عشية الانسحاب الاميركي العسكري من العراق، تدخل منطقة الشرق الاوسط في مرحلة جديدة ترتسم ملامحها بتصعيد اميركي – ايراني يشبه ذلك الذي كان سائداً في ظل ولاية الرئيس الاميركي السابق جورج بوش.
فاللغة التي تستخدمها ادارة اوباما في معرض الرد على ما اعلنته من اكتشاف "مؤامرة" ايرانية لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة، تتماثل تماماً مع تلك التي كانت تستخدمها الادارة السابقة.
التصعيد الاميركي الجديد يطرح كثيراً من التساؤلات عما يمكن ان تقود اليه مرحلة التصعيد الاميركي – الايراني الان. وفي مقدم الاهداف الاميركية احتواء النفوذ الايراني في المنطقة في مرحلة ما بعد الانسحاب العسكري الاميركي من العراق. إذ ان واشنطن لاتريد للعراق ان يقع كلياً تحت نفوذ طهران، خصوصا وان علاقات العراق مع السعودية ودول الخليج العربية الاخرى لم تشهد تطوراً يمكن ان يحدث توازناً عربياً مع النفوذ الايراني.
واذا ما بقيت الامور سائرة في الاتجاه الذي تسير عليه الان، فإن العراق سيجد نفسه في موقع التحالف الطبيعي مع ايران وسوريا. وهذا ما ستحاول واشنطن تفاديه سواء بتطويق طهران بمزيد من العقوبات الدولية وبقطيعة تامة مع باقي دول الخليج، أم بإشغال سوريا بأوضاع داخلية مضطربة لا تسمح لها بالعودة الى فترة الاستقرار التي عرفتها مدى 40 عاماً.
لكن التجييش الاميركي الجديد و"لغة الحرب" التي تستخدمها ضد ايران اليوم تحمل في طياتها مخاطر كثيرة، في مقدمها احتمال ان تتخذ اسرائيل من التوتر الجديد مظلة لشن ضربة عسكرية على المنشآت النووية الايرانية. ففي جو مشحون بالعداء الاميركي والاقليمي ضد ايران على خلفية الاتهامات الاميركية لها بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن قد تجد اسرائيل ان هذه فرصتها لتوجيه ضربتها العسكرية.
ويعزز هذا الاحتمال الضعف الذي يعانيه اوباما حيال اسرائيل في الوقت الحاضر. فهو يريد بأي شكل تحسين صورته لدى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد الفتور الذي اعترى علاقات الرجلين اثر مطالبة الرئيس الاميركي رئيس الحكومة الاسرائيلية بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية كي يكون متاحاً معاودة المفاوضات مع الفلسطينيين.
والآن يريد اوباما التكفير عن هذا "الخطأ". وقد بدأ ذلك فعلاً من خلال وضع ثقله لاجهاض حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة. وقد يتمادى اوباما في استرضاء اسرائيل في سنة الانتخابات الرئاسية الاميركية، فيغض الطرف عن توجيه اسرائيل ضربة استباقية الى المنشآت النووية الايرانية.
لكنه، إن فعل، يكون ارتكب خطأ اسوأ من ذلك الذي ارتكبه بوش الابن بقراره غزو العراق. ولكن ماذا لو كان يرى ان هذا ثمن بقائه في البيت الابيض لولاية ثانية؟!