تعيش منطقة الخليج العربي حالة من التوتر الشديد بسبب تفاقم الاوضاع السياسية في البحرين واستمرار حالة التحشيد الطائفي بعد قمع الاعتصامات الاحتجاجية بالقوة، ودخول قوات خليجية، معظمها سعودية الى المملكة وتمركزها في المناطق السنية.
وانعكس هذا التوتر بشكل جلي من خلال عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون اجتماعا طارئا في العاصمة السعودية الرياض اثر احتدام التوتر مع ايران، واعلان الكويت عن اكتشاف شبكة تجسس ايرانية.
دول الخليج العربي تتهم ايران بالتدخل في الشؤون الداخلية فيها، وتستند في اتهاماتها هذه الى مطالبة مجلس الشورى الايراني في بيان أصدره قبل يومين بانسحاب القوات السعودية من البحرين، واتهم السعودية باللعب بالنار في الخليج.
من الواضح ان هناك قلقاً خليجياً من التضامن الايراني مع المعارضة البحرينية التي تطالب باصلاحات سياسية، وتعديلات دستورية واسعة، وتتفق الدول الخليجية في ما بينها على عدم سقوط النظام في البحرين، أو هز استقراره، لأن هذا سينعكس عليها سلبا في المستقبل، وهذا ما يفسر مسارعتها الى ارسال قوات الى البحرين لاظهار كل انواع الدعم والمساندة.
اكتشاف شبكة تجسس ايرانية في الكويت، واصدار احكام بالاعدام على أعضائها يسلطان الضوء على حجم الاختراق الايراني لأمن دول الخليج لوجود اعداد كبيرة من الخليجيين من أصول ايرانية بين سكانها، يقدرها البعض بما يفوق المليون شخص.
ايران نفت اي علاقة لها بشبكة التجسس هذه، ولكن الحكومة الكويتية مصرة على اتهاماتها هذه، مما قد يؤدي الى تصعيد اعلامي، قد يتطور الى مواجهات واعمال عنف، خاصة داخل الكويت حيث تقول تقديرات غير رسمية ان نسبة المواطنين الشيعة فيها تزيد عن ثلث عدد السكان، واظهرت نسبة كبيرة من هؤلاء تعاطفهم مع اشقائهم في البحرين.
الولايات المتحدة الامريكية التي تتخذ من البحرين قاعدة بحرية لاسطولها الخامس تراقب الموقف عن كثب، ويبدو انها بدأت تميل الى دعم الموقف الخليجي في البحرين، فقد تراجعت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية عن انتقاداتها للتدخل العسكري السعودي في البحرين، والتي قالت فيها ان هذا التدخل خطأ، وبدأت تتبنى موقفا معاكسا يرى ان هذا التدخل مشروع ويأتي في اطار معاهدات دفاعية خليجية.
المظاهرات الاحتجاجية المطالبة بالاصلاح تراجعت حدتها بعد اخلاء قوات الامن البحرينية ميدان اللؤلؤة من المعتصمين بالقوة مستخدمة الدبابات والمدرعات والطائرات العمودية في هذا الخصوص، ولكن الحكومة البحرينية تراجعت في الوقت نفسه عن الحوار مع المحتجين لبحث مطالبهم وادخال الاصلاحات المطلوبة.
الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين الذي كان يقود الحوار اعترف بان هذه المطالب مشروعة ووعد بالاستجابة لها، ولكن يبدو ان كفة رئيس الوزراء الذي يوصف بالتشدد ورفض تقديم اي تنازلات للمحتجين هي التي رجحت، خاصة بعد التدخل العسكري للقوات السعودية والخليجية الاخرى.
غياب الحوار، وتصاعد الاستقطاب الطائفي داخل البحرين، ربما يفتحان الباب امام تدخلات خارجية وربما صراع اقليمي يزعزع استقرار المنطقة وامنها. هناك مظالم يعاني منها شعب البحرين، وعمليات تمييزية في الوظائف والمناصب العليا في الدولة لصالح ابناء الطائفة السنية في معظم الاحيان، وهذا خطأ اذا لم يعالج سيؤدي الى اضطرابات اوسع في المستقبل.
ملك البحرين يجب ان يكون ملكا لجميع ابناء البلاد بمختلف انتماءاتهم المذهبية، لا ان يكون ملكا لنصف او اقل من نصف ابناء شعبه، ولذلك فان الركون الى الحلول الامنية لترويض المحتجين، وفرض سياسة الامر الواقع عليهم ربما يدفعان البحرين لدفع ثمن باهظ من امنها واستقرارها ووحدتها الوطنية.