قال الامام الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج12 / ص461-463):
شداد بن أوس ( ع ) ابن ثابت بن المنذر بن حرام . أبو يعلى ، وأبو عبد الرحمن ، الأنصاري ، النجاري ، الخزرجي . أحد بني مغالة ، وهم بنو عمرو بن مالك بن النجار . وشداد هو ابن أخي حسان بن ثابت ، شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم . من فضلاء الصحابة ، وعلمائهم . نزل بيت المقدس . حدث عنه ابنه يعلى ; وأبو إدريس الخولاني ، وأبو أسماء الرحبي ، وأبو الأشعث الصنعاني ، وعبد الرحمن بن غنم ، وجبير بن نفير ، وكثير بن مرة ، وبشير بن كعب ، وآخرون . قال عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر ، سمع عبد الرحمن بن غنم يقول : لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء ، لقينا عبادة بن الصامت ، فأخذ بشماله يميني ، وبيمينه شمال أبي الدرداء ، فقال : إن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما ، فيوشك أن تريا الرجل من ثبج المسلمين قد قرأ القرآن ، أعاده وأبداه ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه ، ونزل عند منازله ، أو قرأ به على لسان أحد لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت . فبينا نحن كذلك ، إذ طلع علينا شداد بن أوس ، وعوف بن مالك ، فجلسا إلينا ، فقال شداد : إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس ، لما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في الشهوة الخفية والشرك . فقال عبادة ، وأبو الدرداء : اللهم غفرا ، أولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب . فأما الشهوة الخفية ، فقد عرفناها ، فهي شهوات الدنيا ، من نسائها وشهواتها ، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد ؟ قال : أرأيتكم لو رأيتم أحدا يصلي لرجل ، أو يصوم له ، أو يتصدق له ، أترون أنه قد أشرك ؟ قالوا : نعم . قال : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من صلى يرائي فقد أشرك ، ومن صام يرائي فقد أشرك ، ومن تصدق يرائي فقد أشرك . فقال عوف : أولا يعمد الله إلى ما ابتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله ، فيقبل منه ما خلص له ، ويدع ما أشرك به فيه ؟ قال شداد : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عن الله ، قال : أنا خير قسيم ، فمن أشرك بي شيئا ، فإن جسده وعمله ، قليله وكثيره ، لشريكه الذي أشرك به . أنا عنه غني . شداد ، كناه مسلم ، وأحمد ، والنسائي : أبا يعلى . ابن جوصاء حدثني محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عمرو بن محمد بن شداد بن أوس الأنصاري : حدثنا أبي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنية شداد بن أوس : أبو يعلى وكان له خمسة أولاد ، منهم بنته خزرج ، تزوجت في الأزد . وكان أكبرهم يعلى ، ثم محمدا ، ثم عبد الوهاب ، والمنذر . فمات شداد ، وخلف عبد الوهاب ، والمنذر ، صغيرين ، وأعقبوا ، سوى يعلى . ونسأ لابنته نسل إلى سنة ثلاثين ومائة . وكانت الرجفة التي كانت بالشام في هذه السنة . وكان أشدها ببيت المقدس ، ففني كثير ممن كان فيها من الأنصار وغيرهم ، ووقع منزل شداد عليهم ، وسلم محمد ، وقد ذهبت رجله تحت الردم . وكانت النعل زوجا ، خلفها شداد عند ولده ، فصارت إلى محمد بن شداد ; فلما أن رأت أخته خزرج ما نزل به وبأهله ، جاءت ، فأخذت فرد النعلين وقالت : يا أخي ، ليس لك نسل ، وقد رزقت ولدا ، وهذه مكرمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب أن تشرك فيها ولدي ، فأخذتها منه . وكان ذلك في أول أوان الرجفة ، فمكثت النعل عندها حتى أدرك أولادها فلما جاء المهدي إلى بيت المقدس ، أتوه بها ، وعرفوه نسبها من شداد ، فعرف ذلك ، وقبله ، وأجاز كل واحد منهما بألف دينار ، وأمر لكل واحد منهما بضيعة ، وبعث إلى محمد بن شداد ، فأتي به يحمل لزمانته فسأله عن خبر النعل ، فصدق مقالة الرجلين ، فقال له المهدي : ائتني بالأخرى . فبكى ، وناشده الله ، فرق له ، وخلاها عنده .
وفي تاريخ دمشق (ج22 / ص409) : وتوفي شداد سنة أربع وستين ونشأ لابنته خزرج نسل إلى سنة ثلاثين ومائة وكانت الرجفة التي كانت بالشام سنة ثلاثين ومائة وكان فيها خروج أبي مسلم وزوال أمر بني أمية فرجفت الشام وكان أكثر ذلك ببيت المقدس ففني كثير ممن كان فيها من الأنصار وغيرهم ووقع المنزل الذي كان فيه محمد بن شداد على كل من كان فيه من أهله وولده ففنوا جميعا وسلم محمد قد ذهبت رجله تحت الردم فعمر بعد ذلك إلى قدوم المهدي وكانت النعل زوج خلفها شداد عند ولده فصارت إلى محمد بن شداد فلما أن رأت أخته خزرج ما نزل به وبأهله وأنه لم يبق منهم أحد جاءت فأخذت فرد النعلين وقالت يا أخي ليس للك نسل وقد رزقت ولدا وهذه مكرمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحب أن تشرك فيها ولدي فأخذتها منه وكان ذلك في أوان الرجفة فمكثت النعل عندها حتى أدرك أولادها فلما أن صار المهدي إلى بيت المقدس أتوه بها وعرفوه نسبها من شداد فعرف ذلك وقبل النعل..
وايضاً في تاريخ الإسلام (ج5 / ص39-40) وتهذيب ابن عساكر (ج6 / ص290- 291) وحلية الأولياء(ج1 / ص265)