توقفت عند نقطة التفتيش بالقرب من السنابس وكان معي عدة سيارات متوقفة ايضاً لذات السبب وقد ترجل اصحابها بعد ان سألوهم عن مكان اقامتهم وكنت اراقب الوضع بقلق لما اراه من اهانات لفظية وتنكيل حتى جاء الدور علي فسألوني عن سكني فاخبرتهم بأني من سكان القرية فسحبوني من السيارة وامروني بوضع يدي فوق رأسي وكان معي تقريباً ثلاثة اشخاص في نفس الوضعية وبعدها جاء ضابط ووجه سؤاله لنا واحداً تلو الآخر هل ذهبتم الدوار فأجاب الشخصين قبلي بالنفي وكذلك انا من الخوف والضابط يتمتم منزعجاً " يه كل واحد يقول ماراح الدوار عيل وين الالوف اللي كانت تروح ... يمكن ينانوه "
وعندما سأل الشخص الأخير بجانبي اجاب بنعم فتعجب الضابط وحتى نحن وكانت نظرات هذا الشاب واثقة ولم تنكسر فسأله الضابط "يعني انت تروح كل يوم " فاجاب الشاب بلهجه اقرب للفصاحة " لا فأنا لا اغادر الدوار ...انا انام كل يوم هناك واصحى كل صباح لاستنشق هواء الحرية" .. وهو يكمل كلامه ارتسمت علامات التعجب في وجوهنا وحتى الضابط فاضاف الشاب " نعم فهذا وطني ومن ذهبوا الدوار شعبي فهم عائلتي ودمهم دمي "
والضابط مذهول مثلنا تقدم احد افراد المرتزقة لضربه فنهره الضابط وقال للشاب اين تعمل بنبرة عصبية فاجاب الشاب " لا اعمل فأنا مضرب ولن ادوس على جثث شهدائنا وسنرجع يوماً للدوار ولن نصفح على من رقص على جراحنا " فباغنه ذات المرتزق بضربة بالسلاح في يديه فدفعه الضابط وهو يصرخ " لا تطقه هالاشكال ما تنطق هالاشكال تنذبح واخرج سلاحه الشخصي ووجهه لرأس الشاب الذي لم تتغير ملامح الاصرار في وجهه الا برسم ابتسامه وكأنه يوجه رسالة للضابط انني اعشق الموت ... وانا مذهول وخائف وتوقعت ان ارى ذلك الشاب جثة هامدة فاغمضت عيني وسمعت صراخ الضابط يقول "اذلف عن ويهي ولا اشوفك مرة ثانية "
فذهب الشاب الى سيارته بخطوات واثقة وتوارى عن الانظار بعدها تمت اهانتنا بكلمات بذيئه وقال لنا " اذلفوا " .. ذهبت لمنزلي وانا في حالة ذهول ولا زالت نظرات ذلك الشاب وابتسامته في مخيلتي .. باختصار هذا الشاب هو من يمثل ارادة واصرار هذا الشعب هذا هو شعبنا الأبي.