجزين فيها.
وفي تموز (يوليو) قضت المحكمة الاتحادية العليا العراقية بان اعضاء البرلمان لن يكون لهم بعد الان حق اقتراح التشريعات. وبدلا من ذلك فان القوانين الجديدة يجب ان تقترحها وزارة المالكي أو الرئيس وبعدها تمرر الى البرلمان لغرض التصويت عليها.
ويقول الخبراء السياسيون انهم لم يسمعوا بديمقراطية برلمانية اخرى مقيدة بمثل هذه التحديدات.
وبتضاؤل تأثير الولايات المتحدة مع استعداد جيشها للانسحاب، فان منتقدي المالكي يقولون ان واحدا من الارث الذي خلفه الاحتلال الاميركي الذي دام ثماني سنوات كان وجود زعيم تم انتخابه بصورة ديمقراطية لكنه يتمتع بسلطات اكبر من التي يمنحها دستور البلاد له. ويقول منتقدو المالكي ان قرار المحكمة الصادر في كانون الثاني (يناير) شكل ضربة الحقت الاذى بآلية الانتخابات والاقتصاد الضعيف.
ويرى شون كين المسؤول عن العراق في المعهد الاميركي للسلام، وهو مؤسسة يمولها الكونغرس الاميركي، ان القرار يبدو مناقضا للدستور العراقي الذي يقرر ان اللجان تختلف في مستوى مسؤوليتها امام البرلمان.
وتقول عالية نصيف النائبة عن العراقية في اشارة لقرار المحكمة الاخير «لعدم وجود قانون فانك ستراه وقد (أغرق) مؤسسات اخرى. وهذه هي بداية الدكتاتورية اننا نرجع الى الوراء قرونا».
وحاول المالكي الرد على الاستياء الشعبي عبر امهال وزاراته مئة يوم لبلورة طرق لتحسين الخدمات ووعد بتخفيض مرتبه ووعد بعدم الترشح لفترة ثالثة في عام 2014.
ويقول المسؤولون في سفارة الولايات المتحدة ان السيد المالكي ومستشاريه يحاولون الاشارة الى انهم يتفهمون غضب العراقيين من الفساد والفقر.
لكن وعلى اية حال فان تلك التنازلات لم تقدم الا القليل لتهدئة العراقيين وقد خرج الاف منهم الى الشوارع بعنف احيانا للاحتجاج على اخفاق الحكومة بتوفير الكهرباء وفرص العمل.
والمالكي شخصية تفتقر الى الكارزما (غير مؤثرة) لكنه سياسي بارع وقد انتخِبَ عام 2006 وعمل على تقليل العنف الذي كاد ان يمزق العراق.
لكن منتقديه يقولون ان هذه الانتصارات كان لها ثمنها. ويتهمون المالكي بانه كانت له اليد الطولى بالتصرف بقوات الشرطة والجيش تاركا منفذا صغيرا غير محددا لوزيري الدفاع والداخلية مما سمح له ان يكون الرئيس الفعلي للوزارتين.
ويقول جيسن غلوك المستشار في حكم القانون في المعهد الاميركي للسلام، والمستشار السابق في البرلمان العراقي في عام 2007 «ان التطورات التي جرت في الاشهر الاخيرة اثارت مخاوف حقيقية في الوسط السياسي العراقي بكامله والمسؤولية ملقاة الان على البرلمان بشكل كبير لتدقيق في سلطات رئيس الوزراء. وسيكون قيام الاحزاب السياسية العراقية المتنوعة فعليا بذلك (بالتدقيق في صلاحيات المالكي) بمثابة اختبار حاسم لديمقراطية العراق التي بدأت بالتبرعم». وقال علي الموسوي احد كبار مستشاري المالكي ان الهيئات واللجان المستقلة كانت فيها «مشاكل ومخالفات» في الماضي «بسبب قلة الاشراف».
واضاف ان الاشراف الحكومي الجديد سيركز على الجوانب الادارية ولن يتم التدخل في مهامها العامة.
ويرى الموسوي «ان الجلبة المثارة ضد قرار المحكمة الادارية كانت لاسباب سياسية، وان من يقوم بها لا يقوم بذلك لمصلحة هذه الكيانات بل للحصول على مكاسب سياسية».
وخسر المالكي الانتخابات البرلمانية الاخيرة بفارق بسيط وبدا ضعيفا للغاية لكنه تمكن من شق طريقة لولاية ثانية بعد قرارات كانت تحابيه من المحكمة العليا مما سمح له بتجميع حكومة ائتلافية واسعة النطاق في كانون الاول ( ديسمبر).
ويقول جوست هلترمان الخبير بالشأن العراقي في مجموعة الازمات الدولية «ان المالكي استفاد من حقيقة كون العراق كان يمثل اولوية عليا لادارة اوباما».
ويقول البعض من اعضاء البرلمان العراقي انهم سيتخذون الاجراءات للتحقق من صلاحيات سلطة المالكي، واقسموا على قطع التمويلات عن الاجهزة الامنية التي تخضع لسيطرة رئيس الوزراء واصدار التشريعات البرلمانية التي تحدده.
ولم تحصل اي من هذه المحاولات على جذب كبير ويعود السبب في معظمه الى انقسام المعارضة الواضح جدا. إن درجةَ استقلال المحكمةَ غير واضحة. والدستور العراقي مبهم حول تعيين اعضاء المحكمة واعفائهم وهو ما يضمن استقلالها.
اما المسؤولون في مفوضية الانتخابات فيقولون انهم مربكون بسبب قرار المحكمة الذي وضعهم تحت اشراف المالكي. وانهم قلقون من ان العراقيين سيفقدون الثقة بمصداقية الانتخابات اذا بدأ مكتب المالكي باختيار مراقبي الانتخابات او تغيير التعليمات والقوانين التي تحكم مكان التصويت او كيفية احتساب الاصوات او من يدير المركز الانتخابي.
ويقول فرج الحيدري رئيس مفوضية الانتخابات في العراق ان مسؤولي الامم المتحدة ابدوا قلقهم من قرار المحكمة المشار اليه. ويقول الحيدري انه وبعد فترة قصيرة من صدور القرار من المحكمة الاتحادية العليا وصلته رسالة من مكتب نوري المالكي تعلمه بايقاف تعيين 38 مسؤولا انتخابيا من مستويات ادنى لكن المفوضية رفضت الامتثال للرسالة.
ووصل القلق الى البنك المركزي حيث يقول مسؤولون فيه انهم خائفون من ان المالكي باتت لديه السلطة للطلب من هذه المؤسسة القيام بطبع اوراق نقدية لتغطية العجز المتزايد في الميزانية العراقية. ومثل هذا الاجراء سيضعف من قيمة العملة العراقية المصابة بفقر الدم ويؤدي لارتفاع سريع في معدلات التضخم.
ويقول كبير مستشاري المصرف المركزي مظهر محمد صالح «نخشى الان ان يعتبروا (الاموال العراقية) بمثابة اموالهم الخاصة».