جاء في كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين لمحمد بن أبي بكر الزرعي(ابن قيم الجوزية)
دار الكتب العلمية سنة النشر: 1411هـ/1991م
رقم الطبعة: ط1
عدد الأجزاء: أربعة أجزاء
نقلا من الجزء الثاني من الكتاب جاء فيه : وخفي على عمر تيمم الجنب فقال : لو بقي شهرا لم يصل حتى يغتسل ، وخفي عليه دية الأصابع فقضى في الإبهام والتي تليها بخمس وعشرين حتى أخبر أن في كتاب آل عمرو بن حزم [ ص: 193 ] أن رسول الله صلى الله عليه واله قضى فيها بعشر عشر ; فترك قوله ورجع إليه ، وخفي عليه شأن الاستئذان حتى أخبره به أبو موسى وأبو سعيد الخدري ، وخفي عليه توريث المرأة من دية زوجها حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان الكلابي - وهو أعرابي من أهل البادية - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ، وخفي عليه حكم إملاص المرأة حتى سأل عنه فوجده عند المغيرة بن شعبة ، وخفي عليه أمر المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر ، وخفي عليه سقوط طواف الوداع عن الحائض فكان يردهن حتى يطهرن ثم يطفن حتى بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فرجع عن قوله ، وخفي عليه التسوية بين دية الأصابع وكان يفاضل بينها حتى بلغته السنة في التسوية فرجع إليها ، وخفي عليه شأن متعة الحج وكان ينهى عنها حتى وقف على أن النبي صلى الله عليه واله أمر بها فترك قوله وأمر بها .
وخفي عليه جواز التسمي بأسماء الأنبياء فنهى عنه حتى أخبره به
طلحة أن النبي صلى الله عليه واله كناه أبا محمد فأمسك ولم يتماد على النهي ، هذا وأبو موسى ومحمد بن مسلمة وأبو أيوب من أشهر الصحابة ، ولكن لم يمر بباله رضي الله عنه أمر هو بين يديه حتى نهى عنه ، وكما خفي عليه قوله تعالى { إنك ميت وإنهم ميتون } وقوله { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } حتى قال : والله كأني ما سمعتها قط قبل وقتي هذا ، وكما خفي عليه حكم الزيادة في المهر على مهر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته حتى ذكرته تلك المرأة بقوله تعالى : { وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا } فقال : كل أحد أفقه من عمر حتى النساء ، وكما خفي عليه أمر الجد والكلالة وبعض أبواب الربا فتمنى أن رسول الله صلى الله عليه واله كان عهد إليهم فيها عهدا .
وكما خفي عليه يوم الحديبية أن وعد الله لنبيه وأصحابه بدخول مكة مطلق لا يتعين لذاك العام حتى بينه له النبي صلى الله عليه واله . وكما خفي عليه جواز استدامة الطيب للمحرم وتطيبه بعد النحر وقبل طواف الإفاضة وقد صحت السنة بذلك ، وكما خفي عليه أمر القدوم على محل الطاعون والفرار منه حتى أخبر بأن رسول الله صلى الله عليه واله قال { : إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها ، فإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه } هذا وهو أعلم الأمة بعد الصديق على الإطلاق .