الذكرى الثامنة لرحيل عميد المنبر الحسيني
العلامة الدكتور الشيخ احمد الوائلي رضوان الله عليه
المتوفي بتاريخ 14-5-1424 هـ
ولد أحمد ابن الشيخ حسّون بن سعيد الوائلي في النجف الأشرف سنة 1347هـ/ 1928م. وشاءت عناية الله أن يولد في السابع عشر من ربيع الأول، الذي يصادف ذكرى ولادة الرسول (ص) وحفيده الإمام الصادق (ع)، فسمّاه أبوه "أحمد" من دون تردّد ولا تأمل.
لم تكن عائلته المعروفة بأسرة "آل حرج" مشهورة مثل العائلات العلمية الكبرى في النجف: آل المظفر، آل بحر العلوم، آل كاشف الغطاء وغيرهم، ولكن العلاّمة الكبير هو الذي جعل اسم أسرته لامعاً بما اكتسبه من علم ومعرفة أهّلاه لينال شهرة واسعة.
كان والده "خطيباً غير مشهور، كما أنه كان قليل القراءة، لأنه دخل ميدان الخطابة وهو في منتصف عمره".
ولج الشيخ أحمد ميدان الخطابة في سن مبكرة جداً، كما يقول هو، وكان عمره نحو عشر سنوات أو أكثر بقليل، ولكن بعض الكتّاب يقول إنه خلافاً لسائر الخطباء، دخل عالم الخطابة كبيراً وليس صغيراً، ولمع فيه نظراً لما يتمتَّع به من ميزات وقدرات.
تابع دراسته الحوزوية وتوغَّل فيها، وقرأ مقدّمات العلوم على يد أساتذة الحوزة البارزين. ولم يكتفِ بذلك، بل تابع دراسته الأكاديمية العليا حتى حصل على الماجستير من جامعة بغداد بأطروحته: "أحكام السجون في الشريعة الإسلامية"، ثم أكمل الدكتوراه في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة، فنالها بأطروحته: "استغلال الأجير وموقف الإسلام منه".
عميد المنبر الحسيني
احتلَّ الدكتور الوائلي مركزاً مرموقاً منذ منتصف القرن العشرين، وتربَّع على مركز الصدارة في الخطابة الحسينية، حتى استحقَّ عن جدارة لقب "عميد المنبر الحسيني" من دون منازع. ولم يتمكن الخطباء الآخرون من مجاراته في قدراته الخطابية والفكرية والأدبية، فهو صاحب مدرسة مستقلّة خاصة لها أسلوبها الرائد ومنهجها الفريد، لذلك كانت نادرة في عطاءاتها وأبعادها، ما جعل الخطباء من بعده يسيرون على نهجه ويقتبسون من شعاع مدرسته، فأخذ الكثيرون يقلّدون حركاته ويجارون نبرة صوته، وما ذلك إلا دليل على عبقرية هذا الخطيب الفذّ.
إضافةً إلى "عمادة المنبر"، اشتهر الشيخ الوائلي بأنه شاعر مرهف وأديب مبدع وداعية كبير، حمل هموم أمّته ودعا إلى الذود عنها في وجه الاستكبار والاحتلال، وحرض المجاهدين بشعره وخطبه على المقاومة والتصدي لمشاريع الاستعمار وعدوانه.
ولقد تمكَّن الشيخ الوائلي من الوصول إلى هذه المكانة الرفيعة لأسباب أربعة:
1 ـ تتلمذه على ثلّة من العلماء الكبار أبرزهم الشيخ محمد رضا المظفّر، ومجموعة من خطباء المنبر البارزين.
2 ـ نشوؤه في بيئة النجف الأشرف المعروفة بتراثها العلمي والأدبي.
3 ـ تحصيله الأكاديمي العالي، الأمر الذي أغنى شخصيّته العلمية بالدراسة الحوزوية والدراسة الجامعية الحديثة.
4 ـ ملكاته الخاصة وذكاؤه الفطري وشخصيته المبدعة.