وفي الحديث : أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تضرب اليتيم حتى يتلبط أي ينصرع مسبطا على الأرض أي ممتدا ، وفي رواية : تضرب اليتيم وتلبطه أي تصرعه إلى الأرض .
فأما اليتيم ) يا محمد ( فلا تقهر ) يقول : فلا تظلمه ، فتذهب بحقه ، استضعافا منك له .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة
( فأما اليتيم فلا تقهر ) [ ص: 489 ] أي : لا تظلم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد
( فأما اليتيم فلا تقهر ) قال : تغمصه وتحقره . وذكر أن ذلك في مصحف عبد الله ( فلا تكهر ) .
الأولى : قوله تعالى : فأما اليتيم فلا تقهر أي لا تسلط عليه بالظلم ، ادفع إليه حقه ، واذكر يتمك قال الأخفش . وقيل : هما لغتان : بمعنى . وعن مجاهد فلا تقهر فلا تحتقر . وقرأ النخعي والأشهب العقيلي ( تكهر ) بالكاف ، وكذا هو في مصحف ابن مسعود . فعلى هذا يحتمل أن يكون نهيا عن قهره ، بظلمه وأخذ ماله . وخص اليتيم ; لأنه لا ناصر له غير الله تعالى فغلظ في أمره ، بتغليظ العقوبة على ظالمه . والعرب تعاقب بين الكاف والقاف . النحاس : وهذا غلط ، إنما يقال كهره : إذا اشتد عليه وغلظ . وفي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي ، حين تكلم في الصلاة برد السلام ، قال : فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوالله ما كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني . . . الحديث . وقيل : القهر الغلبة . والكهر : الزجر .
الثانية : ودلت الآية على اللطف باليتيم ، وبره والإحسان إليه حتى قال قتادة : كن لليتيم كالأب الرحيم . وروي عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قسوة قلبه فقال : " إن أردت أن يلين ، فامسح رأس اليتيم ، وأطعم المسكين " . وفي الصحيح عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى .
ومن [ ص: 89 ] حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي ، من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم ، فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي ، اشهدوا أن من أسكته وأرضاه ؟ أن أرضيه يوم القيامة " . فكان ابن عمر إذا رأى يتيما مسح برأسه ، وأعطاه شيئا . وعن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من ضم يتيما فكان في نفقته ، وكفاه مؤونته ، كان له حجابا من النار يوم القيامة ، ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة . وقال أكثم بن صيفي : الأذلاء أربعة : النمام ، والكذاب ، والمديون ، واليتيم .