بسم الله الرحمن الرحيم
حوار بين شيخ سني وشيخ شيعي حول زواج المتعة
السلام عليكم ...
حوار حول زواج المتعة دار بين أحد علماء السنة من مدينة بيشاور وهو الشيخ عبد السلام وأحد علماء الشيعة وهو السيد محمد الموسوي الشيرازي المعروف بسلطان الواعظين
ومصدر هذا الحوار كتاب : ( ليالي بيشاور مناظرات وحوار ) تأليف السيد محمد الموسوي الشيرازي
الحوار:
الشيخ عبد السلام : ما هو دليلكم من كتاب الله عزّ وجل على تشريع الزواج المؤقت ، هل عندكم دليل صريح من القرآن الحكيم ؟
سلطان الواعظين : نعم دليلنا من القرآن الكريم في تشريع الزواج المؤقت الآية الكريمة التي تصرّح وتقول : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) . هذا هو صريح حكم الله جل وعلا وما نُسخ بآية أخرى ، فيكون الحكم باقياً إلى آخر الدنيا ، فإنّ حلال محمد صلى الله عليه وآله وسلم حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة .
الشيخ عبد السلام : كيف عرفتم أنّ هذه الآية تشير إلى الزواج المؤقت !!! فإن الاستمتاع يحصل في الزواج الدائم وإيتاء الأجور هو المهر واجب فيه وفرض أيضاً ؟
سلطان الواعظين : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من فسّر القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار . فلا بد في مثل هذه القضايا المشتبهة أن نراجع كتب التفسير ، وأنّ فسريكم مثل الطبري في تفسيره ج5 والفخر إبرازي في تفسيره ج 3 وغيرهما ذكروا في تفسير الآية الزواج المؤقّت وقالوا بأنّ الآية نزلت في تشريع الزواج المؤقت . لإضافةً على بيان مفسريكم في تفسير الآية الكريمة فإنكم تعلمون أنّ الله عزّ وجل في سورة النساء قد بيّن أنواع النكاح المشروع في الإسلام فقال : ( فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدةً أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاّ تعدلوا * وأتوا النساء صدقاتهن نحلة ... ) وقال سبحانه في الآية 24 : ( وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ...) في هذه الآية صرّح بتشريع الاستمتاع من النساء مقابل أجر فرض بينهما ، والإستمتاع هو زواج المتعة أو المؤقت .
وشرّع نوعاً ثالثاً في النكاح وهو ملك اليمين ، فقال عزّ وجل : ( ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن مّا ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ...) فإذا كانت آية الاستمتاع أيضاً تتضمن الزواج والنكاح الدائم فيكون ذكر هذا الموضوع في سورة واحدة مكرراً ، وهذا إلى اللغو أقرب ، وحاشا كلام الله العزيز من اللغو ، والله جل جلاله حكيم واللغو لا يصدر من الحكيم . ثم أننا نجد الكلمات والتعابير في الآيتين مختلفة ، ففي الآية الأولى يقول سبحانه : ( فأنكحوا ما طاب لكم من النساء ..... وآتوا النساء صدقاتهن ) وفي الآية الثانية يقول تعالى : ( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن أجورهن ) فبدّل النكاح بالاستمتاع والصداق بالأجور . كما أن المؤرّخين قد ذكروا أنّ المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يتزوجون بزواج المتعة وهو الزواج المؤقت ، فإذا كانت آية المتعة – على حدّ زعمكم – تشير إلى الزواج الدائم لا المؤقت ، فما هي الآية التي عرف المسلمون منها وفهموا الزواج المؤقت ؟ وعلى استناد أيّة آية من كلام الله العزيز شرّع لهم الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم زواج المتعة ؟ .
أمّا الروايات الواردة والأخبار المروية في المتعة والزواج المؤقت في كتبكم المعتبرة من علمائكم فكثيرة لا يمكن رفضها ونقضها لأنّ بعضها جاءت في الصحاح ، فقد روى البخاري في صحيحه كتاب التفسير باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج وأحمد في المسند ج 4 ص 429 عن أبي رجاء عن عمران بن الحصين أنّه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينزل قرآن بحرمتها ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات ، قال رجل برأيه ما يشاء . وروى مسلم في صحيحه ج 1 ص 535 باب نكاح المتعة عن عطاء قال : قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه في منزله ، فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال : استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى عهد أبي بكر وعمر . وروى مسلم في نفس الجزء 467 في نفس الباب وفي كتاب الحج باب التقصير في العمرة مسنداً عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبد الله إذْ أتاه آت فقال : إنّ ابن عبّاس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم نهانا عنهما عمر . ورواه أحمد في المسند ج 1 ص 25 بطريق آخر باختلاف يسير في اللفظ . وروى مسلم في صحيحه نفس الجزء باب نكاح المتعة بسنده عن أبي الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر ، حتى نهى عمر عنه في شأن عمرو بن حريث . وفي صحاحكم ومسانيدكم توجد أخبار أخبار وروايات كثيرة جداً في هذا الباب لا مجال لذكرها ، وكلها تكشف عن عمل الصحابة بالمتعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وأوائل عهد عمر ثم نهاهم عمر عنها وتوعّد من يستمتع بالرجم . إضافة على ما نقلت لكم ، فإن مفسريكم قد نقلوا روايات حاصلها أنّ جماعة من الصحابة منهم أبي بن كعب وابن عباس وعبد الله بن مسعود وسعيد بن جبير والسّدي وغيرهم كانوا يقرؤون الآية هكذا : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى . رواها جار الله الزمخشري في الكشاف عن ابن عباس ومحمد بن جرير الطبري في تفسيره والفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب والثعلبي في تفسيره ونقل العلامة النووي في شرح صحيح مسلم في باب نكاح المتعة عن القاضي عياض عن المازري أنه روى عن عبد الله بن مسعود : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى . ويروي الفخر الرازي عن أبي بن كعب وعن ابن عباس مثله ثم قال : والأمة ما أنكروا عليهما في هذه القراءة فكان ذلك إجماعاً على صحة ما ذكرنا . ويقول بعده بورقة : فإنّ تلك القراءة لا تدلّ إلاّ على أنّ المتعة كانت مشروعة ، ونحن لا ننازع فيه .
الشيخ عبد السلام : نعم نتّفق معكم على أنّ المتعة كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وربّما نسخها ، فما دليلكم على عدم نسخها ؟
سلطان الواعظين : أولا : كلامكم في النسخ إدّعاء محض ، ولا بد للمدّعي من إقامة الدليل لإثبات إدّعائه ، فنحن نطالبكم بالدليل . ولكن مماشاة لكم وتلبية لطلبكم أقول : دليلنا على عدم نسخها في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الروايات التي ذكرناها ولا سيّما قول عمر : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أحرّمهما وأعاقب عليهما ، في بعضها : وأنا أنهى عنهما .
كما أن عمل الأصحاب وسيرتهم في خلافة أبي بكر على ذلك أيضاً .