سماحة الشيخ جلال الدين الصغير : لا زلت أؤمن بأن الفدرالية حل جدي للمحافظات ولكن شريطة
بتاريخ : 01-07-2011 الساعة : 10:06 PM
سماحة الشيخ جلال الدين الصغيرفي خطبة الجمعة: لا زلت أؤمن بأن الفدرالية حل جدي للمحافظات ولكن شريطة ان لا تتلون هذه الفيدراليات بطريقة تؤدي الى التقسيم
قال سماحة الشيخ جلال الدين الصغير في خطبة الجمعة :
بحمد الله انتهت مراسم زيارة ابي الضيم سجين المطامير الأمام موسى بن جعفر (ع) بسلام وامان ومع هذه الزيارة توج أنصار الأمام أنفسهم
بتاج جديد ورصعوأ أجيادهم باوسمة جديدة . بيض الله وجوهكم على ما بيضتم به وجه علي بن أبي طالب (ع) يوم أن سرتم بهذه المسيرة التي لا تكل
ولا تتعب ولا تخاف وتخنع ولا تهاب ولا تركع . مسيرة لم تعرفوا بها إلا الضنك والتعب ولم تعبروا بها إلا عن عميق ولائكم وإلتزامكم . في كل سنة
كنا نتحدى الآخرين ونقول بان سنتنا القادمة ستكون أعظم من هذه السنة مع أننا في كل سنة نقول انه لم يحصل في هذه السنة ولا في كل سنة أن
وصل عدد الزوار وفعالياتهم وطبيعة ما قاموا به الى هذا المستوى الذي وصلنا اليه في هذه السنة . قبل أربع سنوات كان عدد الزوار مليونان وفي
العام الماضي كان عددهم خمسة ملايين وفي هذه السنة كان لدينا سبعة ملايين مع الحر الشديد والتهديدات الأمنية ومع فترة الإمتحانات ولكننا وجدنا
هذا الأقبال الشديد الذي رأيناه في زيارة الأمام موسى بن جعفر (ع) . هذه الزيارة مع أنها تظهر عظيم التزامكم وعظيم انسجامكم مع خط الأمامة هذا
الخط الذي لم يتعرض أي خط آخر الى كثير القمع والزجر والتعذيب والعنت والعنف كما تعرض له . ولكنه بفضل هذه الأقدام المباركة وبفضل هذه
الدموع الكريمة التي انسابت على وجناتكم يعمر هذا الخط ويعمر في نفوس الآخرين قوة هذا الخط لذلك يبدأون بالحساب بطريقة تختلف عن
مناظركم . أنتم تنظرون فلان وفلان ونعرفهم أنهم أناس عاديون ولكن الآخر ينظرهم مستبسلون وفدائيون ووالله إنهم كذلك . ولكن ألا تجدون أنها
مفارقة كبرى يا مجلس محافظة بغداد ويا محافظ بغداد أن مسيرة بهذا الحجم لا تعطل لها بغداد يوما واحدا مع أن الدولة مستنفرة والشوارع مغلقة من
أجل هؤلاء الزوار فأين أنتم من كل ذلك .
والمفارقة الثانية أينك يارشيد وأين موسى بن جعفر ومن يذكرك يارشيد ؟ ، وهذا الكلام كلام الى الحكام والسلاطين الى من نصبوا أنفسهم في مجالات
حكم الناس . انظروا من الذي بقى ومن الذي رحل وذهب ؟، من الذي يسلم عليه ومن الذي يلعن ويشتم ؟ . الرشيد كان حاكما متسلطا وهذا الكلام
اخاطب به أصحاب الأموال الذين لم يشبعوا من إمتصاص عرق هذا الشعب فكان يخاطب السحابة ويقول إمطري أينما شئتيي يأتيني خراجك .
فمالذي جرى للرشيد وأين ذكره ؟ ما بات إلا أخرقا إن ذكر يلعن وإن جيئ بمثال للفساد والطغيان جيئ بإسمه وبقي موسى بن جعفر (ع) هذا الذي
قيل أنهم ارادوا أن يذلوه وقالوا هذا امام الرافضة ومادروا اننا اذا تشرفنا بلقب إنما نتشرف بكوننا رافضة لكل انواع الظلم والطغيان والجبروت .
إمامنا موسى بن جعفر فمن الذي أذل ومن الذي أعز ؟ . سبق لأجدادهم ان قالوا ليخرجن الأعز منها الأذل ولكن مالذي حصل ومن الذي خرج ومن
الذي بقى ؟ . من الذي عز ومن الذي ذل ؟ . هذا منطق الله سبحانه وتعالى وهو ان الله يعز المؤمنين وينصر ويكرم اهل الأيمان ، أما اهل الطغيان فيوم
او يومان أو اربعة ولكن في النهاية لا يبقى له ذكر . والمفارقة الكبرى أن بغداد بأعظمها حزينة على قتيل الرشيد ولا زالت لحد الان تسمى بغداد
الرشيد ! . والعجيب ان رسائل تأتيني من محبين للأمام الكاظم (ع) ويقولون لماذا لا تقبل ان تسمى بغداد بإسم الرشيد ! . وسبحان الله فإن شوارعنا
ومناطقنا كلها سميت بأسماء قتلة الأئمة . فالمنصور قاتل الأمام الصادق عليه السلام ومجدوه بما مجدوه لأنه حاكم . والرشيد وما أدراك مالرشيد
ولكن لأنه قاتل الأمام موسى بن جعفر . والمأمون لأنه قاتل الأمام الرضا وهكذا البقية ساحات وشوارع وتماثيل تمجدهم بينما هم في نظر هؤلاء
الناس الذين لا يذكرهم أحد أنهم قتلة ومجرمون .
أنا في الوقت الذي أشكر فيه دور الأجهزة الأمنية وأمانة العاصمة والهلال الأحمر والكثير من الوزارات وهذا واجبهم ولكن من لم يشكر المخلوق لم
يشكر الخالق . ولكن اما آن الأوان لمجلس النواب ان يفكر بان هذه المناسبات لا نهاية لها وان لنا في كل سنة عدة مناسبات مليونية أن ينشئ
مؤسسة ترعى وتنظم وتهتم بأحوال هذه المناسبات . اعتبروها مثلها مثل بقية المؤسسات التي أنشات مع أن هذه فيها اعداد هائلة وتنتمي اليها كل
المحافظات .
وحول التصريحات الأخيرة عن تطبيق الفدرالية قال سماحته :
وهنا أشير الى جملة سريعة من الأمور وما أشير اليه في شأن الفدرالية وطبيعة ما طرح على لسان هذا او ذاك فنحن منذ البداية قلنا بأن حل مشكلة
العراق يكون بالفدرالية فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها بعد وهم يصيحون ان الفدرالية تقسيم الى ان تبينت لهم الأمور بطريقة مختلفة . لا أريد ان احكم
على نواياهم ولا اريد ان أتكلم بما يزيد الصخب السياسي صخبا جديدا ، فانا اتبنى الفدرالية ولا زلت أؤمن بأن الفدرالية حل جدي للمحافظات ولكن
شريطة ان لا تتلون هذه الفدراليات بطريقة تؤدي الى التقسيم فهذا شرط . الفدرالية عمل اداري ومنذ البداية انا قلت ان من الروع ان يرى الأنسان
محافظة تستلم في السنة ثلاثمائة وخمسمائة مليون دولار ومحافظات اخرى اذا استلمت فإنما تستلم اربعين أو خمسين مليون دولار في أفضل
الأحوال لذلك فها هي كردستان تعمر بينما محافظاتنا والمحافظات الغربية بقيت هي هي إن لم نقل انها اتجهت الى الأسوء في بنيتها الخدمات وطبيعة
احتياجاتها . ولكن في وسط التشنج اليوم ووسط الصخب السياسي والأتهام والاتهام المتبادل أنا اعتقد ان هناك خطان يجب النظر اليهما بعين
المسؤولية ممن يريد ان يصلح في هذا البلد . الخط الأول اتمنى في هذه الفترة على أقل التقادير ان لاتطرح هذه المواضيع لأن الوضع النفسي
والأجتماعي سوف يحولها الى شيء آخر ، وحالة التشنج بين الأطراف واضحة جدا والأطراف لا يهمها كثيرا ما يجري للناس بقدر ما يهمها ان تكسب
مصالح . لا أدعو الى رفض هذه القضايا وهذا مطلبنا ونبقى ننادي به ولكن في الأجواء الهادئة وبالطرق التي تعبر أو تعبر بهذه المحافظات الى
الأقليم بالطريقة الهادئة التي لا يفهم منها حالة التشنج وحالة المساس بوحدة العراق .
وأضاف سماحته :
سبق لي وأن نبهت قبل خمسة أسابيع انني لم أر عهدا أخطر على تقسيم العراق من هذه الأيام . ولكن الخط الثاني يجب ان ينظر اليه وهو حقوق
المحافظات وما يجري من علاقة من المركز والمحافظات وبيني ما بين الله فإن حقوق المحافظات تؤكل من قبل الحكومة المركزية وهذا الأمر ليس
بالجديد فله خلفياته في الحكومة السابقة وكنا ننادي ونصرخ في الكواليس ولم يكن يبالي احد ولكن الآن فإن الموازين قد اختلفت . فإذا كنت انا اصبر
فأن غيري لا يصبر ، وإن كنت أقبل فإن غيري لا يقبل والذي لا تعطيه بالقانون قد يأخذ منك بطريقة أخرى لذلك نريد قليلا من العدالة والانصاف
لواقع المحافظات لأنها تعيش الأمرين . والله لا توجد محافظات في الجنوب او الغرب أو الوسط تعيش حالة راحة فالشباب دائما في بطالة والواقع
الأقتصادي يتردى بشكل كبير جدا والواقع الأجتماعي يعاني ما يعاني ومجالس المحافظات تقول انه لا توجد لدينا تلك الحقوق والصلاحيات التي تمكن
من معالجة تلك المسائل .
وحول الحديث عن ترشيق الوزارات قال سماحته :
الآن الحديث عن ترشيق الوزارات وأنا اعتقد انهم قبل ترشيق الوزارات عليهم ان يفكروا بالعمل بقانون المحافظات والذي من شأنه ان يقلص من
الوزارات بشكل اوتوماتيكي ويقلل حالة اللجوء الى المركز بشكل طبيعي . فوزارة البلديات لا تبقى ووزارة الإعمار والأسكان لا تبقى ووزارة التربية
بشكلها تذهب ووزارة التعليم العالي تذهب اذا ما طبقت هذه الصلاحيات وهذه القوانين . فقبل ان نرشق وزاراة ومناصب تعالوا ورشقوا القوانين
فالحديث عن القانون واحترام القانون وما الى ذلك حديث وجدنا منه الشعارات اكثر مما وجدنا منه التنفيذ والتطبيق والناس اليوم أكثر رعبا وقلقا مما
مضى من السنين بسبب ان القانون لا يعمل به بل القانون يتحول الى العوبة بيد من يتسلط وحادثة مفوض الشرطة مع نائب عميد كلية ابن رشد اذا ما
ذكرتنا بشيء فإنها تذكرنا بأن المؤتمن على القانون قد يخون القانون ويجعله سبيلا للفساد والأفساد . لذلك اتمنى على اخواننا من رئيس مجلس
الوزراء الى رئيس مجلس النواب مع احترامي الكبيرين لهما ولكن هذا التصعيد الموجود لن ينفع احدا من العراقيين ولكن قدر من الحق من هذا
ومقدار من الحق من ذاك يؤدي الى حل . ولكن انا انظر اليك بمنظار وأنت تنظر الي بمنظار معاكس وأنا اخونك وانت تخونني ففي النهاية انت سالم
وانا سالم ومن يقع فيها هو ابن الشعب .
أنا لا اتهم احدا ولكن لا اعتقد بوجود بريء من هؤلاء فكلهم على حد سواء ، فكل الكتل لا يوجد فيها بريء فهذا يتمترس في هذه القضية وذاك
يتمترس في تلك القضية فهم ليسوا ابرياء ولكن هذا عنده حق ويخلط مع الكثير من الباطل وذاك عنده حق ويخلط معه الكثير من الباطل . النتيجة هي
ان أكثر من سنتين ولا زال العراقي لا يجد أملا في الحياة ويجد ان الأمور تتراجع . نعم لا شك ان هناك انجازات وتقدما في بعض الميادين ولكن يا ترى
هل أنه يتناسب مع حجم الأموال التي صرفت ومع حجم الترهل الكبير الموجود في داخل الدولة ؟ . نحن يوميا أمامنا خبر أننا اكتشفنا المناصب
الوهمية الفلانية واكتشفنا الأبتزاز الفلاني واكتشفنا الفساد الفلاني واكتشفنا وإكتشفنا ثم ماذا ؟ . وهذه الصورة واضحة جدا فقضية تفجير سامراء كم
مضى عليها فلماذا يتأخر تنفيذ الأعدام بالمجرم الذي قاد تلك العملية فأين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء من كل ذلك ؟ . وهذا سؤال يقود وراءه
مئات بل آلاف الملفات ، فجريمة تسببت بأكبر كارثة وجدانية وإجتماعية في تاريخ العراق المعاصر ومع ذلك يتم التراخي فيها وكتابنا وكتابكم وهذا
يصعد وذاك ينزل والنتيجة لحد اليوم لم ينفذ حكم الإعدام بمن تسبب بواحدة من أخطر الفتن الطائفية التي مرت .
وختم سماحته الخطبة بالقول :
أنا أعود وأقول بلسان الناصح فأنا والله لست عدوا لطرف ولست أيضا حليفا مع طرف فأنا انظر الى العراقي وهو يتجرع غصص الحرمان والمظلومية
وأنظر الى أولئكم وأٌقول في نفسي او أذكر نفسي بما كان الشهيد الصدر الأول رضوان الله تعالى عليه ( لا تلعنوا هارون لأنه قتل موسى بن جعفر
ع فهارون إمتلك دنيا وجاء موسى بن جعفر يهدده في دنياه هذه ، ولكن ماذا لو وضعتم انفسكم بدلا من هارون أتقتلون موسى بن جعفر أم لا ؟ .
والعبرة والتاريخ والتجربة أثبتت أن الأمور ليست بعيدة عن ان تتكرر تجربة هارون الخرق لأن من يأكل عرق الناس وجهد الناس يمكن أن يشرب
دماءهم . فأنا اعود وأقول دعوا صخبكم بعيدا عن الناس وانظروا الى الناس بعين الرقة والأحترام ، بعين الرأفة والرحمة وأنا مجبر أن أذكر بهذه
الرواية العظيمة في قوله لعلي بن يقطين حينما جاء له وقال يا ابن رسول الله إن هذا الظالم قد استوزرني فقال له اقبل ياعلي ولكن إضمن لي
واحدة وأضمن لك ثلاث أشياء . فأما التي لك علي أن لا يمس جسمك الحديد أي لا تقتل . وأن لا يدخل الفقر الى بيتك وأن أكون أنا شفيعك يوم
القيامة . أما التي لك علي إذا جاء أخ لك في حاجة فإقضها . فحاجة الأنسان المحتاج اذا جاء وأرادها منك فأدها له فهل ترى حققنا ذلك . وحده من
عزى الأمام هو من كان قد بادر لقضاء حوائج المحتاجين وأما الذي تسبب بحوائج هؤلاء فعليه ان يترقب يوما يذله الله سبحانه وتعالى فإن الله لا
يحارب بالحجارة حاشاه ولكن يرد العين بالعين ولو بعد حين .